«نشعر بأننا مَنسيين ومُتخلّى عنّا أحياناً. العالم لا يعرف الكثير عن التحديات والصعوبات التي تواجهنا. لا تعترف جميع دول المنطقة بالتحول عن الإسلام. هذا يجعل الحياة صعبة بالنسبة لنا، خاصةً فيما يخص الزواج والجنازات والحصول على شهادات ميلاد ووفاة، لأننا لا نزال نعتبر مسلمين بالقانون».

كانت هذه كلمات القس “نهاد حسن” الذي يقود إحدى الكنائس الكردية الثلاثة في العاصمة اللبنانية #بيروت، والتي يشكل أكراد سوريا الفارّين من الحرب في وطنهم الأم أعضاءها الرئيسيين.

ويقدّر القس “نهاد” أن أعداد المسيحيين الأكراد الذين يعيشون في لبنان يفوق خمسة آلاف شخص.

«لقد هاجرت خمسون عائلة مؤخراً إلى الغرب، واعتدنا أن يكون لدينا كنيسة مزدهرة وما يفوق الـ 250 عائلة في #عفرين في شمال سوريا قبل الغزو التركي».

تحوّل القس “نهاد” المنحدر من عفرين، من الإسلام إلى المسيحية عندما كان سجيناً سياسياً في #دمشق عام 2008. وأصبح قسيساً عام 2017 بعد أن تخرّج من المدرسة اللاهوتية المعمدانية العربية في بيروت.

وخدم أيضاً التجمعات الكردية خارج بيروت في #فرزل و#قُب_إلياس و#زحلة. وعمّد الأب “نهاد” الشهر الماضي 21 مسيحياً جديداً ولا يزال هناك 15 آخرون بانتظار المعمودية، بينما كان قد عمّد في العام الماضي 26 شخصاً.

تاريخٌ طويل 

للمسيحية تاريخ طويل في كردستان. فقد وصلت إلى المنطقة بحلول القرن الخامس عندما تحولت السلالة الكردية الملكية لـلأديابيين من اليهودية إلى المسيحية. وتحوّل الأكراد في غرب الأناضول إلى المسيحية قبل القرن السابع عشر، تحوّلهم لمدة طويلة، أدى إلى خسارتهم لهويتهم العرقية، أي تحوّلوا إلى (يونايين) بالكامل قبل وصول الأتراك البدو في القرن الثاني عشر الميلادي.

إلا أن أكراد شرق الأناضول وشرق (كيليكيا) و(كابادوكيا) وجميع المتواجدين في شرق الفرات، قاوموا التّحول للمسيحية، لذلك عاقبهم البيزنطينيون، بحسب ما ورد في كتاب: (The Kurds: A Concise Handbook) للدكتور “مهرداد ازدا”.

وسُرعان ما امتد اضطهاد المسيحيين في الإمبراطورية الساسانية الفارسية إلى كردستان أيضاً، حيث وقع المسيحيون الأكراد ضحية لتجارب مشابهة لتلك التي عايشوها إخوانهم المسيحيون في بلاد فارس.

ولم يحصل هؤلاء المسيحيون على أي نوع من الحماية إلا عندما تحولت الإمبراطورية المسيحية إلى الكنيسة النسطورية الشرقية وانفصلت عن روما والقسطنطينية في القرن السادس. وعندما ظهر الإسلام في القرن السابع في الشرق الأوسط، كانت كردستان مسيحية بالدرجة الأولى.

وتسبب توسع الإسلام إلى انكماش المسيحية، حيث أجبر العديد من المسيحيين الأكراد على التماهي مع جيرانهم المسيحيين السريان في بلاد ما بين النهرين وكردستان (السريان النسطوريين).

وقد اعتمدت هذه المجموعة لاحقاً اسم الآشوريين وعاشت في أعماق جبال كردستان الشمالية بعيداً عن التأثيرات العرقية أو الوراثية للمجموعات الأخرى.

ولم تنجح قرون من الحكم الإسلامي في القضاء على الطائفة الكردية المسيحية. وعندما زار ماركو بولو المنطقة عام 1272، كتب: «في الأقسام الجبلية من مدينة #الموصل، هناك عرق من البشر يدعون الكورد، بعضهم من المسيحيين النسطوريين واليعقوبيين وآخرون من المسلمين» (أسفار).

وفي إشارةٍ أخرى إلى التأثير المستمر للمسيحية في المنطقة، لا يزال بعض الأكراد غير المسيحيين في الأناضول وكردستان الوسطى يضغطون على عجينة الخبز حتى يومنا هذا مشكلين إشارة الصليب، ويتركوا العجينة لتختمر وترتفع. كما يقومون برحلة الحج إلى الكنائس الأرمنية والآشورية التاريخية، المهجورة منها والتي لا تزال قائمة، وفق الدكتور “مهرداد ازدا”.

العيش في خوف 

اليوم، الغالبية العظمى للمسيحيين الأكراد هم إنجيليون ومن الممكن إيجاد كنائس كردية إنجيلية في #أربيل #السليمانية و#دهوك في العراق وكذلك في #كوباني #القامشلي #الحسكة و#عفرين (حتى عام 2018) في سوريا. وتقدّر أعدادهم بعشرات الآلاف من ضمنهم المجتمعات المسيحية الأصلية والمتحولة.

وفي كوباني، وبالقرب من الحدود مع تركيا، هناك خمسون عائلة من خلفيات مسلمة (يشكل مجموعهم حوالي ثلاثمائة شخص) يتعبدون في كنيسة الإخوان التي تعتبر أول كنيسة كردية إنجيلية في المدينة.

ويقول القس “نهاد”: «نحن ممتنون بأن يكون لجاليتنا هذه الكنيسة في كوباني حيث يمكنهم ممارسة طقوس العبادة والاحتفال بعيد الفصح وعيد الميلاد. حتى أنهم أحيوا ذكرى الإبادة الجماعية الأرمنية حتى نيسان من العام الماضي. إلا أنهم عاشوا حالة من القلق والخوف من أن تركيا ومواليها من الإسلاميين سوف يهاجمونهم في أي وقت ويدمرون حياتهم كما فعلوا في عفرين عام 2018».

وغزا تنظيم داعش مدينة كوباني، التي كانت تشكل موطناً لـ 450 مسيحياً، في أيلول 2014، إلا أن وحدات حماية الشعب الكردية YPG حررت المنطقة بعد معركة عنيفة في كانون الثاني 2015.

وفي وقت لاحق من العام 2015، انضمت وحدات حماية الشعب الكردية إلى جانب وحدات أخرى بتشكيل قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

كشركاء للولايات المتحدة والتحالف الدولي، كانت قسد القوة الأساسية على الأرض في محاربة تنظيم داعش. حيث خسرت ما يفوق الـ أحد عشر ألف مقاتل كانوا مسؤولون عن هزيمة خلافة التنظيم، بينما كان دور الولايات والمتحدة والمجتمع الدولي توفير الدعم الجوي والتوجيه العسكري للقوات على الأرض.

لقد أدرك الأكراد أيضاً أن هزيمة تنظيم داعش الأبدية تتطلب ما هو أكثر من مجرد العمل العسكري، إنها تتطلب الحكم.

فبعد تحرير المناطق من تنظيم داعش، بدأوا على الفور بإقامة حكمٍ ذاتي محلي وإجراء انتخابات لتعيين رئيسين مشتركين بحيث يشغل المنصب رجل وامرأة. ثم شكّلوا بعد ذلك جمعيات تعاونية اقتصادية ولجان رعاية صحية ولجنة تعليم وما إلى ذلك وبدأوا في تأمين احتياجاتهم الخاصة وتلبيتها كمجتمع، مع العمل على تعزيز التسامح الديني ومراعاة حقوق الإنسان وحقوق المرأة.

وبدلاً من إقامة دكتاتورية عسكرية كما فعل الكثيرون، شكّلوا “ديمقراطية” تسمى الآن الإدارة الذاتية المستقلة لشمال وشرق سوريا (AANES).

وتعتبر هذه المنطقة في سوريا، التي مزقتها الحرب، المكان الوحيد حيث يمكن للناس التمتع بحرية العبادة دون عوائق. وفي الحقيقة، هي المكان الوحيد في المنطقة حيث يمكن للناس أن يحوّلوا أو يغيروا دينهم بشكل قانوني.

وقد واصلت الجالية المسيحية الكردية نموها نظراً لهذه الظروف المتاحة. وسلّطت اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية (USCIRF)  الضوء في تقريرها السنوي عن سوريا للعام 2020 على الدرجة الرائعة للحرية الدينية في مناطق الإدارة الذاتية المستقلة لشمال وشرق سوريا.

ومنذ احتلالها في شهر كانون الثاني 2018، سيطرت القوات التركية على مدينة عفرين القريبة من حدودها والتي كانت تتمتع من قبل بالحقوق والحريات تحت حكم الإدارة الذاتية المستقلة لشمال وشرق سوريا.

ويقول أحد أهالي المنطقة من المسلمين: «لقد حولت الجماعات الإسلامية الموالية لتركيا عفرين إلى أرض عصابات. فقد أصبحت الاعتقالات التعسفية وعمليات الخطف لطلب الفدية والاغتصاب والاغتيالات جزءاً من حياتنا اليومية. لم تعد عفرين مدينة مفتوحة ومتسامحة ومتنوعة كما كانت عليه من قبل. لقد حولتها تركيا إلى #تورا_بورا أخرى».

وفرّت العائلات المسيحية الثلاثمائة من عفرين التي كانت يوماً ما مأوى لهم، وأغلقت الكنيسة أبوابها. وتم إغلاق مدارس الفنون والموسيقى، وفرض على التلميذات ارتداء الحجاب والنقاب.

كما فرضت السلطات، قانون الشريعة في المدينة وبلداتها المجاورة وقراها. ووجود العديد من الجماعات الإسلامية، والتي غالباً ما تتنافس وتحارب بعضها البعض من أجل الغنائم والنفوذ، من شأنه أن يزيد من الشعور السائد بالخوف وعدم الأمان.

وبالرغم من الوضع الخطير للعديد من المسيحيين في المنطقة، أمر الرئيس الأميركي #دونالد_ترامب في السادس تشرين الأول 2019 القوات الأميركية بالانسحاب من منطقة شمال شرقي سوريا.

وسرعان ما انتهزت تركيا الفرصة لشن هجوم واسع النطاق على المنطقة أطلقت عليه اسم عملية “نبع السلام”، حيث أسفر الهجوم عن مئات القتلى في صفوف المدنيين وتشريد ما يزيد عن 200 ألف مدني، بالإضافة إلى انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان والتي يعتبرها الكثيرون جرائم حرب. وطالبت روسيا خلال الفوضى بقاعدة عسكرية بينما كانت الولايات المتحدة تغادر، ودخلت قوات الحكومة منطقة شمال شرقي سوريا للمرة الأولى منذ سنوات.

من جانبه علّق “كومي نايدو” أمين عام منظمة العفو الدولية، على الهجوم التركي قائلاً: «لقد أضر بحياة المدنيين السوريين الذين أجبروا مرة أخرى على الفرار من منازلهم والعيش في خوف وقلق دائم من القصف العشوائي وعمليات الاختطاف وحالات القتل. لقد أظهرت القوات العسكرية التركية وحلفاؤها تجاهلاً صارخاً بأرواح المدنيين، كما قاموا بشن هجمات غير قانونية مميتة على مناطق سكنية أسفرت عن مقتل وجرح مدنيين».

وسعت كل من “نادين مينزا” واللورد “ديفيد ألتون” للحصول على معلومات مباشرة من خلال زيارة #مخيم_بردراش للاجئين في القسم الشمالي لسهل نينوى في الجارة العراق.

فالزيارة التي تمت بإمكانياتهم الخاصة وبدون واسطة حكومية، كانت “مينزا” من منظمة التضامن المسيحي في جميع أنحاء العالم (CSW)، قادرة على إجراءها في شهر تشرين الثاني 2019، أما “ألتون” فقد زار المخيم في شهر كانون الأول من العام ذاته.

وكان المخيم قد تأسس في شهر تشرين الأول 2019 لتوفير مأوى آمن للاجئين الفارين من القصف والاحتلال التركي لشمال شرق سوريا. ويقع هذا المخيم في منطقة مقفرة ويعد مأوى لـ 2520 عائلة حيث يضم حوالي 9894 شخص.

وقد أصبحت الخيام والملاجئ المؤقتة بديلاً للمنازل التي قصفتها الطائرات التركية. ويعود معظم اللاجئين الأكراد في مخيم بردراش إلى مدن الحسكة وكوباني والقامشلي ورأس العين في سوريا.

“سالم فرهيم محمد” 53 عاماً أحد الساكنين في مخيم بردراش، من بلدة تل تمر الواقعة شمال شرق سوريا، وهو رب أسرة مكونة من خمسة أفراد. جده كان أرمنياً وفرّ من مدينة #ماردين جنوب شرقي تركيا، عندما بدأت الإبادة الجماعية للأرمن عام 1914.

ووفّر له الأكراد في بلدة تل تمر المأوى والغذاء، حيث استقر هناك. وفي شهر تشرين الأول عام 2019، اضطر حفيده أن يصطحب أبناءه ويفرّوا من منزلهم أيضاً.

«قالوا لنا بأننا كفّار»، يقول “محمد” وتم الاستيلاء على مركباتهم وممتلكاتهم. واستغرق الأمر عشرة أيام من السفر الشاق للوصول إلى مخيم بردراش.

وقد علموا فيما بعد أن هجوماً بقذيفة هاون أدى إلى مقتل أحد أبناء عمومته. ويقول محمد: «يعتقد أردوغان أنه الرب. قال السيد ترامب أننا نحن الأكراد لسنا ملائكة. هذا صحيح، ولكننا بشر».

وتمكنت “نادين” أيضاً من السفر إلى بلدة #تل_تمر وأن ترى بأم عينها الدمار الذي خلفته الغارات الجوية التركية في هذه المنطقة المسيحية.

وبينما كانت في زيارة إلى مستشفى تل تمر، أجهش الأطباء والممرضون بالبكاء بينما كانوا يصفون حالة المدنيين الذين قدموا لهم العلاج وأولئك الذين لم يتمكنوا من إنقاذ حياتهم.

كذلك التقت “نادين” بالمسيحيين والإيزيديين في مناطق أخرى ضمن الإدارة الذاتية المستقلة لشمال وشرق سوريا وسمعت عن بيئة هذه الإدارة التي توفّر حقوق الإنسان وحرية الديانة والمعتقدات وتحقيق المساواة بين الجنسين.

ويعيش كل من المسيحيين السريان والأرمن والأكراد، وكذلك المسلمين من العرب والأكراد، والإيزيديين والمجموعات الدينية الأخرى جميعهم بسلام ويخدمون في مستويات مختلفة ضمن #قوات_سوريا_الديمقراطية والإدارة الذاتية المستقلة لشمال شرقي سوريا.

وبينما قد يكون لدى الإدارة الذاتية المستقلة لشمال شرقي سوريا قضايا متبقية ينبغي معالجتها، إلا أنها أنتجت ظروفاً لا مثيل لها في بقية الشرق الأوسط.

ولسوء الحظ، تدهورت الأوضاع في المناطق التي اجتاحتها تركيا واحتلتها منذ شهر تشرين الأول الماضي. وقد وثّقت جلسة استماع للجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية، والتي عقدت بعنوان “حماية الحريات الدينية في شمال شرق سوريا”، كيفية استهداف القوات التركية للأكراد والأقليات العرقية والدينية الأخرى من ضمنهم الإيزيديين والمسيحيين وتوثيق حالات القتل والاختطاف والاغتصاب والمحادثات القسرية والتهديدات والاعتقالات وتدمير المعالم الدينية.

كما فرض الأتراك ومرتزقتهم التغيير الديموغرافي في المنطقة من خلال نقل النازحين السوريين من أجزاء أخرى من سوريا إلى منازل هؤلاء الذين أجبروا على الفرار منها.

ووصفت منظمة مراقبة الإبادة الجماعية هذه الأفعال بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ولحسن الحظ، قرر الرئيس الأميركي إبقاء موطئ قدم بسيط للقوات الأميركية في سوريا كجزء من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش وحماية النفط.

وفي الخامس عشر من شهر أيلول المنصرم، أصدرت لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا والتابعة للأمم المتحدة تقريراً يوثق هذه الجرائم المُرتكبة. وطالبت تركيا باحترام القانون الدولي ووقف الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلحة الخاضعة لسيطرة تركيا، بما في ذلك عمليات القتل وحوادث الاختطاف وعمليات تحويل الأموال غير القانونية ومصادرة الأراضي والممتلكات والتهجير القسري.

وقال رئيس اللجنة “باولو بينيرو”: «ربما يكون الجيش الوطني السوري المدعوم من قبل تركيا قد ارتكب جرائم حرب تتمثل باحتجاز الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب والاغتصاب».

تشير الأخبار الأخيرة في عفرين، إلى أن القوات المدعومة من قبل تركيا تستهدف الآن المسيحيين الأكراد، خاصة المتحولين منهم.

“رضوان محمد” مسيحي كردي، كان قد اعتقل بسبب إقامته جنازة مسيحية لزوجته، بالرغم من أنهما قد تحولا منذ عدة سنوات. ووجّهت إليه تهمة الارتداد وهو الآن محتجز بانتظار مواجهة تهم أخرى.

وقد حضّت كل من اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية ومنظمة التضامن المسيحي في جميع أنحاء العالم تركيا على تسهيل عملية إطلاق سراحه.

كما يجب على المجتمع الدولي التحدث بصوت مسموع وممارسة الضغوطات على تركيا للتدخل وإيقاف حدوث المزيد من الاضطهاد والاعتقالات المحتملة في تلك البقعة من الأرض.

مطالب باتخاذ إجراءات صارمة وفورية 

تعد حرية الدين أو المعتقد، حق أساسي من حقوق الإنسان ويجب على الحكومات ضمانها لكل إنسان دون تمييز أو تقييد. في منطقة مثل الشرق الأوسط، المثقّل بالنزاعات لاسيما الطائفية منها، تعاني الأقليات الدينية بشكل خاص من عدم الحصانة، بما في ذلك الأكراد الذين تحولوا إلى المسيحية.

ويجب على المجتمع الدولي الاستمرار في الدفاع عن هذه الأقليات وممارسة الضغوطات على حكومات الشرق الأوسط لمنح الأولوية لحرية الدين أو المعتقد وتقديم الدعم للحكومات التي تفعل ذلك.

وقد قدّمت اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية توصيات مهمة إلى إدارة الولايات المتحدة من أجل الحفاظ على هذا الحق. فعلى سبيل المثال، أوصت اللجنة بأن تمارس الإدارة الأميركية ضغوطاً على تركيا من أجل تقديم جدول زمني لانسحابها من سوريا.

ونظراً لأن الحكومات الغربية تلجأ إلى فرض العقوبات الدولية على سوريا في سبيل إضعاف حكومة دمشق، فيجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات أيضاً عن المناطق الخاضعة لحكم الإدارة الذاتية المستقلة لشمال وشرق سوريا وأن توسّع ارتباطها بهذه الإدارة وتمنحها اعترافاً سياسياً كحكومة شرعية محلية.

وقد تم إنشاء الإدارة الذاتية المستقلة لشمال وشرق سوريا للعمل في ظل حكومة مركزية في سوريا ما بعد الأسد، ويجب أن يتم تضمينها في جميع الأنشطة بحسب قرار الأمم المتحدة رقم 2254 والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار والتسوية السياسية في البلاد.

وباعتبارها الحكومة الناجحة الوحيدة في سوريا والتي تمثل ثلث البلاد، تستحق هذه الإدارة أن تلعب دوراً في صياغة أي حل سياسي لسوريا. ومن المحتمل جداً أن يعتمد مستقبل حرية الدين أو المعتقد على تضمين الإدارة في صياغة الحل.

حكاية الأكراد المسيحيين وجميع الأقليات الدينية الأخرى في الشرق الأوسط تشكل إحدى قصص المعاناة الكبيرة، إلا أنها أيضاً تمثل قصة بقاء ومقاومة عظيمة.

ولحسن الحظ، لا يزال هناك متسع من الوقت لإنقاذ شمال شرقي سوريا وجعله ملاذاً لهذه الطوائف، شريطة أن يقدم المجتمع الدولي الدعم الفوري.

 

المصدر: (Providence)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.