في بلد يعوم على بحر من النفط: كيف وصل العراقيون إلى هذه الدرجة من الفقر؟

في بلد يعوم على بحر من النفط: كيف وصل العراقيون إلى هذه الدرجة من الفقر؟

رغم الثروة النفطية الهائلة التي يمتلكها العراق، وتنوّع مصادره الاقتصادية،  إلا أن نسب الفقر فيه ما تزال في ارتفاع، لأسباب يفسرها بعض الخبراء الاقتصادين بسوء إدارة موارد الدولة، وتفشي الفساد بشكل كبير في مفاصل البلاد المهمة، فضلاً عن جائحة #كورونا، وانخفاض أسعار النفط، والدمار الذي خلفته الحرب ضد تنظيم #داعش.

ويحتل العراق المرتبة الثانية عشر في لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.

 

أرقام صادمة

وذكر تقرير، صدر مؤخراً عن وزارة التخطيط العراقية، بدعم من منظمة #يونيسف، والبنك الدولي، و”مبادرة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية”، أن «5.4 مليون عراقي، يواجهون خطر الوقوع تحت خط الفقر، نتيجة التأثير الاجتماعي والاقتصادي لـجائحة كورونا, ويعدّ الأطفال واليافعون أكثر الفئات تأثراً بازدياد معدلات الفقر، فقبل تفشي الجائحة، كان واحدٌ من كل خمسة أطفال ويافعين فقيراً، لكن هذا العدد تضاعف الآن» .

منظمة يونسيف، التابعة للأمم المتحدة ، حذّرت من «تعرض 40% من أطفال العراق للفقر» .

وتقول “ايرينا فوياكوفا- سولورانو”، الممثل الخاص للأمم المتحدة، إن «العراق بلد عضو في اتفاقية #الأمم_المتحدة لحقوق الطفل، مما يعني أنه ملزم بضمان تمتع كل طفل بكافة حقوقه، بما في ذلك الحق في الصحة والأمن والحرية والتعليم والماء النظيف واللعب، إلا أن الأطفال العراقيين يعانون من ظروف قاسية، وزادت جائحة كورونا الأمور تعقيداً، وأسهمت في رفع نسب الفقر».

من جهتها تروي الناشطة المدنية “إيمان خليل “، العاملة في إحدى المنظمات الإنسانية، أنها «خلال تجولها لمساعدة الأطفال، في مخيمات النزوح في العراق، لاحظت أن معظم الأطفال يعانون من سوء التغذية والأمراض الجلدية، كما أنهم انقطعوا عن الدراسة، ويتعرضون لاستغلال جسدي، وأدمن بعضهم التدخين والمخدرات».

وتضيف “خليل”، في حديثها لموقع  «الحل نت»،  أن «الفقر أثّر على الأطفال بصورة مباشرة، وسلب منهم أبسط الحقوق، وقد التقيت أسرة مكونة من سبعة أولاد وفتاة، جميعهم يعيشون حياة بائسة، ولا يستطيعون الذهاب إلى المدارس، ويقتصر تفكيرهم على كيفية حصولهم على لقمة العيش».

 

أسباب ازدياد معدلات الفقر

الخبير الاقتصادي “سالم الكناني” يرى أن «سوء الإدارة، والفساد السياسي، وتقسيم موارد الدولة لصالح الأحزاب السياسية المتسلطة على زمام السلطة، هي أهم أسباب ارتفاع نسب الفقر في العراق».

ويضيف “الكناني”، في حديثه  لموقع «الحل نت»، أن «زيادة عدد سكان البلاد، ليصل إلى نحو أربعين مليون نسمة، مع توقف كثير من المصانع والمزارع، وغيرها من النشاطات الاقتصادية، ساهم في ازدياد معدلات الفقر».

من جهته يُرجع “علي البياتي”، عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، أسباب وصول العراق لهذا المستوى من الفقر، إلى «غياب الخطط التنموية الحقيقية، وعدم إيجاد بيئة ملائمة للاستثمار، فضلاً عن اعتماد العراق على واردات النفط منذ عام 2003، وإهمال بقية القطاعات المنتجة».

“البياتي” يشير، في حديثه لـ «الحل نت»، الى أن «سيطرة تنظيم داعش، على مناطق واسعة من العراق، كان لها الدور الاكبر في تفاقم نسب الفقر، فقد تسبب التنظيم بتهجير ونزوح عدد كبير من العوائل، في المناطق التي احتلها، إضافة الى أن كثيراً من الأسر فقدت معيلها، وهذا ماجعلها عرضة للمخاطر والاستغلال».

مبيناً أن «أهم الحلول، التي يجب اتباعها لمعالجة الفقر، هي توفير قروض صغيرة لهذه العوائل، فضلاً عن تفعيل القطاع الخاص في جميع المجالات، الصناعية والزراعية والتجارية».

 

تعليق حكومي

وكان “خالد بتال النجم”، وزير التخطيط العراقي، قد بيّن، في وقت سابق، أن «إحصائيات وزارة التخطيط العراقية تصوّر وضعاً مقلقاً، خاصة بالنسبة لأكثر شرائح السكان ضعفاً، ويتطلب هذا الوضع استجابة أكثر فعالية، تركز على الحماية الاجتماعية، والتحويلات النقدية إلى الشرائح الأشد فقراً، مع الاستمرار، في الوقت نفسه، في الاستثمار بخدمات مثل الصحة والتعليم، ودعم الأسر الفقيرة، ولا سيما الشباب فيها، للعثور على عمل».

من جانبه قال “عبد الزهرة محمد الهنداوي”، المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط العراقية، إن «الأولوية في مواجهة الفقر بالعراق يجب أن تكون لإنعاش المشاريع الصغيرة، على اعتبار أن القطاع المصرفي يمتلك سيولة نقدية وفيرة، ومن ثم منح هذه المشاريع إعفاءات من الفوائد، خلال أول خمس سنوات».

ويتابع في حديثه لموقع «لحل نت»: «الوضع يتطلب أيضاً تشكيل فريق من الخبراء والمختصين والاقتصاديين، لإعداد استراتيجية، تهدف إلى وضع حلول متوسطة وطويلة الأمد، لمواجهة الفقر والبطالة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.