يعتقدُ محلّلون أن حالات الإصابة بفيروس #كورونا في #سوريا قد تصل إلى مليوني حالة، في وقتٍ تقف فيه #الحكومة_السورية بعيدةً عن إعادة فرض قيود للحد من انتشار الجائحة.

حاول “وسام كنعان” الحصول على موافقة لإدخال والد زميلته إلى المستشفى في منتصف آب الحالي، إلا أن جهوده باءت بالفشل، ليلقى الرجل الثمانيني حتفه في صباح اليوم التالي إثر إصابته بالوباء.

يقول “كنعان”، وهو كاتب وصحفي سوري: «تلقينا اتصالاً من  زميلة لنا تطلب المساعدة لوالدها البالغ من العمر ثمانين عاماً. لقد كان مصاباً بفيروس كورونا، وشعرت بأنه بحاجة إلى الذهاب إلى المستشفى على عجل».

ويتابع قائلاً: «تواصلنا مع عددٍ من المستشفيات العامة والخاصة، إلا أن مهمتنا كانت مستحيلة بالرغم من اللجوء للاتصال ببعض الفنانين والشخصيات البارزة».

تعتيمٌ على الحقيقة

وفي الوقت الذي تدّعي فيه الحكومة السورية أن عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا في سوريا عدة مئات من الحالات، مع وجود 425 حالة شفاء و68 حالة وفاة، فإن العديد من الدلائل تشير إلى أن الأرقام الحقيقية تتجاوز ذلك العدد بكثير.

من جانبه، أعلن مكتب دفن الموتى في #دمشق، في الـ 29 تموز الماضي، تسجيل 133 حالة وفاة في ذلك اليوم في محافظة دمشق، في حين كان العدد يتراوح بين 25 إلى 35 حالة وفاة في اليوم خلال السنوات السابقة.

علاوةً على ذلك، أشار نائب مدير الصحة في دمشق إلى أن عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا في محافظتي دمشق وريف دمشق يبلغ 112 ألف حالة.

ونظراً لامتناع الأطباء والمسؤولون في الصحة عن الإفصاح عن الأرقام الحقيقية لعدد الإصابات بالفيروس القاتل، يعقّب العديد من المسؤولين والشخصيات العامة على الوضع الذي لم يعد بالإمكان السيطرة عليه في البلاد.

دراسةٌ تكشف الأعظم

ورغم غياب البيانات الموثوقة، تتوقع دراسة صادرة عن كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في لندن (LSE) أن معدل الإصابة الحالي قد يصل إلى مليوني حالة في البلاد بحلول نهاية الشهر الحالي.

وتقدم الدراسة المذكورة أربعة سيناريوهات مختلفة، خاصة في شهر آب، حيث يمكن لعدد الحالات أن تتفاوت بحسب إجراءات الاحتواء المفروضة من الحكومة السورية والوعي العام للشعب. كما تقدر الدراسة أن عدد حالات الإصابة الفعلية في الوقت الحالي يقارب الـ 35500 حالة.

وفي السيناريو الأول، يزداد الوعي العام بشكل بطيء، مع غياب اتخاذ أية إجراءات احتواء فعالة للفيروس من قبل الحكومة السورية، الأمر الذي سوف يؤدي إلى انتشار الفيروس على مستوى كبير بحيث يصل إلى مليوني حالة إصابة و119 ألف حالة وفاة.

«على الحكومة السورية فرض إغلاق تام وكامل بما في ذلك إغلاق جميع الفعاليات الاقتصادية باستثناء الأساسية منها»، يقول “زكي محشي” باحث في (LSE) وباحث رئيسي ضمن فريق الدراسة المذكورة.

ويضيف: «في الحقيقة، اتخذت الحكومة السورية إجراءات صارمة للحد من انتشار الفيروس لبضعة أسابيع خلال شهر نيسان الماضي، عندما كان عدد الحالات لا يزال منخفضاً نسبياً. لكن يبدو بأن لدى الحكومة اليوم أسبابها لعدم تطبق مثل هذه الإجراءات مجدداً».

أما السيناريو الثاني والثالث، فيمكن أخذهما بعين الاعتبار في حالة تطبيق التزام عام واسع النطاق واتخاذ تدابير احتواء صارمة وفعالة من قبل الحكومة. وبالنسبة لهذه السيناريوهات، فيمكن للحالات أن تتراوح ما بين 101 ألف حالة إلى 290 ألف، ذلك بحسب مستويات الوعي وتدابير الاحتواء.

إلا أنه وبأخذ الوضع الحالي بعين الاعتبار، فإن السيناريوهين المطبقين هما إما السيناريو الأول أو السيناريو الرابع، نظراً لاستمرار امتناع الحكومة عن تطبيق الإجراءات المطلوبة.

حيث يقترح السيناريو الرابع، تقدماً مرحلياً يتضمن السيناريوهات الثلاثة. وفي هذا السيناريو يمكن لعدد حالات الإصابة أن يصل إلى 449 ألف إصابة بالإضافة إلى 24100 حالة وفاة.

وقال “محشي”: «يستند السيناريو الأول إلى هذا الافتراض القوي بأن العدد الأساسي لانتشار الحالات يتغيّر، ليس فقط مع اتخاذ التدابير الوقائية الصارمة من قبل الحكومة، وإنما كذلك مع زيادة الوعي بين الناس».

ويتابع: «هذا بالضبط ما يحدث الآن في سوريا، خاصةً في المدن الكبرى، حيث يرتدي الناس الكمامات ويتجنبون الاتصال المباشر. لذا من الممكن التحول إلى السيناريو الرابع مع مزيدٍ من الوعي والالتزام الأفضل من السوريين».

ويوصي الباحثون أيضاً باستجابة دولية فيما يخص الوضع الحالي، حيث يمكن توجيه المساعدات الدولية إلى المنظمات الدولية «الأقل تسييساً» مقارنةً بالسلطات المحلية السورية.

وبالرغم من حقيقة عدم تأثر المساعدات الموجهة إلى القطاع الصحي في سوريا بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، إلا أن “محشي” يرى أن مثل هذه الاستجابة يمكن أن تواجه العديد من التحديات.

حيث يقول موضحاً: «تُفضّل العديد من الجهات المانحة للمساعدات، تجنّب مخاطر التعامل مع سوريا. ولهذا السبب هناك حاجة إلى هياكل وقنوات مالية موازية يتم مراقبتها وتأمينها لدعم مبادرات المجتمع المدني بشكلٍ مباشر داخل سوريا، بدون إضفاء الشرعية على النظام».

الحكومة تستهتر بإجراءات الوقاية

وفي الوقت الذي لا تتنبّأ فيه هذه الدراسة إلا بالسيناريوهات المحتملة لشهر آب الحالي، فإن فشل الحكومة في احتواء انتشار الفيروس بشكلٍ فعال يمكن أن يكون مجرد إشارة إلى أزمة صحية كارثية تنتظر البلاد.

الأمر لا يثير استغراب السوريين، كون المستشفيات الرئيسية الكبرى في البلاد؛ غير قادرة على استيعاب مزيد من الحالات الجديدة، نظراً لتضرر القطاع الصحي بشكلٍ كبير جراء الصراع في البلاد.

وبحسب دراسةٍ أخرى صادرة عن (LSE)، فإنه ليس هناك سوى 325 سريراً مع أجهزة تنفس متاح في وحدات العناية المركزة التابعة للدولة.

وفي حين تتواجد معظم تلك الأسرة في محافظة دمشق (96 سريراً) ومحافظة اللاذقية (77 سريراً)، فإن بعض المحافظات لديها عدد قليل جداً وربما تنعدم فيها مثل حلب (5 أسرة) ودير الزور (صفر سرير).

وفي الوقت الذي تكتظ فيه مستشفيات دمشق بالحالات المصابة بفيروس كورونا، تعمل المبادرات المحلية في المدينة على زيادة خدماتها العامة المقدمة كبديل.

تقدّم “عقّمها”،  على سبيل المثال، وهي مبادرة شبابية مستقلة لمواجهة فيروس كورونا في سوريا، أجهزة تنفس واسطوانات أوكسجين محمولة بشكل مجاني للمحتاجين، بالإضافة إلى تقديم الدعم والمشورة الطبية.

 

المصدر: (Al-Monitor)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.