لأنها تمثل عصب الحياة، اختارت جوليا وورد هوي المؤلفة الأميركية، أن يكون يومها نافذة إلى السلام، والهروب من هول المعاناة والحرب الأهلية في الولايات المتحدة، فأي يوم هذا، الذي يمكنه أن ينقذ العالم من شبح الدماء والدمار؟

عيد الأم، الذي بدأ الاحتفال به في العصر الحديث في العام 1872، الذي قررته المؤلفة الأميركية، ونجحت بعدها أمرأة أيضا أميركية تدعى آنا جارفس، في الترويج لفكرتها بالاحتفال به كمناسبة وطنية في العام 1907، قبل أن يعلن الرئيس الأميركي، وودرو ويلسون، في العام 1914، أن يوم عيد الأم عطلة وطنية رسمية.

وعلى ذلك النحو، انتشر الاحتفال بهذا العيد في كل أرجاء العالم، حيث بات يوما تحتفي به معظم بلدان العالم، بوجود الأمهات فيه.

مقالات قد تهمك/ي: نصف مليون ليرة سورية ثمن هدية عيد الأم

معاناة الأمهات العراقيات

على الرغم من أنه في العراق حتى الآن لم يتم اعتماده يوما وطنيا، إلا أنه أخذ حيزه في حياة العراقيين، حيث يحرص الغالبية على أن يحتفلوا بهذا اليوم بوصفه يوما عظيما، وتقدم من خلاله الهدايا إلى الأمهات، وتقام المناسبات العائلية احتفاء بهن.

وعلى الرغم من ذلك، وأصل القصة لهذا العيد، إلا أن الأمهات العراقيات ما يزالن يعيشن في ظروف صعبة، ومعاناة مستمرة، بل ويمثلن أبرز ضحايا ما يشهده العراق من وضع سياسي مأساوي، ومما سبقه من حروب امتدت على مدى 4 عقود، وما تخللها من اقتتال داخلي.

تحملت الأم العراقية، ما لم يحتمله أحد، فمنذ ثمانينيات القرن الماضي، قدمت الأم فيها، أغلى ما تملك في الحياة، حيث خسرن آلاف الأمهات أبنائهن وأزواجهن في الحرب العراقية-الإيرانية، ومن ثم في الاحتجاجات الشعبية ضد نظام صدام حسين، ولتعود لتكون شريكا أساسيا مع الأب في تأمين لقمة العيش للعائلة إبان سنوات الحصار الذي فرضته أميركا على البلاد في التسعينيات، كما تقول أمل المدرس وهي معلمة تربوية، تبلغ من العمر 56 عاما.

وتضيف في حديثها لموقع “الحل نت”، أن “الأمهات اضطررن للنزول إلى الشارع، والعمل في أصعب المهن، ومنهن من تركن وظائفهن بسبب ضعف المرتب الشهري، ليذهبن للعمل في أعمال شاقة، بغية تأمين لقمة العيش لأبنائهن”.

وما لبثت جروح الثمانينيات أن تندمل، حتى عادت الأم العراقية لتقدم من جديد فلذة كبدها وسندها، قربانا للحرب من جديد، حيث قتل الآلاف من الأبناء والأزواج عام 2003، بحسب المدرس.

مقالات قد تهمك/ي: بمناسبة عيد الأم.. 6 دولارات فقط مكافأة عاملات سوريات

الحروب الأكثر فتكا بالأمهات

التهمت الحرب الطائفية لاحقا في العراق، آلاف الشباب، وبالرغم من ذلك، عاد النظام السياسي ليعمق جراح الأمهات في الاعتقالات العشوائية والاستناد على الدعاوى الكيدية، التي زج على أثرها أيضا الآلاف في المعتقلات من دون تحقيقات عادلة، كما تقول انتصار الجاف في حديثها لموقع “الحل نت”.

وتضيف أنه و”علاوة على ذلك، فإن الأمهات حتى ممن لم يتعرضن للفقدان جراء الحروب والاقتتال، فإنه حتى باقي من يملكن أطفال وأزواجهن يعيشن في حياة صعبة، إذ تجدها منهمكة في معاناة البحث لأطفالها عن مستقبل يؤمن لهم حياة كريمة، أو تجدها غارقة في الخوف من أن تتعرض في أي لحظة لفقدان زوجها أو ابنها بسبب انعدام الأمن”.

وبينت أن “ظروف الأم في العراق صعبة جدا، فهي تقاتل على كل الجبهات، فهي تنهمك في تربية طفلها منذ الولادة، وإلى إكماله تعليمه، وفي خضم ذلك، تجدها تعمل في وظيفة ومعها واجبات المنزل، وإذا ما كبروا أطفالها تجدها كبرت معهم معاناتها في إيجاد عمل أو وظيفة، بسبب عدم تكافؤ الفرص والمحسوبية في التوظيف، وانعدامها بالغالب”.

ووسط كل تلك الظروف، لا تجد الأم اهتماما من قبل السلطات والنظام، لا بتوفير التعويضات، ولا حتى في مسألة التخفيف عن التزاماتها، ولا حتى في الاهتمام في حقوقها، وفقا للجاف التي تعمل في منظمة حقوقية، لافتا إلى أن “الأمهات العراقيات لم يعيشن سوى الويلات، منذ نظام البعث وحتى الآن”.

مقالات قد تهمك/ي: عيد نوروز.. العيد الذي يتشاركه الجميع في العراق 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة