قانون العنف الأسري الجديد: ما مشكلة القوى المحافظة والإسلامية في العراق مع حماية النساء والأطفال من الانتهاكات؟

قانون العنف الأسري الجديد: ما مشكلة القوى المحافظة والإسلامية في العراق مع حماية النساء والأطفال من الانتهاكات؟

بين محاولات جر التشريعات البرلمانية في العراق باتجاه مدني خالص، وبين من يريدها تشريعات ذات طابع إسلامي، يبقى مشروع قانون العنف الأسري الجديد معطّلاً تحت قبة #البرلمان_العراقي، وهو مشروع يأمل مناصروه أن يضع حداً لانتهاكات كبيرة، وارتفاع حالات العنف داخل الأسر، التي قد تصل إلى الحرق والقتل، وممارسة شتى أنواع التعذيب، وخصوصاً ضد النساء والأطفال؛ فيما يرى منتقدوه بأنه إسقاط لتجارب غربية على المجتمع العراقي، ولم يتم تطويع بنوده، لتتماشى مع طبيعة الشعب العراقي المسلم.

 

أوجه الخلاف

ومن المواد الخلافية في مشروع القانون المادة (8)، التي تجيز «الإبلاغ، مع الحفاظ على سرية المٌبلِّغ، لكل من علم بوقوع العنف الأسري بحق البعض»، فيما منعت المادة (11) «من يخشى منه ارتكاب العنف الأسري دخول الدار مدة ثمان وأربعين ساعة، قابلة للتجديد، لحماية طالب الحماية»، أما المادة (12) فقد جعلت «أمر الحماية من العنف مدةً تصل إلى مئة وثمانين يوماً، مع القبول بدخول قوى الأمن إلى البيت المشمول بالحماية».

أما بالنسبة للأحكام الجزائية، فقد نصّت المادة (21) على «معاقبة من يخرق القانون بدفع غرامة، لا تقلّ عن خمسمئة ألف دينار، ولا تزيد على مليون دينار، وفي حالة عدم الدفع تكون العقوبة الحبس البسيط، مدة لا تقلّ عن شهر، ولا تزيد على ستة أشهر».

هذه البنود المٌختلف بشأنها، والتي تضمّنها مشروع القانون، يصفها “حسين العقابي”، النائب عن “تحالف الفتح”، بأنها «مشكلة قانونية بحد ذاتها»، موضحاً أن «عدم تحديد مفهوم واضح وصريح للعنف الأسري في القانون يعدّ مشكلة، إذ ينبغي تحديد كل جريمة وعقوبتها، لتتمكن المؤسسة القضائية من التعامل مع نصوص واضحة وصريحة».

“العقابي” قال لموقع «الحل نت»: «لا يمكن القبول بماهية العنف، كما جاءت في مسودة القانون، باعتبارها كل أذى نفسي ومادي ومعنوي، فقد يكون العنف بقصد التأديب، كما لا يمكن تصنيف كل خلاف يحصل داخل الأسرة عنفاً أسرياً، فهذا يتنافى مع الواقع»، كما يراه النائب ذي الميول المحافظة، والذي يشير إلى اًن «القانون يذهب باتجاه تأسيس دور لإيواء المُعنّفين، بدلاً من الذهاب باتجاه الصلح الاجتماعي، وهذا مخالف لأعراف المجتمع العراقي المحافظ».

وبحسب “العقابي” فإن «مشروع القانون يعطي الحق للمخبر السري في التبليغ عن العنف الأسري، وهو ما يعد تفكيكاً للأسرة، وقتلاً للموروث الاجتماعي للعائلة العراقية».

 

«قانون يهدد العلاقة بين أفراد الأسرة»

إلا أن المحافظين، ذوي الميول الإسلامية، في البرلمان العراقي، لم يكتفوا بالاحتجاجات، التي عبّر عنها “العقابي” فحسب، بل وصل الأمر بالنائب “عمار طعمة”، عن حزب “الفضيلة الإسلامي”، إلى القول إن «مشروع القانون سيؤدي إلى سلب حق تربية وتأديب الوالدين لأولادهم، وإضعاف العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، وتعميق الخلاف».

ووفقاً لبيان، صدر عن مكتب النائب الإسلامي، فإن القانون «يجعل من أخلاق العراقيين، مثل برّ الوالدين، واحترام منزلتهما، مخالفةً وجريمةً، ويجعل العلاقات غير الأخلاقية بين الشباب والشابات تصرّفاً مباحاً، ويحاسب الوالدين إذا منعا أولادهما من إقامتها»، واصفاً مواد القانون بأنها «إحدى أدوات الحرب الناعمة، لتدمير البنية القيمية والأخلاقية للمجتمع العراقي».

اتهامات النائب “عمار طعمة” تنفيها “انسجام الغزاوي”، النائب عن “تيار الحكمة”، التي تجزم بـ«عدم مساس مواد القانون بتقاليد العوائل العراقية».

“الغراوي” اكتفت بالقول، لموقع «الحل نت»، إن «لجنة المرأة البرلمانية نظّمت زيارات لمرجعيات دينية وقضائية، قبل كتابة مسودة القانون، للوقوف على ملاحظاتها»، معتبرةً أن «ما يطرحه المعارضون لا يعدو كونه مواقف سياسية غير مدروسة تجاه القانون».

وفيما يحتدم الخلاف بين رافضي قانون العنف بصيغته الحالية ومؤيديه يعتقد الخبير القانوني “أمير الدعمي” أن «المشكلة ليست في سن قانون لحماية الأسرة، بل بضعف الدولة في تطبيق القوانين عموماً»، مشيراً، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أن «قانون العقوبات العراقي تضمّن مواداً قانونية، مثل المادتين 412 و413، يمكنها معالجة الظاهرة والحد منها، ولو كانت الدولة جادة في تطبيق القانون لما تفاقم العنف الأسرى، ولهذا فقد المواطن ثقته بالدولة العراقية، في استرداد حقه، واتجه نحو العشيرة».

 

الداخلية العراقية تؤكد تزايد حالات العنف الأسري

ووفقاً لإحصائيات وزارة الداخلية العراقية فقد تم تسجيل آلاف قضايا العنف أسري، خلال الستة أشهر الأخيرة من العام الماضي فقط، وشملت «تسجيل 3637 حالة اعتداء من الزوج على الزوجة، و453 حالة اعتداء من الزوجة على الزوج، و402 حالة اعتداء بين الأخوة والأخوات، و183 حالة اعتداء من الآباء على الأبناء، و617 حالة اعتداء من الأبناء على الآباء، فيما أسفرت نتائج قضايا العنف الأسري عن 43 محكوماً، و345 مفرجًا عنه، ولا يزال 374 شخصاً رهن التحقيق بقضايا العنف الأسري»، بحسب الوزارة.

وربما كان هذا الارتفاع المتزايد في حالات العنف الأسري، وتطورها بشكل لافت، هو الذي دعا مفوضية حقوق الإنسان في العراق إلى دعوة #مجلس_النواب_العراقي إلى الإسراع بإقرار قانون العنف الأسري، مؤكدةً أن «إقرار مشروع القانون يعدّ خطوة مهمة، للحد من الانتهاكات التي توجّه ضد الأسرة».

كما بيّنت المفوضية «عزوف المُعنّفين عن تقديم بلاغات، بسبب عدم وجود حماية لهم، ما يدعو لحث البرلمان العراقي على الإسراع في تشريع القانون، ومطالبة #الحكومة_العراقية ومجلس القضاء باتخاذ إجراءات، لمعاقبة الأشخاص الذين يقومون بانتهاج العنف الأسري، حفاظًا على كيان الأسرة وحمايتها». فيما أعربت منظمة #يونيسيف عن «حزنها البالغ، وقلقها الشديد، بشأن التقارير الحالية المتواصلة، حول العنف ضد الأطفال في العراق»، مضيفةً أن «العنف بدأ يتصاعد بشكل ملحوظ، ضد الأطفال والنساء على وجه التحديد».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.