منصة لسوريا وقنصلية بأربيل: هل ستتمكن قطر من لعب دور محوري في المنطقة بالتنسيق مع روسيا وتركيا؟

منصة لسوريا وقنصلية بأربيل: هل ستتمكن قطر من لعب دور محوري في المنطقة بالتنسيق مع روسيا وتركيا؟

بدأت دولة #قطر مؤخراً بإجراء تحرّكات سياسية مكثّفة، على الساحة السورية والعراقية، وسط أنباء وأحاديث متواترة عن دور خليجي قادم في حل أزمات المنطقة.

ومنحت اتفاقية “العُلا”، التي أدت للمصالحة الخليجية، #الدوحة فرصة للانطلاق فى ملفات المنطقة، ولعب دور معلن فيها، بعد سنوات من اتهامها بلعب دور سلبي غير معلن، سواء فى سوريا أو العراق.

واستضافت الدوحة، في الحادي عشر من آذار/مارس الماضي، اجتماعاً لوزير الخارجية التركي ونظيره الروسي، بمشاركة وزير الخارجية القطري “محمد بن عبد الرحمن آل ثاني”، فيما وصفه مراقبون بـ”منصة إقليمية ثلاثية جديدة، للإسهام في تسوية النزاع السوري”.

كما قام وزير الخارجية القطري، في الرابع والعشرين من آذار/مارس، بزيارة رسمية إلى العراق، شملت #بغداد وأربيل.

وتأتي زيارة الوزير القطري بعد توترات شهدتها العلاقة بين الدوحة وبغداد، على خلفية تدخّلات قطرية فى الشأن العراقي، كان أبرزها حادثة إدخال مبالغ مالية ضخمة، بشكل غير قانوني، في نيسان/إبريل 2017، لتقديمها فديةً لميلشيا شيعية، احتجزت مواطنين قطريين، وهو ما اعتُبر وقتها دعماً قطرياً غير معلن لهذه الميلشيا.

وأعلن “حيدر العبادي”، رئيس الوزراء العراقي آنذاك، أن «سلطات بلاده تتحفظ على مئات ملايين الدولارات، كان قد أحضرها مفاوضون قطريون إلى بغداد، لدفع فدية، لقاء الإفراج عن أربعة وعشرين صياداً قطرياً، وصيادين سعوديين، خطفوا في العراق أواخر العام 2015، وأُفرج عنهم بعد الصفقة».

ويرى مراقبون أن التحرّك القطري فى ملفات سوريا والعراق جزء من التغيير، الذى يشهده الشرق الأوسط، مع تغيّر الإدارة الأميركية، ما دفع عدداً من الدول، ومنها قطر، لتغيير سياستها حيال أزمات المنطقة.

 

استعادة الدور القطري

“د.إياد المجالي”، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية، يرى أن «وجود قطر في المشهد السياسي اليوم يشكّل مرحلة مهمة في الملف السوري، لذك جاء تحرّك الدوحة، بعد إتمام خطوة المصالحة الخليجية، بهدف معالجة عدة ملفات شائكة في العلاقات العربية. وتعدّ الأزمة السورية إحدى أهم الملفات، التي قامت فيها قطر بخطوات فعلية، فقد استثمرت علاقاتها الدبلوماسية الجيدة مع كافة أطراف الصراع القائم في سوريا، ما مكّنها من تأسيس “منصة الدوحة”، التي يمكن أن تكون متنفّساً جديداً للحل السياسي».

أما عن ارتباط التحركات القطرية المفاجئة، في ملفات سوريا والعراق، بالدور التركي، يشير “المجالي”، في حديثه لـ« الحل نت»، إلى أن «القيادتين التركية والقطرية دعمتا قوىً سياسية إسلامية صاعدة، في البلدان التي تمرّ بمراحل انتقالية، مثل #ليبيا وسوريا، ما ورّط القيادتين بعدد من المشاكل، ولذلك يسعى القطريون اليوم لاستعادة سمعتهم، بوصفهم وسيطاً سياسياً، ويواجهون مهمة صعبة، في تخفيف دعمهم العلني السابق للإسلام السياسي، وفي الوقت نفسه إعادة تحديد طبيعة انخراطهم مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وخصوصاً الجانب التركي».

 

واجهة لأميركا وتركيا

من جانبه يري “د.جواد البيضاني”، مدير “المعهد العراقي للدراسات الكُردية”، أن «التغيّر، الذى حدث فى الإدارة الأميركية، دفع قطر، شأنها شان كثير من الدول، لتغيير سياساتها».

وأوضح لـ«الحل نت» أن «قطر تريد أن تلعب دوراً فى منطقة الخليج والعراق وسوريا، رغم صغر حجمها»، لافتاً إلى أن «وزير الخارجية القطري، عندما واجهه البعض بالقول إن قطر يجب أن تنظر لحجمها، كانت إجابته أن #إسرائيل ربما تكون أصغر من قطر، ولكنها مؤثرة في العالم كله».

وقال الخبير العراقي إن «الدور القطري فى سوريا ينطلق من رغبة أميركا والغرب فى إنهاء القضية السورية، وقطر تسعى، ضمن هذا السياق، للظهور وسيطاً فى معالجة مشاكل المنطقة، بعد أن كانت سبباً في أزماتها»، حسب تعبيره.

وحول الدور القطري فى العراق تحدّث مدير “مركز الدراسات الكردية” عن «رغبة دولية فى إبعاد العراق عن #إيران، واستمالته لحاضنته العربية، وتعزيز علاقته مع دول الخليج وبقية الدول العربية، وربما ستلعب قطر دوراً في هذا».

وأشار إلى أن «تركيا ربما تريد استغلال علاقاتها بقطر لدعم العراق اقتصادياً، واستقطابه بعيداً عن التحالف مع #مصر والأردن، فنجاح هذا التحالف الثلاثي يهدد الاقتصاد التركي، خاصة أن حجم التعاون الاقتصادي بين العراق وتركيا شديد الضخامة، فالعراقيون يستوردون كل شيء تقريباً من #تركيا، وإذا تحوّلت بوصلة العراق نحو مصر والأردن فستخسر تركيا كثيراً، وهو ما لا يتحمّله الاقتصاد التركي، الذي يعاني أصلاً كثيراً من المشاكل».

ولفت إلى أن «تركيا تلجأ اليوم لكل الوسائل، من إجل إبقاء العراق تحت سيطرتها الاقتصادية، ومنها تشديد قبضتها على موارده المائية، كما أعلنت استخدام موانئ قطرية لنقل البضائع للعراق، واستقطبت كثيراً من المثقفين العراقيين. وعموماً تحاول ربط العراق بمزيد من التعاون الاقتصادي معها، بالتنسيق مع قطر».

 

دور الغاز الروسي

“د.عمرو الديب”، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “نيجني نوفغورود” الروسية، يرى أن «الاهتمام القطري بإقليم كردستان العراق، وفتح قنصلية قطرية في #أربيل، يرتبط بشكل أكبر بالمشاريع الروسية الخاصة بالنفط والغاز، فمن المعروف أن الشركات الروسية لها تواجد كبير في المنطقة».

وقال في حديثه لـ«الحل نت»: «هناك تعاون في مجال الطاقة بين #روسيا وقطر، وربما يمتد هذا التعاون إلى الشمال العراقي، خصوصاً بعد فتح القنصلية القطرية بأربيل»، لافتاً إلى إن «هذا التعاون القطري الروسي سيكون برضا تركيا، لأن علاقات #أنقرة بالدوحة فى أفضل حالاتها».

وأشار إلى أنه من المبكر الحديث عن منصة الدوحة لأن «المنصات السياسية لا تُؤسس بلقاء واحد دون نتائج، والأفضل انتظار نتائج سياسية معيّنة، قبل اعتبار ما يسمى “منصة الدوحة” عاملاً سياسياً مؤثراً في المنطقة. الأهم الآن الانتباه للعوامل الاقتصادية والتجارية بين قطر وروسيا وتركيا، لأن التركيز القطري على #إقليم_كردستان كان مخططاً له قبل اجتماعات الدوحة حول سوريا».

 

العودة للسرب

الكاتب العراقي الكُردي “فائق يزيدي” يؤكد أن «قطر تبحث عن بناء علاقات جديدة، في ظل المتغيرات في المنطقة، فعودة العلاقات بينها وبين دول الخليج ومصر، والتقارب المصري التركي، يفرض عليها أن تغرّد داخل السرب، لا أن تكون خارجه، خاصةً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن قطر واحدة من الدول العربية، التي يوجد بها تواجد عسكري تركي».

وأضاف “يزيدي”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «العراق وإقليم كردستان من الدول التي لها مركز وثقل في السياسة والعلاقات الدولية، إذا ما أخذنا فى الإعتبار العلاقات الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة».

وأوضح أن «قطر بحاجة إلى أن تؤسس علاقاتها مع العراق ودول المنطقة من جديد، على أساس الاحترام المتبادل، وألا تكون عامل اضطراب، فلا يخفى على أحد دورها السلبي في الأزمة السورية، ودعمها، مع تركيا، للمجاميع المسلّحة المتشددة في سوريا»، حسب تعبيره.

ويختتم الكاتب الكُردي حديثه بدعوة قطر لأن «تكون صادقة في نواياها هذه المرة، لا أن تكون مجرّد بيدق بيد السياسة التركية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.