يقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مصلحته الذاتية أولاً وقبل أي شيء، وهو يعيد تقييم علاقاته مع حركة #حماس الفلسطينية اليوم.
حركة حماس مستمرة في فقدان أصدقائها الواحد تلو الآخر، فبعد أن تم طرد الجماعة الفلسطينية المسلحة من #سوريا، عندما اختارت وقوفها إلى جانب الثوار الذين يقاتلون بشار الأسد، وكذلك طردهم من #مصر من قبل الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، يبدو أن المنطقة تبدو أنها لم تعد ملائمة لنمطها الإسلامي.

إلا أن #تركيا قدمت استثناءاً، فحزب العدالة والتنمية الحاكم، والذي يترأسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي يلتقي إيديولوجياً مع جماعة الإخوان المسلمين، مصدر إلهام حركة حماس الأصلي، قدم تأشيرات دخول طويلة الأمد وحتى الجنسية التركية لبعض أعضاء الحركة الرئيسيين.
وكان التقارب بين حزب العدالة والتنمية وحركة حماس حميمياً جداً لدرجة أن حماس بدأت بالتصرف بحرية في البلاد. فبحسب ما كشفت صحيفة ذا تايمز في العام الماضي، بدأت الحركة باستخدام #اسطنبول كقاعدة لعملياتها السرية، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية التي تستهدف دولاً أخرى. واليوم، تظهر تفاصيل جديدة بشأن أنشطتها التي تتضمن التركيز على تجنيد طلاب الطب والهندسة الفلسطينيين في الخارج للقيام بعمليات سرية.

وقد سيطر على أردوغان خلال السنوات الماضية الشعور بالعزلة، بعد أن أثار حفيظة حلفائه في حلف الناتو، ولاسيما الولايات المتحدة، من خلال مغازلته #لروسيا. والآن تتدهور هذه العلاقات مع حلف الناتو أكثر فأكثر. وبالقرب من بلاده، يشاهد أردوغان كل من #اليونان و #قبرص، أشد خصوم تركيا، وهما تبنيان تحالفات جديدة مع #إسرائيل كما فعلت الإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى.

إن سياسته الخارجية في حالة يرثى لها، حيث يحاول أردوغان إعادة التواصل مع حلفاء بلاده القدامى، بما في ذلك إسرائيل. ولديه اليوم ورقة مساومة واحدة تهتم بها إسرائيل وهي حركة حماس.
علنياً، يصرّ أردوغان على أن تركيا لا تزال تقدم الدعم للفلسطينيين ضد إسرائيل، إلا أن حقيقة أن حماس قد تجاوزت حدودها دون علمه، مما منحه العذر للبدء في تقليص أنشطة الحركة وتقليم أظافرها.
وقد بدأت الحكومة التركية بالفعل خلال الأسابيع الأخيرة في تضييق الخناق على عمليات حركة حماس. فبحسب تقارير لوسائل إعلام تركية، لم تعد تركيا تمنح الجنسية أو تأشيرات السفر طويلة الأمد لأعضاء الحركة. وعلى الأقل، كان هناك حالة اعتقال واحدة لأحد أعضاء حماس في مطار اسطنبول ومن ثم ترحيله من البلاد.

وكشفت التحقيقات التركية، إلى جانب العمل الاستخباراتي لدول أخرى، عن شبكة من المنظمات الواجهة التي تستخدمها حركة حماس في اسطنبول تحت غطاء الجماعات الخيرية الإسلامية الداعمة للطلاب.
ويعتبر تجنيد الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون الطب والهندسة في الخارج هو الهدف الأساسي لـ “الرائد”، إحدى وحدات حركة حماس السرية. وأحمد سيدار، البالغ من العمر ثمانية وعشرون عاماً والذي ينحدر من أريحا، هو أحد هؤلاء الطلاب الذين تم تجنيدهم من قبل اثنين من أعضاء حماس في اسطنبول في العام 2018، واللذان استخدما أسماء مستعارة وهي شريف ونظمي. ووافق سيدار على العمل مع حركة حماس وتلقى تدريبات في بيوت آمنة. وعندما عاد إلى الضفة الغربية مزوداً بهاتف ذكي، تم توجيهه للبدء في تجنيد شبكته الخاصة، إلا أن المخابرات الإسرائيلية قامت باعتقاله وهو الآن محتجز في سجن عوفر العسكري بالقرب من رام الله، حيث تجري محاكمته.

وتتم إدارة وحدة “الرائد” من قبل القيادي البارز في حركة حماس في غزة سامح سراج، بينما قائدها على الأرض هو ماهر صلخ الذي يسافر ما بين اسطنبول وبيروت. وكشفت المراقبة في اسطنبول أن حماس تدير عملياتها في حي باشاك شهير في الجانب الأوربي من المدينة. كما أن هذا الحي هو موطن لمجموعات مثل التحالف العالمي لمساعدة فلسطين والقدس وجمعية حكماء فلسطين ومعهد رايا وجمعية الأيادي البيضاء التي تشتبه المخابرات الغربية في أنها منظمات واجهة للحركة.

رسمياً، هي مجموعات خيرية تدعم الطلاب. ويستخدم عملاء “الرائد” العديد من المطاعم في الحي، بما في ذلك أحد المطاعم أسفل ملعب فاتح تيرم، موطن بطل الدوري التركي الممتاز لكرة القدم باشاك شهير، حيث خسر مانشستر يونايتد مباراة خلال دوري أبطال أوربا في شهر تشرين الثاني.
وصرح أردوغان للصحفيين في أنقرة في الشهر الماضي قائلاً: “نحن مهتمون بالوصول بعلاقاتنا مع إسرائيل إلى مكان أفضل”. وكان كلا البلدين ذات يوم حليفين استراتيجيين، إلا أن السيد أردوغان أراد إظهار نفسه على أنه حامي الشعب الفلسطيني وقلّص بذلك العلاقات مع إسرائيل.

لكن تحركات أردوغان على المسرح العالمي جاءت بنتائج عكسية. ولا تزال تركيا عضواً في الناتو، إلا أن الولايات المتحدة ألغت بيع الطائرات المقاتلة من طراز F-35 إلى القوات الجوية التركية العام الماضي رداً على قرار أردوغان شراء منظومة دفاع جوي روسي متقدم، صواريخ S-400.
وقال مسؤولون إسرائيليون في الأسابيع الأخيرة أن مفتاح تحسين العلاقات ما بين القدس وأنقرة هو تخلي تركيا عن دعمها لحركة حماس. ويبدو أن السيد أردوغان قد تلقف هذه الرسالة وبدأ بالتنفيذ.

يمكن الاطلاع على النص الأصلي للمقال (هنا)

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة