مَنْ الرئيس الأميركي الذي يُفضّله السّوريون.. ترامب أم بايدن؟

مَنْ الرئيس الأميركي الذي يُفضّله السّوريون.. ترامب أم بايدن؟

بعد أربعِ سنوات على ولاية باراك أوباما، تأمّل بعض السوريين المعارضين؛ خسارته في انتخابات الرئاسة لعام ٢٠١٢ أمام مرشح الحزب الجمهوري آنذاك ميت رومني، لاعتقادهم أن أي رئيسٍ جمهوري يسعى بالضرورة لنصرتهم وإسقاط نظام بشار الأسد، فمعرفتهم بالحزب الجمهوري؛ مرتبطة بعهد الرئيس جورج دبليو بوش التدخلي،  والمتشدد تجاه نظام الأسد، والذي خاض حربين في منطقة الشرق الأوسط.

فيما رأى جزءٌ آخر من السوريين، أن إعادة انتخاب باراك أوباما ذي التوجه الإنساني لولايةٍ ثانية، يجعله أكثر تحرراً من ناخبيه الذين كان يتوجه إليهم دائماً بضرورة كفاف أميركا عن لعبِ دور الشرطي والتفاتها أكثر للسياسة الداخلية ويمكّنه من التحرك لتوجيه ضربةٍ قاضية  لنظام بشار الأسد، الذي ارتكب مجازر عديدة بحق السوريين.

اليوم وبعد أربع سنوات على حكم دونالد ترامب الرئيس الجمهوري فوق العادة، والذي لم يختلف كثيراً عن أوباما فيما يتعلق بسوريا، سوى توجيهه بعض الضربات العسكرية الرمزية، يتأمّل بعض السوريين أن ولاية ترامب الثانية، ستؤدي بالضرورة لإسقاط بشار الأسد، لأنه (أي ترامب) لن يكون قلقاً من محاسبة ناخبيه له والذي وعدهم أيضاً بعدم خوض أميركا حروب الآخرين في المنطقة.

فيما يرى سوريون آخرون، أن بايدن ملتزم بمنظومة أخلاقية إنسانية ويمثل توجهاً في الحزب الديمقراطي أكثر تدخلية من أوباما، وهو بكل تأكيد سيتوجّه بالحسم نحو سوريا.

اليوم في عام ٢٠٢٠، تدار سوريا من قبل أربع قوى موجودة على الأرض؛ النظام المدعوم من روسيا وإيران والذي لايزال ممثلاً لسوريا في الأمم المتحدة. والائتلاف الذي لا يملك نظام حوكمة مؤسساتي على الأرض لكنه يكتسب شرعيته من دعم دولة إقليمية مؤثرة مثل تركيا وهو معترف به كممثل لسوريا غير الأسدية، ومجلس سوريا الديمقراطية الذي يدير عبر قواته العسكرية ثلث سوريا، ويسيطر على ثرواتها وتتواجد قواته إلى جانب القوات الأميركية، وهيئة تحرير الشام، أو تنظيم القاعدة في سوريا، والذي يسيطر على غالب مناطق شمال غربي البلاد وتتداخل مناطقه مع مناطق نفوذ “الجيش الوطني السوري” المرتبط شكلياً بالائتلاف والمسيطر عليه تركياً.

عدا تنظيم القاعدة الذي يعتقد بأن أميركا لن تأتي بخير سواء كانت إدارتها ديمقراطية أم جمهورية، فإن القوى المسيطرة على سوريا تضع الكثير من آمالها على انتخابات  ٢٠٢٠.

بالمقابل، يعتقد بعض موالو النظام السوري في أميركا من السوريين والجاليات الأخرى، أن إعادة انتخاب الرئيس ترامب ستعزز موقع الأسرة الحاكمة في سوريا، خاصةً أن ترامب لا مشكلة له في العلاقة مع أنظمة ديكتاتورية ومن الممكن دفعه لقبول النظام السوري عبر إعادة ترويجه كنظام حام للأقليات والمسيحيين وهو على خلاف الديمقراطيين الذين دعموا الإخوان المسلمين.

فيما يرى القسم الآخر من الموالين، أن ترامب مُدار من قبل ما يسمونه بـ “اللوبي الإسرائيلي” وأن بايدن أقل ارتباطاً بهذا اللوبي ويرتكز على أسس إنسانية ستجعله يتحرك بشكل أكبر تجاه تخفيف العقوبات ما قد يساهم في تقوية النظام.

أما جمهور المعارضة فجزءٌ كبير منه منحاز لدونالد ترامب، لائمين أوباما وحزبه بكل البلاء الذي وقع في سوريا، رغم أن برنامج التدريب والتسليح الذي مكّن المعارضة من السيطرة على مناطق سورية كثيرة، أُنشِئ من قبل أوباما وأُلغي في عهد ترامب.

فيما يرى فريقٌ آخر ، أن بايدن أقل إسلاموفوبيا من ترامب، وبالتالي سيكون منفتحاً أكثر على المعارضة التي تسيطر عليها تنظيمات إسلامية متطرفة.

أما جمهور مجلس سوريا الديمقراطية، فجزء كبير منه يتمنى خسارة ترامب فاحتلال عفرين، رأس العين وتل أبيض، كان أمام أعين القوات الأميركية، والتي تحركت من رأس العين وتل أبيض لتترك المجال للقوات التركية.

كما أن ترامب، لا يخفي علاقته الجيدة مع أردوغان، بالإضافة إلى أن سفير ترامب جيمس جيفري معروف بانحيازه لتركيا، أما بايدن فلم يخفي مناوئته لإدارة الرئيس التركي رجب اردوغان.

لكن الجمهور الآخر، قد يُحاجج أن ترامب استمر بدعمه لقوات سوريا الديمقراطية، وتمكّن مجلس سوريا الديمقراطية من تلقّي دعم ديبلوماسي غربي كبير في عصره، بالإضافة إلى قوننته لواقع سيطرة المجلس على منابع النفط في سوريا عبر منحهم رخصة من وزارة الخزانة الأميركية ما يمكنهم من تمويل الكثير من مصاريف الحوكمة.

تبدو جميع هذه المحاججات مُحقّة من قبل المؤمنين بها، لكنها تغفل واقعاً مهماً يكشف أن سوريا غير مهمة بالنسبة للسياسة الأميركية، إلا إذا أثّرت على سياسات أميركا تجاه دول أخرى كتركيا وايران، وتجاه ملف مكافحة الإرهاب. وأن الحل السوري لن يأتي من واشنطن، ولا يوجد فرقٌ كبير فيما يتعلق بسوريا من قبل أي من المرشحين، أو الحزبين.

والأهم من ذلك، أن السياسة التدخلية الأميركية في الشرق الاوسط، تتضاءل ولا تتمتع بأي دعم حقيقي من قبل الحزبين، فأميركا اليوم تختلف كلياً عن أميركا الحرب الباردة.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.