ولدت “بيان درويش” لتكتشف أنها “صماء”، الأمر الذي ما كانت لتلاحظه لولا احتكاكها بأصدقائها في المدرسة، فأخوتها الثلاثة هم أيضاً يعانون من مشاكل في السمع، بسبب صلة القربى التي تربط والديها.

ورغم ظروف الحرب والنزوح، تمكنت “بيان”(22عاماً) من متابعة تعليمها حتى الصف التاسع، تعلمت بعدها لغة الإشارة التي مكنتها من كسر حاجز العزلة الذي كانت تشعر به بين أصدقائها في المدرسة، ومكنتها من الإطلاع على معلومات متنوعة، ثم قررت “بيان” افتتاح مركز في ريف حلب يحتضن أقرانها من الصم والبكم لمساعدتهم على تعلم لغة الإشارة، بالإضافة إلى معلومات أولية في الجغرافيا والتاريخ والرياضيات واللغة الإنكليزية.

تواصل (الحل نت) مع والد “بيان”، “عمر علي درويش”(مُدرس لغة إنكليزيّة)، الذي أوضح أنه آمن برغبة ابنته وساعدها على تحقيق حلمها ومشروعها، مُشيراً إلى أن عمر المشروع هو خمس سنوات.

الخطوة الأولى في تحويل حلم “بيان” إلى حقيقة كانت من خلال تخصيص إحدى غرف منزلهم إلى مركز صغير يستقبل أطفال الصم والبكم، وأن الفائدة التي لاحظها الأهالي على أولادهم دفعت بقية الأهالي إلى إرسال أولادهم الصم والبكم إلى مركز “بيان”، ولذلك وسع والد “بيان” المركز وبنى ثلاث غرف إضافية ألحقها بالغرفة الأساسية التي بدأ منها المشروع.

تترواح أعمار الطلاب في مركز “بيان” بين الـ6 و25 عاماً، أغلبهم من الإناث، ولأن ظروف النزوح وكورونا أعاقت عدد كبير من الطلاب من الالتحاق بالحصص التعليمية، لجأت “بيان” إلى تسجيل الدروس على هاتفها وإرسالها للطلاب غير القادرين على الحضور، عبر تطبيق “واتس آب”.

كما أوضح والد “بيان”، أن العديد من الجهات والجمعيات عملت على تعريف المجتمع بفايروس كورونا وسُبل الوقاية منه، إلا أن أحداً لم يراعي خصوصية الصم والبكم وحاجتهم إلى التعرف على الفايروس، الأمر الذي دفع “بيان” إلى تسجيل عدد كبير من الفيديوهات التعريفية بكورونا وبإجراءات الوقاية  من خلال استخدام لغة الإشارة، حيث نشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي لتصل لجميع الصم والبكم.

والد “بيان” أشار إلى أن المركز يعاني من غياب الدعم المادي، الذي سيساعد على تأمين قرطاسية ووسيلة نقل للطلاب المقيمين في أماكن بعيدة عن المركز الأول من نوعه في الشمال السوري.

وعن أحلام وطموحات ابنته، قال والد “بيان”: «أحلامها بسيطة، تحلم أن يكبر مشروعها ليتسع لجميع الطلاب من الصم والبكم، وأن يكون للمشروع دور في مساعدة أقرانها على أن يكونوا مستقلين ومنتجين في المجتمع».

ولا توجد إحصاءات رسميّة لأعداد الذين يعانون من مشاكل بالسمع في شمالي سوريا، لكن حسب ملاحظات الأهالي، فإن أعداد الأطفال الذين يولدون ومعهم هذه المشكلة بارتفاعٍ ملحوظ بسبب زواج الأقارب.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.