بعد تحريرهن من أسر داعش في العراق: معاناة “ناجيات تلعفر” اللواتي لم يسمع بهن أحد

بعد تحريرهن من أسر داعش في العراق: معاناة “ناجيات تلعفر” اللواتي لم يسمع بهن أحد

على عكس قضية الناجيات الإيزيديات، لم تلق قضية النساء التركمانيات، المحررات من أسر تنظيم #داعش، اهتماماً إعلامياً وحقوقياً كبيراً، وتعيشُ الناجيات التركمانيات اليوم أوضاعاً قاسية، بسبب الإهمال المحلي والدولي، ومعاناتهن من نظرة المجتمع لهن، فضلاً عن عدم تقديم أي دعم نفسي ومادي لهن.

 

خطف وزواج إجباري

“رقية”، اسم مستعار لناجية تركمانية من المذهب الشيعي، تروي  قصتها لموقع «الحل نت»: «تم اختطافي، برفقة والدتي واثنين من أخواتي، إضافة لشقيقي، في صيف عام 2014، بعد دخول تنظيم داعش قضاء #تلعفر، غربي محافظة #نينوى. وقد تم تحريري أنا وأختيّ، بعد طرد التنظيم من المنطقة، ولكنني ما زالت أجهل مصير والدتي وشقيقي».
وتضيف: «بقيت محتجزة، لدى إحدى عوائل التنظيم، لمدة ثلاث سنوات، بعد أن أخذتني من دار الأيتام في #الموصل، المكان الذي كنت محتجزة فيه عقب اختطافي، وأجبرتني، تحت التهديد، على الزواج من أحد أبنائها. ومع اقتراب سقوط التنظيم، ووصول القوات الأمنية العراقية إلى المنطقة، تخلت عني العائلة، في بداية شهر تموز/يوليو من عام 2017».

التحقت “رقية” مؤخراً بمقاعد الدراسة، وتعيشُ مع والدها وأختيها بمنزل مستأجر في تلعفر، بعد أن قام تنظيم داعش بتفجير منزلهم، خلال فترة سيطرته على القضاء.

“فاطمة”، اسم مستعار لفتاة تركمانية أخرى، لديها قصة مشابهة، فقد «تم اختطافها مع ستة أفراد من عائلتها، لم يعد سوى نصفهم بعد تحرير تلعفر، ومازال مصير والديها وأحد أشقائها مجهولاً».

وتروي “فاطمة” لموقع «الحل نت» كيف «تم تزويجها غصباً لعنصر من داعش»، ومن ثم «تحريرها على يد الاستخبارات العسكرية العراقية، بعد خروج التنظيم من مدينة الموصل».

“فاطمة” تعيش في الوقت الحالي مع شقيقها الأكبر في تلعفر، وسط ظروف اقتصادية ومادية صعبة، ولا تتلقى أي نوع من الدعم، وتعاني، مثل جميع الناجيات التركمانيات، من أعراض متلازمة ما بعد الصدمة.

 

جريمة غير موثّقة

“ابتسام الحيو”، رئيسة منظمة “حوار الثقافات للتنمية والاغاثة”، توضح لموقع «الحل نت» أن «عدد المختطفات والمختطفين التركمان غير معروف بشكل دقيق، إلا أنه يُقدر بنحو ألف وثلاثمئة شخص». وتشير “الحيو” إلى أن «العدد المسجل فعلياً، من قِبل ناشطين ومؤسسات مجتمع مدني، هو ستمئة وأربعين مختطفاً».

من جهته يؤكد “علي البياتي”، عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، أن «أكثر من ألف ومئتين تركماني، من الطائفة الشيعية، تم اختطافهم من تلعفر، منهم نحو أربعمئة وخمسين امرأة وفتاة، وهناك عدد غير معروف من المختطفين من مناطق أخرى».

وينوّه “البياتي” إلى أن «بعض التركمانيات كنّ يخفين طائفتهن وقوميتهن، ويزعمن أنهن أيزيديات، حتّى لا يتعرّضن للحرق أو القتل، على يد أطراف متعددة، لديها مشاكل مع المكوّن التركماني، وهذا الأمر جعل عدد المختطفات غير معروف لدينا بشكل دقيق».

 

 

تعامل المجتمع

فيما يؤكد “محمد شوكت كوثر”، مدير “شبكة الرحمة للمفقودين والمغيبين قسراً”، أن «الناجيات التركمانيات لاقين صعوبات كثيرة لدى تحريرهن، نتيجة النبذ الاجتماعي الذي لاقينه، فقد أصبحن موصومات بالعار بين أقاربهن وذويهن، على خلاف الناجيات الإيزيديات، اللواتي لاقين تعاطفاً كبيراً ضمن المجتمع الإيزيدي».

ويشير “كوثر”، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أن «المجتمع التركماني منغلق، وله طابع عشائري مترسخ، ولذلك تعتبر مواضيع السبي والاغتصاب فيه عاراً كبيراً، وذنباً يحمله الضحايا». ويروي أن والد إحدى الضحايا أبلغه أنه «كان يتمنى موت ابنته على عودتها إلى المنزل، بعد خطفها من قبل داعش».

“ابتسام الحيو” تؤكد ما قاله “كوثر”، وتشير إلى أن «الناجين والناجيات التركمان يعانون من أوضاع معيشية صعبة، وأغلبهم بات يعيش مع أقاربه، لأن عوائل كثيرين منهم ما زالت مختطفة حتى الآن». وتلفت “الحيو” إلى أن المجتمع التركماني «بدأ متأخراً بتقبّل الأمر، والترحيب بتحرير بناته المختطفات، إلا أن هذا وحده لا يكفي، فهن بحاجة إلى دعم نفسي ومادي وقانوني، خاصة مع فقدان بعضهن للوثائق والأوراق الثبوتية».

 

 

غياب الدعم

«للأسف ليس هناك أي دعم للناجيات والناجين، ولم تشملهم المنح المالية التي خُصصت للناجيات الإيزيديات»، حسب قول “الحيو”، التي تردف أن «منظمة “GIZ” الألمانية، عملت بالتعاون مع “رابطة قلعة تلعفر الثقافية”، على مشروع دعم الناجيات البالغات نفسياً، والمشروع استمر خمسة أشهر، وانتهى في أواخر آب/أغسطس الماضي، وحالياً ليس هناك أي دعم من أي جهة حكومية أو مدنية».

“علي البياتي” يقول إن «الحكومة العراقية والمجتمع الدولي لم يقدما أي مساعدة للمختطفات والمختطفين التركمان، سواء على مستوى السعي لإطلاق سراحهم وإنقاذهم، أو على مستوى تقديم الدعم الطبي والنفسي والاقتصادي لهم، وإعادة دمجهم وتأهيلهم في مجتمعاتهم».

ويوضح “البياتي” أن «عمل مفوضية حقوق الإنسان لا يتجاوز الجانب التوثيقي والتنسيقي، ومحاولة تحريك الرأي العام، وتذكير #الحكومة_العراقية بواجباتها، فضلاً عن التعاون مع فريق التحقيق الدولي في جرائم داعش».

“محمد شوكت كوثر” يطالب بـ«توفير دعم قانوني ونفسي للناجيات والناجين التركمان، والتركيز على الجانب القانوني خصوصاً في الوقت الحالي، لإحقاق حقوق المختطفين التركمان، وتثبيت ما جرى لهم بصفة جريمة ترقي لمصاف الإبادة الجماعية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.