الصحوة مقابل الحشد والبيشمركة: هل بات تشكيل ميلشيا طائفية الحل الوحيد لحماية المحافظات السنية في العراق؟

الصحوة مقابل الحشد والبيشمركة: هل بات تشكيل ميلشيا طائفية الحل الوحيد لحماية المحافظات السنية في العراق؟

منذُ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، عاشتْ المحافظات، ذات الأغلبية السنية في العراق، مشاكلَ مختلفةً، بعد سيطرة تنظيم #القاعدة على مناطق عديدة من محافظتي #الأنبار ونينوى، وما تلاها من حرب طائفية، ثمَّ التظاهرات، التي خرجت إبان حكم رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، ليسيطر تنظيمُ #داعش في النهاية على 90% من المناطق السُنية عام 2014، الأمر الذي تسبب بدمارٍ كبيرٍ لهذه المناطق، وتهجير لغالبية سكَّانها.

وبعد تحرير جميع المدن، التي خضعتْ لسيطرة التنظيم المُتشدد، عانتْ المحافظات السنية مجدداً من سيطرة الفصائل المسلحة والميلشيات الموالية لإيران، وتحكمها بالقرار الأمني والإداري.

ويعتبر مجموعةٌ من المراقبين أنّ السُنة في العراق يتمسكون بوجودِ القوّات الأميركية في البلاد، ويعتبرونها الضامن الحقيقي لأمنهم، والمحافظة على مناطقهم من تهديدات داعش والميلشيات.

وتطالب القيّاداتُ السياسيةُ السُنية بالعمل على تسليح وتهيئة قوة مسلحة من أبناء مناطقهم، تهدف لحماية مدنهم من أيَّة تهديدات محتملة.

 

عودةُ الصحوةِ

“عبد الرزاق الشمري”، رئيس “مجلس القوى السياسية المعارضة”، يرى أنّ «السُنة في العراق هم الحلقة الأضعف، كونهم لايمتلكون قوة مسلّحة تحمي مناطقهم».

مبيناً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنّ «الشيعة لديهم #الحشد_الشعبي، كما أنّ لديهم ميلشيات مسلّحة، متنفّذة في القرار العراقي، كما أنّ الكُرد لديهم حكومة وإقليم شبه مستقل، وقوة من #البيشمركة، مسلّحة ومدرّبة، وقادرة على حماية مناطقهم من أية مخاطر».

وأضاف: «جرى خداعنا أثناء العمليات العسكرية، لتحرير المُدن من سيطرة داعش، عبر تشكيل قوة تسمى “الحشد العشائري”، وهذه القوة مجرّدةٌ من التمويل المالي والتسليح، وأغلب عناصرها يتبعون للميلشيات المرتبطة بإيران».

مشيراً إلى أنّه «يجب العمل على إعادة إحياء قوات الصحوات، التي كانت لها مواقف مشرفة في محاربة التنظيمات المتطرفة، وجميع عناصرها من أبناء المحافظات السُنية، على أنْ يتم تجهيزهم بالمال والسلاح والتدريب، وسنضغط دولياً، بهدف قيام هذا المشروع، للحفاظ على مدننا من المخاطر التي تحيطُ بنا».

وشكَّل “عبد الستار أبو ريشة”، أحد أبرز شيوخ العشائر في محافظة الأنبار، قوة مسلّحة، عام 2006، تُعرف بـ”الصحوات”، بالتنسيق مع شيوخ من مختلف العشائر، وذلك لمواجهة تنظيم القاعدة، الذي كان ينشط في المحافظات السُنية آنذاك.

وسرعان ما انتقم تنظيم القاعدة من “أبو ريشة”، من خلال قتله، بواسطة تفجير انتحاري، استهدفه مع مجموعة من الشيوخ، فيما تعمم مشروع الصحوات في بقية المحافظات السُنية، من أجل طرد مقاتلي القاعدة.

وبعد ثلاثة أعوام أقدمتْ #الحكومة_العراقية، برئاسة نوري المالكي، على زجّ أغلب قادة الصحوات في السجون، وإيقاف صرف رواتبهم وتسليحهم، ما أدى إلى اندثار تلك القوة بشكل كبير.

 

موقفٌ أميركيٌ

وتتخذ القوات الأميركية من قاعدة “عين الأسد”، في محافظة الأنبار، مقراً لها، باعتبارها واحدة من أكبر القواعد العسكرية في العراق والشرق الأوسط، وفضّلت استمرار تواجدها في تلك القاعدة، بالرغم من انسحابها من معظم المدن العراقية، باستثناء #إقليم_كردستان، بسبب تعرّضها للقصف المستمر، من قبل الفصائل المسلّحة المرتبطة بإيران.

وقاطعتْ الكتل السُنية في #البرلمان_العراقي الجلسة النيابية، التي تم التصويت فيها على انسحاب القوات الأميركية من العراق، في ظل وجودِ مخاوفَ من أن يؤدي  الانسحاب إلى تدهور الأوضاع الأمنية في مناطقهم.

«الولايات المتحدة هي الطرف المعني بتسليح العشائر السُنية وتمكينها، ويجب مخاطبة القوات الأميركية بهذا الصدد، من قبل الزعامات السياسية والاجتماعية السنية»، بحسب ما يقول الكاتب والمحلل السياسي “أحمد الأنصاري”، الذي يضيف، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنّه «في السابق كان هنالك مشروع أميركي لتشكيل قوة سُنية من أبناء المحافظات المحررة، وتم عقد اجتماع موسّع بين قيادات عسكرية بارزة وشيوخ عشائر، في قاعدة “عين أسد”، بناحية “البغدادي” في محافظة الأنبار».

وأشار إلى أنّه «تبيّن فيما بعد أنَّ مجموعة من القوى السياسية السُنية، المرتبطة بإيران، عارضت المشروع ووقفت ضده، تنفيذاً لرغبة #طهران، لذلك توقفت الولايات المتحدة عن دعم هذا المشروع، بعد أن كانت مستعدة لتهجيز العشائر بالسلاح، والالتزام بتدريبها».

 

رأي برلماني

النائب في البرلمان العراقي “مضر الكروي” دعا إلى «حسم مصير قوة الصحوات، باعتبارها قوة مسلّحة، قدمتْ مئات الضحايا، بين قتيلٍ وجريحٍ، طيلة السنوات الماضية».

لافتاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أنّه «يجب إنصاف هذه القوة، باعتبارها تمثّل مكوناً رئيسياً من مكونات الشعب العراقي، وهم العرب السُنة، الذين لايمتلكون قوةً خاصةً بهم، قادرة على مواجهة التحديات الأمنية، التي تحوم حول مناطقهم».

موضحاً أنَّ «تنظيم داعش، في الأيَّام الأخيرة، بات يشكل رعباً حقيقاً لأبناء المحافظات المحررة، وذلك من خلال الهجمات المتعددة، التي قام بها على مواقع مختلفة من المُدن العراقية، وخاصةً في #كركوك وديالى وصلاح الدين».

وبيّن أنَّ «المسلحين من أبناء الصحوة، يتواجدون في أخطر القواطع الأمنية، ورغم عدم دفع مستحقاتهم المالية، ورفض تجهيزهم بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مازالوا يقاتلون بشراسة، ويجب حسم ملفهم من قبل الحكومة والبرلمان العراقي في القريب العاجل».

وبالرغم من اعتبار الحشود العشائرية السُنية جزءاً من منظومة الحشد الشعبي في العراق، لكنّ جميع قادة “الحشد” من المكون الشيعي، فيما يتهم نوّاب وسياسيون، من المكون السُني، الحكومة العراقية، بإهمال مقاتلي العشائر، وتركهم بِلا مستحقاتٍ ولا رواتب، ما قد يُلقي بظلاله على المشهد الأمني مجدداً.

وخلال الأسابيع الأخيرة شن تنظيمُ داعش سلسلة هجمات مختلفة، بدأها بمهاجمة الآبار النفطية في كركوك، ثمَّ التفجير الانتحاري، الذي استهدف المواطنين في “ساحة الطيران” وسط العاصمة #بغداد، تلتها هجمات متعددة على النقاط الأمنية للحشد الشعبي والجيش العراقي في محافظتي ديالى وصلاح الدين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.