تختلف قواعد تربية البنت في مجتمعنا عن تربية الصبي، فبينما يتعلم الصبي والبنت في المجتمع الغربي أنهما متساويان في الحقوق والواجبات والأحلام، يتعلم الصبي في الشرق أن البكاء عيب والضعف عيب و أنه رجل البيت ويتدرب منذ صغره على كونه وصي ومسؤول عن أمه و أخوته البنات، في المقابل تُربى البنت على ثقافة (العيب) التي تتحكم بمدى ارتفاع صوتها وصدى ضحكتها وطريقة جلوسها، وحتى تحدد زاوية تباعد قدميها وطول تنورتها.

تتسع حدود الحرية الجسدية والجنسية أمام الصبي كلما كبر، في المقابل تضيق مساحة حركة البنت كلما كبرت، وكلما كانت حرية البنت أضيق كلما كانت (بنت بيوت ومرباية) أكثر، وكلما كانت مساحة حرية الصبي أوسع كلما كان (رجال) أكثر، هكذا تُعيد المرأة الشرقية إنتاج القمع الذي عانت منه وتورثه لبناتها، وتربي أولادها الذكور ليكونوا حراساً أمينين على بؤس أخوتهم البنات، ذلك البؤس الذي يصبح اسمه (شرف العائلة).

(الحل نت)، سأل مجموعة من السيدات السوريّات عن الشيء الذي تربين عليه ولن ينقلنه إلى بناتهن، فكانت الإجابات على الشكل التالي:

“عيب أنتِ بنت”

الناشطة في المجتمع المدني “حسناء بركات”، تقول: «علمتني أمي الكثير من الأشياء التي أفتخر بها وأسعى إلى تطويرها وتعليمها لابنتي، إلا أن والدتي كانت دائماً تجعلني أشعر بأن الخطأ ممنوع وبأنني لا أستطيع أن أتمتع بحريتي المطلقة، سواءً في طريقة كلامي أو عند اختيار ملابسي أو حتى في اختيار الفرع الذي سأدرسه أو في العمل الذي سأمارسه، دائماً تحركاتي ومخططاتي وقراراتي كلها مرسومة بحدود العادات والتقاليد».

وتضيف الناشطة “بركات”: «سأعلم ابنتي أن الخطأ جزء من طبيعة الإنسان وأننا نتعلم من أخطائنا، وأنه من حقها ممارسة حريتها بالحدود التي ترسمها هي لنفسها وليس المجتمع».

السيدة “نُعمى فواخرجي” تقول: «معظمنا تربى على جملة “عيب أنتِ بنت”، هذه الجملة كنا نسمعها من أمهاتنا ومحيطنا، وكأن العيب مرتبط بالبنات فقط، وتضيف: «لن استخدم هذه الجملة مع ابنتي ابداً».

السعادة ببساطة

تقول السيدة والأم “رنا حواصلي”: «بعدما عشت في أوروبا لاحظت أن الحياة أبسط من التعيقدات التي تربينها عليها، لذلك سأعلم ابنتي أن تستمتع بالأشياء التي تجعلها سعيدة وإن كانت تلك الأشياء لا تتناسب مع مقاس التقاليد ونظرة الآخرين، سأترك لها حرية القرار واختيار ما يسعدها هي وليس ماينال رضا الآخرين».

تقول “حنان أحمد”: «علمتنا أمي الكثير من الأشياء بعضها جيدة، ولكن بعضها انعكس سلباً على حياتنا، أمي كانت مسالمة جداً، وتحاول دائماً أن ترضي الآخرين وهذا لم يكن لا في صالحها ولا في صالحنا، لذلك سأعلم ابنتي ألا تهتم لرأي الآخرين وألا تجعلهم يحددون رغباتها وأحلامها».

نظافة البيت ليست معياراً لأهمية المرأة

تقول الناشطة المدنية والأم لطفلين “ولاء علوش”: «أمي علمتني أن نظافة البيت مقياس لنظافة المرأة»، وتتابع “ولاء”: «سأعلم ابنتي أن الراحة والسعادة أولاً، وأن راحتها وسعادتها أهم من نظافة المنزل».

السيدة “آلاء محمد” تقول: «لن أربي ابنتي على أن تخفض صوتها أو أن تحد من ضحكتها، ولا على أن تختار ملابسها حسب ما يرضي المجتمع، لن أعلم ابنتي أن تربط سعادتها برضا زوجها عنها ولا على أن تصبر على ظلمه، ولن أربيها على أن مهمة البنت تحضير الطعام لأخيها، سأعلمها أن تكون قوية وتأخذ حقوقها كاملة».

لن أحب ابنتي أكثر من نفسي 

الإعلامية “براء صليبي” تقول: «لن أحب ابنتي أكثر من نفسي ولن أقصر أحلامي على تحقيق أحلامها، سأترك لنفسي مساحة خاصة وسأعلم ابنتي على ذلك، سأكون امرأة ناجحة وفي ذات الوقت سأدعم نجاح ابنتي، سأعلمها ألا تحب الآخرين أكثر من نفسها بما في ذلك أولادها».

وتضيف “صليبي”: «أمي أحبتنا لدرجة أنها نسيت نفسها، كنت طفلة صغيرة عندما كانت تستطيع أن تدرس الطب، إلا أنها اختارت أن تدرس علم النفس (فرع محاضرات) كي لا تضطر إلى الذهاب إلى الجامعة، منذ عاميين بدأت أوقظ في أمي أحلامها القديمة، بدأت تدرس الأشياء التي تحبها وبدأت تأخذ مساحتها بعيداً عن أولادها».

وتختم “صليبي” بقولها: «الأمومة شيء غريب قد تدمر البعض وأنا لا أريد أن أكون سبباً في تدمير أمي».

تمكنا من الحديث أيضاً مع والدة الإعلامية “براء”، السيدة “حنان صليبي” التي قالت: «أندم أحياناً أنني نسيت نفسي من أجل أطفالي، ولكني كنت ضعيفة اتجاه المجتمع والآخرين، إلا أن الأحلام لا تأتي أبداً متأخرة، فبعدما سافروا أولادي قررت البحث مجدداً عن ذاتي، والسعي إلى تحقيق أحلامي».

علمتها أن تقول “لا”

السيدة “زويا العنداري” تقول: «نحن تربينا بشكل مختلف، أمي وأبي تحديا المجتمع والعادات والتقاليد في تربيتنا، وعلمانا أن الحرية أولاً، ولكن ما أعلمه لابنتي اليوم هو أنه ليس من الضروري أن تتزوجي حبك الأول، فاختبار العلاقة قبل الزواج شرط ضروري لضمان نجاح الزواج، علمت ابنتي أن تقول كلمة ” لا ” وأن الاستقلال المادي أساس الحرية».

وتضيف “زويا”: «تربية الفتاة في أسرة متحررة ضمن مجتمع شرقي يضيف مسؤوليات وتحديات أكثر للأهل، ويجعل مسؤوليات الأهل والفتاة مضاعفة».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.