استعراض “ربع الله” في بغداد: لماذا تبدو حكومة الكاظمي مترددة وعاجزة عن الرد على انتهاك هيبتها؟

استعراض “ربع الله” في بغداد: لماذا تبدو حكومة الكاظمي مترددة وعاجزة عن الرد على انتهاك هيبتها؟

الاستعراض، الذي أجرته ميلشيا #ربع_الله في #بغداد، يوم الخميس، الخامس والعشرين من آذار/مارس الجاري، لم يمرّ مرور الكرام، أو يتعامل معه العراقيون بطريقة عابرة، فما بين صدمة البغداديين أمام استباحة مدينتهم بهذه الطريقة، وعجز #الحكومة_العراقية عن ردع هذا النوع من المظاهر المسلّحة، اختلف المراقبون والمحللون على هوية ميلشيا ربع الله، والجهة التي تتبع لها، وهو الخلاف الذي حسمه “أبو علي العسكري”، المسؤول الأمني لميلشيا #حزب_الله_العراقي، في تغريدة له على موقع “تويتر”.

“العسكري” كتب، بعد ساعات من الاستعراض، «تم نقل قوات من #الحشد_الشعبي، ُنشرف على إدارتها ودعمها، إلى أحد أطراف بغداد، لأداء مهامها للدفاع عن بلدنا العزيز، وهذا النقل روتيني، ولا يحتاج للتنسيق مع أية جهة».

ولم يوجه “العسكري” أي انتقاد واضح لحالة الفوضى والإرباك الأمني، التي أحدثها استعراض ربع الله، واكتفى بالقول: «بسبب العوامل الأمنية والفنية تغيّر مسار الرتل إلى وسط العاصمة، واستثمر بعض الشباب المتحمس، غير المنضبط، هذا المسار، ليعبّروا عن مطالب حقة، لكن بطريقة غير مقبولة لنا».

كما لم يعتذر المسؤول الميلشيوي الأمني عن إهانة عناصر ربع الله لرئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي، من خلال رفعهم صوراً له، رُسمت فوقها أحذية، بل ذهب إلى تكرار المطالب، التي تمت المناداة بها في استعراض الميلشيا: «إقرار الموازنة، تراجع سعر صرف الدولار، عدم تسليم الموازنة إلى مسعود بارزاني، قبل دفع #إقليم_كردستان مستحقات النفط والمعابر».

كلام “العسكري” جاء متناقضاً مع بيان هيئة الحشد الشعبي، التي قالت فيه: «ننفي نفياً قاطعاً وجود أي تحرك عسكري لقطعات الحشد الشعبي داخل العاصمة بغداد، حسبما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام».

 

 مصدر أمني: «ننتظر أوامر عليا كي نقوم بالرد»

وكشف مصدر أمني عراقي رفيع المستوي لموقع «الحل نت» معلومات حصرية، توضح كيفية تحرك ميلشيا ربع الله، وصولاً لقلب العاصمة بغداد، وتحديداً منطقة “الكرادة”، الملاصقة للمنطقة الخضراء، حيث يقع مقرّ الحكومة العراقية وعدد من السفارات الأجنبية.

وقال المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه: «في تمام التاسعة إلا ربعاً، صباح الخميس الماضي، تحرّكت قوات تابعة لكتائب حزب الله العراقي، منطلقةً من إحدى مقراته، بمنطقة “شارع فلسطين” شمال شرقي بغداد، متوجهةً لمنطقة “شرق القناة”، في رتل يضمّ ما لا يقل عن خمس وأربعين آلية، ومن ثمّ تلا متحدث من هذه القوات بياناً بعدة مطالب، قبل أن يواصل الرتل طريقه نحو طريق “محمد القاسم” وسط العاصمة، ومنه لساحة “التحريات”، وبعدها منطقة “الكرادة”».

وأضاف: «توجهت بعدها كتائب حزب الله، التي سمّت نفسها ربع الله، نحو طريق “الدورة”، جنوب شرقي العاصمة، قبل أن تغيب عن التغطية الإعلامية، التي رعتها قنوات تابعة لها، على موقع “تليغرام”، بينها “صابرين نيوز”، وواصلت الكتائب تحركها نحو شمال غربي محافظة بابل، حيث تقع منطقة “جرف الصخر”، التي تضم مقاراً لحزب الله العراقي وميليشيا بدر».

وأشار إلى أن «القوات الأمنية العراقية تراقب الوضع عن كثب، وبانتظار الأوامر العليا، التي تحدد لها كيفية الرد، في الساعات والأيام المقبلة»، مؤكداً: «لن نسمح بأي تحرك جديد، يستهدف ضرب هيبة الدولة»، حسب تعبيره.

 

 مصدر قضائي: «تحرّك الميلشيات جاء رداً على جهود مكافحة الفساد»

مصدر قضائي عراقي مطلع أوضح لـ«الحل نت» أن «الاستعراض الأخير جاء رداً على نشاط لجنة مكافحة الفساد، التي شكّلها الكاظمي، برئاسة الفريق “أحمد أبو رغيف”، وفتحها لملفات فساد كبرى، تورّطت بها جهات تابعة للميلشيات، في المنافذ الحدودية والمدن التي تنتشر بها. فهذه الميلشيات سرقت أموالاً طائلة، أيام الحرب على #داعش، تعود لشخصيات عشائرية سنيّة، قُتل البعض منهما، وهرب البعض الآخر خارج العراق».

إهانة الكاظمي وأبي رغيف خلال استعراض ميلشبا ربع الله

هذه المعلومات قد تفسّر ما قامت به ميلشيا ربع الله في استعراضها، من تهديد الكاظمي و”أبي رغيف” بقطع أيديهم وآذانهم، في حال طال نشاط لجنة مكافحة الفساد “المقاومة الإسلامية”، وهي التسمية الأخرى التي تهوى ربع الله، وغيرها من الميلشيات، إطلاقها على نفسها.

والملفت أن كثيراً من القوى السياسية أحجم عن التعليق على الاستعراض، خشيةً من ردود فعل الميلشيات، بل أن رد الكاظمي نفسه كان «خجولاً وصادماً»، بحسب بعض المتابعين، الذين رأوا أن رئيس الوزراء العراقي «تنازل عن دوره، بوصفه قائداً عاماً للقوات المسلحة العراقية، بعد أن امتنع عن ردع أو محاسبة مظاهر، تمسّ بأمن وسيادة الدولة العراقية بشكل مباشر».

وكان الكاظمي قد ألقى كلمةً، خلال حفل تكريم عائلات شهداء الصحافة، داخل مقر نقابة الصحفيين العراقيين وسط بغداد، بعد ساعات قليلة من الاستعراض، اكتفى فيها بالقول إن الاستعراض «خرج بهدف إرباك الوضع، وإبعاد العراق عن دوره الحقيقي. وهناك من يعتقد أنه بالسلاح يهدد الدولة»، مردداً: «كفى حروباً وسلاحاً».

 

 مستشار للكاظمي: «الدولة لا تريد الانجرار لصراع داخلي»

“حسين علاوي”، أستاذ العلوم السياسية في “جامعة النهرين”، والذي يعمل بصفة مستشار لرئيس الوزراء العراقي، قال إن «هناك من يريد أن يذهب بالبلاد إلى حالة تستهدف الحياة المدنية، وأن يجعل منطق السلاح أقوى من منطق الدولة»، مؤكداً أن «الدولة العراقية أقوى من هذه المجاميع، وتمتلك الشرعية والقوة لفرض إرادتها».

وأضاف في حديثه لـ«الحل نت»: «ما يحدث هو مزاحمة إعلامية من بعض الفصائل للدولة، فهذه الفصائل لا تملك خطاباً أو قيادة موحّدة، وهناك تنافس فيما بينها، وهي تعتقد أن السلاح هو من سيفرض نفسه، لكنها ستصطدم مع الرغبة الشعبية بالاستقرار الأمني والاقتصادي».

وتابع: «بعض الجماعات، التي تحمل السلاح، تراهن على الانقسامات، لكن صوت العراقيين أقوى»، مؤكداً أن «هذه الجماعات تستهدف علاقات العراق مع العالم، وتصرّ على ضرب البعثات الدبلوماسية، وافتعال صراعات، وبعضها يريد أن يُدخل العراق في أتون الصراع الأميركي – الإيراني».

وحول موقف الحكومة العراقية من هذه الممارسات يقول “علاوي”: «الحكومة لا تريد أن تنجرّ لأي صراع داخلي، وعليه فإن مبادرة الحوار الوطني، التي دعا اليها الكاظمي، في الثامن من آذار/مارس الجاري، ماضية في تفكيك السلاح الخارج عن نطاق الدولة، والتوصّل لحالة أمنية مستقرّة، يمكن فيها إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة، في تشرين الأول/أكتوبر المقبل».

 

 ائتلاف سياسي عراقي: «الدولة العراقية مطالبة بفرض هيبتها»

من جهته يقول “أحمد الوندي”، المتحدث باسم “ائتلاف النصر”، بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق “حيدر العبادي”، إن «أي عمل أو تحرّك خارج إطار الدولة غير مقبول، وسيؤدي لتشظّي المنظومة الأمنية والميدانية، وانقسام الدولة، وضرب هيبتها، وخلق عراقيل لا يمكن تجاوزها في وقت قريب».

وأضاف في حديثه لـ«الحل نت»: «الاعتراض على الأداء الحكومي أمر طبيعي، كفله #الدستور_العراقي، الذي يعطي إطاراً للتغيير الحكومي، كما حدث عند تغيير حكومة “عادل عبد المهدي”، نهاية العام 2019، إلا أن هذه الممارسات المسلّحة خارجة عن الإطار الدستوري، وستزيد التصدّع السياسي والمجتمعي».

ولفت إلى أن «”ائتلاف النصر” طالب بعقد حوار جامع، يضع النقاط على الحروف، وينزع فتيل الأزمة، دعماً للسيادة الوطنية. فالحوار هو السبيل الأفضل لمنع تطوّر الأوضاع بشكل خطير»، مشدداً على أن «الدولة العراقية مطالبة، من موقع مسؤوليتها، بحشد جهودها لبسط هيبتها، بما تمتلكه من صلاحيات قانونية وتنفيذية، في مواجهة أية جهات تريد اختراق السيادة، وضرب هيبة الدولة».

 

 خبير أميركي: «كورونا والأزمة الاقتصادية يضعفان الحكومة العراقية»

“دانيال بايمان”، الباحث في “معهد بروكينز” للدراسات في العاصمة الأميركية #واشنطن، يرى أن «إدارة العراق، في ظرف وجود ميليشيات مسلّحة، أمر صعب. وتواجد الميلشيات يُضعف حكومة الكاظمي، لأنها ستزرع حالة من عدم الاستقرار، من خلال تنفيذ جرائم ضد المجتمع، وربما كانت المشاكل الاقتصادية وجائحة #كورونا من أهم الأسباب، التي تزيد من ضعف الحكومة العراقية في مواجهة الميلشيات».

ولفت، في مقابلة متلفزة تابعتها «الحل نت»، إلى أن «سلاح هذه الميلشيات يدخل العراق عبر الحدود مع #إيران، ويتطلّب وقف تدفق السلاح، ومواجهة الميلشيات، حكومة قوية اقتصادياً، قبل أن تكون قوية عسكرياً».

وبشأن الموقف الأميركي من مساعدة حكومة العراق في تعزيز الأمن والديمقراطية قال “بايمان”: «الوجود الأميركي ضئيل حالياً في العراق، وقدرة واشنطن على التأثير محدودة. إلا أنه من الممكن أن يحدث تعاون بين الجيشين الأميركي والعراقي، في مواجهة هذه الجماعات، وأن تدعم واشنطن بغداد بمساعدات اقتصادية، تعزّز الديمقراطية»، مختتماً حديثه بالتأكيد أن «حلّ المشكلة عراقي، حتى لو عملت إدارة الرئيس #جو_بايدن على مساعدة الحكومة العراقية في مواجهة التحديات».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.