استمرار الاعتقالات في عفرين: حالة انفلات أمني أم محاولة ممنهجة للتغيير الديموغرافي؟

استمرار الاعتقالات في عفرين: حالة انفلات أمني أم محاولة ممنهجة للتغيير الديموغرافي؟

تستمر حالات الاعتقال والخطف في منطقة #عفرين، التي تسيطر عليها فصائل #الجيش_الوطني المعارض، الموالي لتركيا، منذ أكثر من ثلاث سنوات. وتتحدث منظمات حقوقية وناشطون محلّيون عن انتهاكات مستمرة، ترتكبها الفصائل بعلم السلطات التركية، في حين ينفي مسؤولو #الائتلاف_الوطني المعارض وجود مثل هذه الانتهاكات.

وتمكّنت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” من توثيق نحو مئة وأربع وأربعين حالة اعتقال، خلال الشهرين الماضييّن، نفذتها فصائل المعارضة في عفرين، ومن بين المعتقلين تسع نساء وسبعة أطفال.

وأوضح تقريرٌ للمنظمة، حصل «الحل نت» على نسخة منه، أنه «تم الإفراج عن ستة وأربعين شخصاً ممن تم اعتقالهم فقط، فيما لا يزال مصير ثمانية وتسعين معتقلاً مجهولاً، حتى تاريخ إعداد التقرير، في العاشر من آذار/ مارس 2021».

وفي السياق نفسه وثّق “مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا”، في السابع والعشرين من شهر آذار/مارس الجاري، اعتقال ثلاثة وأربعين شخصاً في عفرين، منذ بداية الشهر نفسه.

 

«الوعود التركية لا تُنفذ»

“رامي عبد الرحمن”، مدير “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، قال، في تصريح خاص لموقع «الحل نت»، إن «الوعود التي أطلقها “نصر الحريري”، رئيس الائتلاف الوطني المعارض، حول عفرين، أثناء زيارته لإقليم كردستان العراق، لم تنفذ».

وأضاف: «الاعتقالات في المنطقة لم تتوقف، بالرغم من الوعود التي أطلقتها #تركيا والفصائل والائتلاف، فالتغيير الديمغرافي مستمر، واكذلك فرض لإتاوات، والاعتقالات لا تطال الكُرد فقط، بل العرب أيضاً». وذكر “عبد الرحمن”، للتدليل على كلامه، حادثة «اعتقال امرأتين عربيتين، في منطقة “راجو” بعفرين، أثناء توجههما لتركيا».

واختتم حديثه بالقول: «تُمارس في عفرين أبشع أنواع الانتهاكات، والمنظمات الحقوقية والإعلامية السورية لا تركّز على ما يحدث في المنطقة، وتعتبرها خارج الحدود السورية. ولا نعلم إن كان خلف هذا اعتبارات سياسية وأيديولوجية، أم أنه يُطلب من هذه المنظمات التركيز فقط على ما يجري في مناطق سيطرة #الحكومة_السورية وقوات سوريا الديمقراطية»، حسب تعبيره.

 

«الانتهاكات لا تتوقف لأنه لا توجد جهة تضبط الفوضى»

«أي شخص يُعتقل في المنطقة عن طريق الشرطة العسكرية أو المدنية، التابعة للجيش الوطني، يكون متُهماً بأنه أدى خدمة التجنيد الإلزامي لدى #الإدارة_الذاتية، أو أنه عمل مع الإدارة فيما سبق، أما من يُعتقل عن طريق الفصائل المختلفة فهو على الأغلب ضحية عملية اختطاف، هدفها طلب الفدية المالية»، بحسب  “أحمد محمد”، وهو اسم مستعار لصحفي من #الغوطة نازح إلى عفرين.

ويؤكد الصحفي السوري لموقع «الحل نت» أن «الانتهاكات وحالات الاعتقال لا تتوقف، لأنه لا توجد جهة قادرة على ضبط الفوضى في المنطقة».

وانتشرت ظاهرة الخطف وطلب الفدى المالية بعد دخول تركيا وفصائل الجيش الوطني إلى عفرين، ويرى مراقبون أن سبب انتشار الظاهرة هو الرواتب الضئيلة، التي تقدمها تركيا لعناصر فصائل الجيش الوطني.

 

«لا توجد اعتقالات عشوائية»

“مضر حماد الأسعد”، المتحدث الرسمي باسم “مجلس القبائل والعشائر السورية”، المقيم في تركيا حالياً،  حاول، في حديثه لـ«الحل نت»، تفنيد الاتهامات الموجهة للجيش الوطني.

ونفى “الأسعد” وجود حالات اعتقال عشوائية في المنطقة قائلاً: «كل من يتم اعتقاله يكون مشاركاً في عمل إرهابي، مثل التفجيرات، أو يكون قد سهّل حدوثها، وتكرار هذه التفجيرات يتطلّب من الجهات الأمنية الضرب بيد من حديد، واعتقال كافة المتورطين».

وأشار إلى أنه «إذا ثبت على أحد عناصر الجيش الوطني القيام بأية انتهاكات، فالقضاء سيقوم بتجريمه، وهذا حصل عدة مرات، فقد تم اعتقال عناصر يعتدون على الأهالي، ليس في عفرين فقط، بل في كافة المناطق التي يتواجد فيها الجيش الوطني».

ونوّه “الأسعد” إلى أن «أسباب الاعتقالات قد تكون مشاكل وخلافات وجرائم جنائية عادية»، مؤكداً أن «عفرين منطقة كبيرة، وفيها عدة مكوّنات، وقد تحدث مشاكل بين الأهالي على الزراعة والتجارة والقضايا الشخصية، فتتدخل الجهات الأمنية للفصل في هذه المشاكل، وتعتقل الأشخاص المخالفين، أو المرتكبين للجنح والجرائم بحق الآخرين».

وأتهم “الأسعد” #قوات_سوريا_الديمقراطية والحكومة السورية بـ«الوقوف وراء التفجيرات، التي تحدث في المنطقة، كما أنهما مسؤولتان عن كثير من حالات الخطف وطلب الفدى المالية».

وحاول «الحل نت» الحصول على تصريح من “يوسف الحمود”، الناطق باسم الجيش الوطني، عن حالات الاعتقال، لكنه رفض الإجابة على أسئلة الموقع.

 

«هل يعقل أن يكون أكثر من مئة شخص متورطين في التفجيرات؟»

“بسام الأحمد”، مدير “مركز سوريون لأجل الحقيقة والعدالة”، لا يبدو مقتنعاً بحديث “الأسعد”، ويصف التبريرات، التي يسوقها مسؤولو الائتلاف، بأنها «محض أكاذيب».

ويتساءل في حديثه لموقع «الحل نت»: «إذا كان كلام مسؤولي الائتلاف صحيحاً، فهل يُعقل أن هناك مئة وأربعة وأربعين شخصاً متورطين في التفجيرات، استطاع الجيش الوطني اعتقالهم خلال شهرين فقط؟ هل الآلاف من أهالي عفرين المعتقلين إرهابيون؟ وهل النساء والأطفال أيضاً متورطون؟».

ويختتم حديثه بالقول: «الائتلاف المعارض لا يعرف كيف يُرقّع انتهاكاته. والأمر واضح تماماً: هناك انتهاكات ضد الكُرد والسكان الأصليين للمنطقة، بهدف التغيير الديمغرافي. وبما أنه لا توجد محاكم علنية، لنعرف بشكل صريح تُهم من تم اعتقاله، فإن ممارسات المعارضة السورية المسلّحة لا تختلف إطلاقاً عن ممارسات الحكومة السورية»، حسب تعبيره.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.