إرث داعش في الرقة: هل أصبحت المقابر الجماعية المكان الوحيد للبحث عن مفقودي المحافظة؟

إرث داعش في الرقة: هل أصبحت المقابر الجماعية المكان الوحيد للبحث عن مفقودي المحافظة؟

ما يزال مصير آلاف من أهالي #الرقة مجهولاً، فالمحافظة، التي عانت من سيطرة تنظيم #داعش، ومن ثم الحرب ضده، شهدت عمليات خطف وتصفية واسعة، قام بها التنظيم ضد من عارضوه، أو لم يقدموا له الولاء الكافي، فلم يعد أمام الأهالي وسيلة للبحث عن أقاربهم المفقودين إلا التفتيش عن جثثهم في المقابر الجماعية، التي خلّفها التنظيم.

وكان مكتب الطب الشرعي لفريق “الاستجابة الأولية”، التابع  لمجلس الرقة المدني، قد أعلن مؤخراً عن اكتشافه جثة غير واضحة المعالم، ترجع لحقبة التنظيم، وجاء ذلك بعد ايام من اكتشافه مقبرة جماعية جديدة غربي الرقة.

وكشف “ياسر الخميس”،  مدير “فريق الاستجابة”، لموقع «الحل نت» عن «العثور على المقبرة الجماعية رقم ثمانية وعشرين في المحافظة، بعد بلاغات تلقاها الفريق من المواطنين»، مبيّناً أنها «تحوي رفات خمسة عشر شخصاً، قضوا على يد تنظيم داعش، في منطقة حي “الرومانية” في الرقة، وتم انتشال الجثث من أجل توثيقها ومقارنتها مع سجل المفقودين، الموجود لدى الفريق».

مشيراً إلى أن فريقه «استخرج، منذ تأسيسه عام 2018، ما يقارب ستة آلاف جثة».

 

البحث عن الأحبة في المقابر

تواظب “أم سعيد”، من حي “البدو” في الرقة، على مراجعة مكتب الطب الشرعي، التابع لـ”فريق الاستجابة الأولية”، في كل مرة تُفتح فيها مقبرة جديدة، بحثاً عن رفاة ابنها “سعيد”، الذي تعتقد أن التنظيم قتله، بعد اعتقاله عام 2015.

وتحاول السيدة، البالغة من العمر خمسة وسبعين عاماً، تذكّر الملابس التي كان ابنها يرتديها، قبيل قيام مسلحي داعش باختطافه، علّها تساعدها في التعرّف على جثته. مرجعةً، في حديثها لـ«الحل نت»، أسباب الاختطاف إلى «رفضه أفكار وممارسات داعش ضد المدنيين».

«ابني كان مدرس تاريخ، ومن المناهضين لحكم داعش، وحاول الفرار من الرقة مراراً، لكنه كان يفشل في هذا دائماً، وفي الرابع عشر من آب/أغسطس عام 2015، حاصرت عدة دوريات من مسلحي داعش حيّنا، واعتقلت عدداً من الشباب، بينهم ابني، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخباره، وأعتقد أنه قُتل ودُفن في مكان ما من المدينة»، تقول المرأة المسنّة، المتشحة بالسواد.

السيدة “عنود”، من سكان الرقة، ليست أفضل حالاً من “أم سعيد”، فهي الأخرى لم تعثر على رفات زوجها “جاسم”، الذي اختفى بعد رفضه تسليم  شقيقته الأرملة لدورية من “الحسبة”، وهي الشرطة النسائية للتنظيم.

وتوضح “عنود” في حديثها لـ«الحل نت»: «رفض زوجي السماح للحسبة النسائية بأخذ شقيقته إلى إحدى المضافات، لتزويجها بعد مقتل زوجها الأول، الذي انضم لداعش، فقامت دورية الحسبة باعتقال زوجي، ولم أسمع عنه شيئاً منذ ذلك اليوم، أما شقيقته فتم أخذها عنوة، وتزويجها لأحد مسلحي التنظيم العراقيين».

 

مجرمو “الهوتة”

تثير كلمة “الهوتة” الفزع في قلوب أهالي الرقة، وارتبطت بها أسماء حاضرة في ذاكرتهم لمسلحي التنظيم، المنحدرين من الرقة وريفها، الذين ارتكبوا جرائم حرب بحق أبناء محافظتهم، ورموهم أحياءً في “الهوتة”، المعروفة باسم “حفرة الموت”.

وكشف مصدر محلي لـ«الحل نت» عن هوية أحد أهم المشرفين من أبناء الرقة على عمليات الإعدام الميدانية، وهو “مؤمل عيسى”، القيادي في كتيبة “القادسية”، التي كانت من الكتائب العسكرية الهامة في تنظيم داعش.

وقال المصدر، الذي رفض كشف هويته، إن «”مؤمل” رمي عشرات المدنيين، والعسكريين من #القوات_النظامية، أحياءً في حفرة “الهوتة”، وله صور بجانب هذه الحفرة»، مؤكداً أن «”مؤمل” هرب إلى  مدينة #جرابلس، شمال غربي سوريا، وصار قيادياً في فصيل #أحرار_الشرقية، التابع للجيش الوطني المعارض، ويعمل اليوم موظفاً في معبر #تل_ابيض الحدودي مع تركيا».

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد دعت، في وقت سابق من العام الماضي، إلى «التحقيق في حفرة “الهوتة”، البالغ عمقها خمسين متراً، والتي حوّلها تنظيم داعش، بين عامي 2013 و2015، الى موقع لرمي الجثث».

وقالت “سارة كيالي”، الباحثة السورية في  المنظمة، إن «حفرة “الهوتة”، التي كانت ذات يوم موقعاً طبيعياً جميلاً، أصبحت مكاناً للرعب والاقتصاص». وشدّدت على أن «فَضْح ما حدث هناك، وفي المقابر الجماعية الأخرى في سوريا، أمر أساسي لتحديد ما حدث لآلاف الأشخاص، الذين أعدمهم داعش، ومحاسبة قتلتهم».

 

أكثر من ثمانية آلاف مختطف

وأحصت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” 8648 حالة اختطاف، ومن بين المختطفين 225 سيدة و319 طفلاً، ويُشتبه أن هؤلاء لقوا حتفهم، ودفنوا في مقابر جماعية، على يد تنظيم داعش.

وبحسب “ياسر الخميس” فإن «أكبر المقابر الجماعية، المكتشفة في المدينة، هي “مقبرة البانوراما”، التي انتُشل منها ما يقارب ثلاثة آلاف جثة، عائدة لمدنيين، أُعدموا على يد تنظيم داعش، إبان سيطرته على المدينة».

ويواصل فريق “الاستجابة الأولية” انتشال آلاف من الجثث، من المقابر الجماعية في الرقة، ومنها مقبرة في حديقة الحيوان بالمدينة، ضمّت رفات مئات المدنيين من ضحايا التنظيم، وسط حالة من الصدمة والذهول بين الأهالي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.