يواجهُ العِراق تحدّياً أمنياً جديداً، بسبب افتقاره للسيطرة على الطائرات المُسيّرة التي تُستخدَمُ بشكلٍ متزايد خلال الأشهر الماضية. فقد أفادت مصادرٌ أمنية عراقية أواخر تموز الماضي بأن طائرات مسيّرة مجهولة كانت قد شوهدت بالقرب من #قضاء_هيت في محافظة #الأنبار، غربي البلاد. وأكدت المصادر بأنه من المرجح أن تكون ملكية هذه الطائرات تعود إلى تنظيم #داعش.

ففي معارك الموصل، غالباً ما لجأ التنظيم إلى استخدام هذه الطائرات في استهدافه لقوات الأمن العراقية من خلال تحميلها بالصواريخ التي كانت تُسقِطها بعد ذلك على المجمعات العسكرية العراقية.

ومع ذلك، يبدو أن «داعش» ليس المجموعة غير الحكومية الوحيدة التي تستخدم الطائرات المسيرة في العراق. ففي 23 تموز الماضي، عُثِر على طائرة مسيرة تحمل صاروخ يزن 2 كيلو غرام في #الجادرية وسط #بغداد، إلا أنه لم يتم الكشف عن الجهة التي تعود إليها تلك الطائرة. الأمر الذي زاد من مخاوف بغداد، التي تعاني أصلاً من الأزمات الأمنية والسياسية.

من جهتها، لم تكشف السلطات العراقية عن أية معلومات تتعلق بالطائرة المُسيّرة التي عُثِر عليها في منطقة رئاسية على بعد مئات الأمتار فقط من #المنطقة_الخضراء في #بغداد.

وكانت هذه الطائرة قد سقطت في مجمّعٍ مجاور لمنزل الرئيس #برهم_صالح. ويعتبر #حسين_علاوي، أستاذ الأمن القومي في #جامعة_النهرين في بغداد، هذه الحادثة «خرقاً كبيراً للأمن القومي العراقي».

كما سقطت في اليوم ذاته، طائرة أخرى مسيرّة مجهولة الهوية في بلدة #الصينية في #قضاء_بيجي التابعة لمحافظة #صلاح_الدين. وتقع بلدة الصينية، وهي بلدة صغيرة، وسط الصحراء وتربط محافظة صلاح الدين بمحافظة الأنبار. ويعرف عن استخدام تنظيم داعش لهذه المنطقة بشكل منتظم في تدريباته وأنشطته الإرهابية الأخرى.

ويقول “تحسين الخفاجي”، الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة في العراق: «نحن نحظر على أية طائرة التحليق في الأجواء العراقية ما لم يتم التنسيق مع قيادة العمليات المشتركة والحصول على موافقتها».

ويضيف متابعاً: «تقوم قيادة العمليات المشتركة بإبلاغ قيادة الدفاع الجوي، ويتم اعتبار أي طائرة تحلق في سماء العراق دون موافقة الحكومة طائرة معادية. ونقوم باعتقال أي شخص يستخدم طائرات مسيرة بدون الحصول على موافقة مسبقة. ولطالما لجأ تنظيم داعش إلى استخدام الطائرات المسيرة، ولا زال بإمكاننا إيقافها عن بعد. كما بإمكاننا في بعض الاوقات إسقاط تلك الطائرات».

ليس لدى العراق قانون يحظر استخدام الطائرات المُسيّرة. وغالباً ما يتم استيراد هذا النوع من الطائرات، حيث تُشترى في معظم الأحيان كأدوات للتصوير الفوتوغرافي، ثم بيعها بشكلٍ غير قانوني بعيداً عن أنظار السلطات وبدون موافقتها.

واليوم، معظم الطائرات المسيرة في العراق ليست طائرات عسكرية كتلك التي استُخدِمت في عملية اغتيال قائد القوات شبه العسكرية العراقية #أبو_مهدي_المهندس وقائد #فيلق_القدس #قاسم_سليماني. حيث تُستخدم الطائرات في عمليات التصوير الفوتوغرافي ويتم تطويرها فيما بعد محلياً لأداء أغراض أخرى.

من جانبه، صرّح “حاكم الزاملي” رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق في #مجلس_النواب العراقي، أواخر تموز الماضي بأنه «يتم استخدام الطائرات المسيرة في العراق في عملية تهريب المخدرات، وربما يتم استخدامها في عمليات الاغتيال أيضاً».  حيث أشار “الزاملي” إلى أن الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة تستخدم هذه الطائرات «في عمليات التهريب».

كما تحدث مصدرٌ استخباراتي رفيع المستوى في وزارة الداخلية العراقية عن آلية استخدام الطائرات المسيّرة، مشيراً إلى أن العصابات والقبائل وكذلك تنظيم داعش «يستخدم الطائرات المسيرة». وأضاف المصدر أن بعض القبائل التي تقوم بعمليات التهريب في جنوبي العراق «تلجأ إلى استخدام هذه الطائرات للاستطلاع قبل تنفيذ أي عملية تهريب».

وأضاف المصدر موضحاً: أن «العشائر تستخدم الطائرات المسيرة للاستطلاع فقط، بينما تستخدم عصابات تهريب المخدرات هذه الطائرات كوسيلة للنقل. كما يستخدمها تنظيم داعش للاستطلاع  قبل دخول وخروج أعضائه من وإلى العراق وسوريا».

من جهته، يقول “فاضل أبو رغيف”، الخبير الأمني والمقرب من المخابرات العراقية: «تُستخدم الطائرات المسيّرة على نطاقٍ واسع في العراق. والاستخدام السلبي يرجع إلى عدم السيطرة على الحدود في الماضي، وكذلك دخول هذه الطائرات عبر المنافذ الرسمية».

ويتابع قائلاً: «والسبب الآخر هو أن #المخابرات_العراقية لا تستخدم تقنياتها في تعطيل الطائرات المسيرة. فالعصابات تستخدمها لتهريب المخدرات، لأنها أكثر أماناً من المخاطرة بحياة أعضائها. ومع ذلك، فإن الطائرات المسيّرة تطير من مسافة قريبة، وبالتالي يسهل على قوات الأمن السيطرة عليها».

وقد سبق وأن اعتقلت قوات الأمن العراقية صحفيين ومصورين لالتقاط صور بواسطة طائرات مسيّرة. وبرروا هذه الاعتقالات بأنه لم يتم منح الموافقة المسبقة على استخدام هذا النوع من الطائرات.

وبالنسبة لبلدٍ مثل العراق، الذي ليس لديه نظام دفاع جوي كما يجب، يمكن للطائرات المسيّرة أن تجد طريقها بسهولة إلى سمائه. وقد وثقت العديد من مقاطع الفيديو طائرات مسيّرة مجهولة الهوية تجوب سماء البلاد دونما رادع.

وفي أوائل نيسان الماضي، نشرت جماعة #عصبة_الثائرين، المقربة من #إيران، مقطع فيديو لطائرةٍ مسيّرة تحلق فوق #السفارة_الأميركية في بغداد في حادثةٍ غير مسبوقة. وفي السابع من كانون أول 2019، أطلقت طائرة مسيّرة مجهولة صاروخاً على منزل زعيم #التيار_الصدري #مقتدى_الصدر.

ويتوقّع الخبراء أن تتبنى الفصائل المسلحة المقربة من إيران تقنيات جديدة لاستهداف المصالح الأميركية في العراق، بما في ذلك استخدام الطائرات المسيّرة، كما هو الحال في #اليمن، حيث حققت هذه الطائرات بنجاح، أهدافاً لم يتمكّن #الحوثيون من تحقيقها من خلال الضربات البرية.

كما أنّه من المُرجّح، أن يشهد العراق في المستقبل زيادةً كبيرة في استخدام هذه الطائرات المُسيّرة لأغراضٍ سياسية أو عشائرية، كما قد تستخدمها الميليشيات المُسلّحة المناهضة للولايات المتحدة في العراق. وهذا سيجعل من الصعب على #القوات_العراقية تحديد الطرف الذي تعود إليه المُسيّرات المجهولة.

 

المصدر: (Al-Monitor)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.