مع احتمال عودة المفاوضات الأميركية-الإيرانية: هل ما زالت الميلشيات الولائية العراقية خاضعة فعلاً لسيطرة طهران؟

مع احتمال عودة المفاوضات الأميركية-الإيرانية: هل ما زالت الميلشيات الولائية العراقية خاضعة فعلاً لسيطرة طهران؟

بعد ثلاث سنوات من خروج أميركا، بإدارة رئيسها السابق دونالد ترامب، من #الاتفاق_النووي مع #إيران، الذي وُقّع في تموز/يوليو من العام 2015، يعود الاتفاق إلى الواجهة السياسية مجدداً.

فقد اتخذ الرئيس الأميركي الجديد #جو_بايدن خطوة تفاوضية، للعودة للاتفاق النووي مع #طهران، مخالفاً سياسة ترامب، الذي اعتمد سياسة الضغط القصوى، بفرضه أقسى العقوبات الاقتصادية على إيران.

المفاوضات ما زالت ببدايتها حتى الآن، وهي عسيرة نوعاً ما، إذ ترفض طهران الدخول بمفاوضات الاتفاق، ما لم ترفع واشنطن عنها كل العقوبات الاقتصادية مسبقاً، وهو ما لا توافق عليه أميركا.

ويُعتبر الملف العراقي أحد أهم النقاط العالقة في الاتفاق، خصوصاً فيما يتعلّق بالفصائل العراقية الموالية لإيران، التي تولي الولايات المتحدة أهمية كبيرة لتخفيف خطرها على مصالحها، وأمن حلفائها في المنطقة.

 

لا تفاوض قبل يونيو/حزيران

قبل الخوض بشأن الفصائل سألنا “عقيل عباس”، أستاذ العلوم السياسية في “الجامعة الأميركية بالسليمانية”، عن مفاوضات #واشنطن وطهران، فقال: «لا تفاوض جدّي حتى هذه اللحظة».

مُؤكّداً: «لن يحدث أي تفاوض، بشكل جاد، قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية، في يونيو/حزيران المقبل. وبالتأكيد فإن ملامح الحكومة الإيرانية الجديدة، وهل هي إصلاحية أم أصولية، ستحدّد شكل التفاوض، ومدى جديته، لكن الثابت لأميركا هو أنه لا عودة لاتفاق 2015، بصيغته الأولية».

ويبيّن الأكاديمي والمحلّل السياسي أن: «واشنطن تريد مفاوضة طهران على ثلاثة ملفات دفعة واحدة، وهي السلاح النووي؛ والصواريخ الباليستية؛ والنفوذ الإيراني في دول المنطقة».

وتمتلك إيران نفوذاً كبيراً بالمنطقة، وخصوصاً في العراق، عبر الفصائل المسلّحة الموالية لها، والتي تستخدمها ورقة ضغط ضد واشنطن، من خلال قصف مراكز الوجود الأميركي بالعراق، مثل  السفارة والقواعد العسكرية.

بالتالي فإن وجود الفصائل، حسب “عبّاس”، «يعيق القوات الأميركية بالعراق، ويُعرقل أي تحالف عراقي – أميركي وثيق، لذا فإن واشنطن ستمنح طهران خيارين: إما دمج الفصائل بشكل جدّي، لا شَكلي، بالقوات المسلّحة العراقية؛ أو حلحلة الفصائل وتفكيكها، وهذا خيار صعب، لذا سيكون الخيار الأول هو الحل لحفظ ماء وجه إيران».

 

التمرّد ضد إيران

معنى هذ أنه لو حدث الاتفاق النووي فإن إيران سترفع دعمها عن الفصائل، فماذا عن موقف الأخيرة؟ وكيف سيكون مصيرها؟  المحلّل السياسي “علي البيدر” يجيب على هذين السؤالين بالقول: «ستتمرّد الفصائل على طهران».

ويُضيف “البيدر” في حديثه لـ«الحل نت»: «حالة الانقسام داخل الفصائل ستزيد من إمكانية التمرد، إذ أصبحت هناك فصائل كثيرة، لها قيادات متعددة، وهذه الأخيرة لا تريد خسارة مكتسباتها».

ويستدرك المحلل العراقي بالقول: «الفصائل جعلت لإيران نفوذاً قوياً بالمنطقة، وهي أيضاً من سيُخسرها هذا النفوذ، بتمردها ضدها، فهي ترفض أن تكون كبش فداء لطهران، لأجل تحقيق الاتفاق النووي، رغم ارتباطها العقائدي بولاية الفقيه. وسواء تمت العودة للاتفاق أم لا فإن الفصائل باتت لا تستمع بالمطلق لأوامر طهران، وتتصرّف بشكل مستقل في كثير من الأحيان، لذا سيكون ضررها كبيراً على النظام الذي أسّسها».

«ستواجه طهران صعوبة شديدة، فالفصائل العراقية عامل معرقل للاتفاق، والخلاص منها لا يتحقق إلا بشن حرب شاملة عليها، مثل الحرب ضد تنظيم #داعش، وهذا يعني خسائر عسكرية ومالية، الكل بغنى عنها»، يقول “البيدر”.

 

لا وجود لدعم مادي!

«كانت الفصائل العراقية تتمتّع بدعم إيراني مالي، لكنه انقطع منذ أكثر من عام، ولذلك فإن الفصائل لن تتأثر في حال توقيع اتفاق نووي جديد»، بحسب الناشطة السياسية “سارة الموسوي”.

وتتابع “الموسوي” في حديثها لموقع «الحل نت»: «الفصائل العراقية باتت تعتمد في تمويلها على المنافذ الحدودية، والقوى السياسية الموالية لها بالبرلمان العراقي، ناهيك عن رواتبها الكبيرة من هيئة #الحشد_الشعبي، التابعة للدولة العراقية، وولاؤها لإيران صار عقائدياُ فقط».

هل حقاً قلّ أو توقّف الدعم المادي الإيراني للفصائل العراقية؟ توجهنا بهذا السؤال لـ”عقيل عباس”، الذي قال: «هذا حصل فعلاً، بسبب عقوبات ترامب الاقتصادية القاسية على طهران، لكنّ إيران تدعم الفصائل سياسياً».

ما يرجّح حديث “الموسي” و”عباس” هو زيارة الجنرال الإيراني #إسماعيل_قاآني لقيادات الفصائل في #بغداد، في نيسان/إبريل 2020، وإعطائه لكل واحد منهم خاتماً من الفضة بدل المال، قائلاً لهم: «لا مال لدينا».

الخبير الأمني “مؤيد الجحيشي” يؤكد لموقع «الحل نت» أنه «منذ اجتماع “قاآني” بقيادات الفصائل باتت الأخيرة تخرج عن سيطرة طهران. وقد طلب القائد الإيراني من الفصائل الهدنة والسلم، لكنها لم تستمع إليه، وباتت تحرج نظامه مع أميركا، باستهدافها المتكرّر لمصالحها في العراق، وهو ما تنفي إيران بشكل رسمي أي علاقة لها به، وقد نفت مؤخراً علاقتها باستهداف الفصائل لمطار أربيل».

 

ضررٌ إيراني من الفصائل

لكن ماذا لو لم يتم التوصّل لاتفاق نووي؟ يرى “الجحيشي” أن: «إيران ستتضرر في الحالتين، فحتى لو لم تعد للاتفاق مع أميركا فإن الفصائل قد أدركت أن طهران تستخدمها ورقةً في مفاوضاتها، دون أخذ مصالحها واستمرارها بعين الاعتبار. وبالنتيجة، فإن الفصائل، التي تسيطر على نفط #البصرة، وتُهرّبه لإيران، ستقطعه عنها، وهذا سيزيد من الصعوبات الاقتصادية في إيران، ما سيدفع بالشارع الإيراني الجائع للانتفاض».

وعن الداخل الإيراني، واحتمالية انتفاضه، التي تحدّث عنها “الجحيشي”، يقول “باسل حسين”،  الباحث السياسي، ورئيس” مركز كلواذا للدراسات”: «لا شك أن هناك حالة غضب مستعر في أوساط الشعب الإيراني، من دعم حكومته للفصائل المسلّحة في دول المنطقة، وإهمالها لمعاناته المعيشية. وقد خرج الشارع الإيراني في مظاهرات، ندّدت بالمغامرات الإيرانية في العراق، وجوبهت بالحديد والنار، وقد يخرج مرات أخرى بشكل أقوى».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.