مع اقتراب فصل الصيف عادت أزمة الكهرباء في العراق إلى الواجهة مجدداً، وعادت معها مخاوف الطبقة السياسية من اندلاع احتجاجات كبيرة في البلاد، خصوصاً وأن العراق شهد في السنوات الأخيرة فصول صيف شديدة القسوة، ارتفعت فيها درجات الحرارة لأكثر من خمسين درجة مئوية، ما يجعل قضاء الصيف القادم بلا كهرباء أمراً بالغ الصعوبة بالنسبة للمواطنين.

أزمة الكهرباء في العراق لا تخرج عن دائرة الصراع بين القوى السياسية العراقية، ولن يتم حلها على ما يبدو في الأمد المنظور، على الرغم من مليارات الدولارات، التي صُرفت عليها طوال الأعوام السبعة عشر الماضية.

 

موعدٌ للاحتجاج

واشتكى مواطنون عراقيون لموقع «الحل نت» من قلة ساعات الإمداد بالطاقة الكهربائية في معظم مناطق البلاد، فبالنسبة لـ”أبي علي”، وهو من سكان شرقي #بغداد، «لا يمكن القبول بتكرار المعاناة ذاتها كل صيف،  لقد غابت عنا الكهرباء، في السنوات الماضية، بعد أول موجة حر صيفية، وقد مللنا من الوعود الكاذبة للحكومة بأن واقع الكهرباء سيتحسّن، وساعات الإمداد ستزيد».

من جهته يقول “محمد حسين”، من سكان قضاء “الزبير” في مدينة #البصرة، إن «محافظة البصرة من أكثر المحافظات العراقية تأثراً بأزمة الكهرباء، بسبب أجوائها الصيفية القاسية جداً، ولم نلمس أي تغيير لإيجاد حلول لهذه الأزمة، لا من قبل الحكومة المحلية ولا حتى الحكومة الاتحادية».

مؤكداً: «إذا استمرت أزمة الكهرباء بهذه الوتيرة فستكون المحافظة على موعد مع احتجاجات شعبية كبيرة، لأن الناس لم تعد تطيق صبراً تجاه الإهمال الحكومي».

 

تجاوزات حكومية وأهلية

وترجع وزارة الكهرباء العراقية سبب قلة ساعات إمداد الكهرباء إلى مجموعة أسباب، من بينها «التجاوزات الحكومية على الطاقة الكهربائية، أي تجاوزات الوزرات والدوائر الحكومية ومكاتب الأحزاب السياسية؛ وكذلك التجاوزات الأهلية، من خلال قيام سكان الأحياء العشوائية بسرقة التيار الكهربائي».

“أمجد العقابي”، عضو لجنة النفط والطاقة النيابية، كشف لموقع «الحل نت» أن «أغلب مؤسسات الدولة العراقية لا تدفع ما عليها من أجور وديون لصالح وزارة الكهرباء العراقية».

مضيفاً أن «المؤسسات والدوائر الحكومية العراقية، ومكاتب الأحزاب السياسية المتنفّذة، تمتنع عن تسديد ثمن الكميات الهائلة من التيار الكهربائي التي تستهلكها، وأمانة العاصمة بغداد من بين الدوائر الممتنعة عن تسديد فواتيرها وديونها لوزارة الكهرباء العراقية، وفي ذمتها ثمانية وثمانين مليار دينار».

من جهته يؤكد “أحمد موسى”، المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أن «الطاقم الوزاري الحالي استطاع الوصول إلى معدل إنتاج، بلغ اثنين وعشرين ألف ميغاواط من الكهرباء، سيكون جاهزاً خلال فصل الصيف، بعد تمكّنه من إدخال محطتي “الناصرية” و”السماوة” إلى الخدمة، وهذا الرقم لم يتمكن أي طاقم وزاري سابق من الوصول إليه».

ويضيف “موسى”، في تصريحاته لموقع «الحل نت»، أن «وجود أي مشكلة في إمداد التيار الكهربائي في بعض المناطق ناتج عن التجاوزات على شبكات الطاقة، من قبل المناطق الزراعية والعشوائيات، فهناك 3411 مجمعاً عشوائياً، متجاوزاً على الطاقة، في بغداد لوحدها، مما يتسبب بتسرّب كبير في شبكة الكهرباء».

إلى ذلك تكشف “زهرة البجاري”، عضو لجنة النفط والطاقة في #البرلمان_العراقي، في حديث خاص لموقع «الحل نت»، عن سببين وراء تراجع إمداد الكهرباء: «الأول يتمثل بنقص الوقود المخصص لمحطات الكهرباء، خصوصاً ونحن نعتمد على الغاز المستورد؛ والثاني الإهمال المتعمّد أو غير المتعمّد في مجال الصيانة».

 

الدور الإيراني

«تلعب #إيران دوراً كبيراً في ملف الكهرباء في العراق، وتستخدمه للضغط على الحكومات العراقية، وتحرص الأحزاب الموالية لإيران على إفشال أي محاولة عراقية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الكهرباء، وأقرب الأدلة على هذا قيامها بعرقلة مشروع الربط الخليجي العراقي في مجال الكهرباء»، بحسب “نزار علي”، الخبير في مجال الطاقة.

ويضيف “علي”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «الطاقة العراقية تعتمد بشكل رئيسي وأساسي على الغاز الإيراني، مع أن الغاز العراقي أرخص بكثير، لو قررت #الحكومة_العراقية استثماره، إلا أن الأحزاب الموالية لطهران ترفض أي عمل يهدف إلى الاستثمار في هذا المجال».

“عبد الخالق العزاوي”، عضو #مجلس_النواب_العراقي، يرى أن «أزمة الكهرباء سياسية بامتياز، ولن تنتهي حتى لو تم تغيير مئة وزير»، حسب تعبيره.

“العزاوي” يؤكد لموقع «الحل نت» أن «أزمة الكهرباء باتت مصدراً لثراء قوى وشخصيات سياسية كبيرة، وتدّر عليها ملايين الدولارات سنوياً، ولولا هذا لكان ممكناً حلّها منذ سنوات، فالعراق أنفق أموالاً كافية لبناء محطات، تؤمّن الكهرباء له ودول الجوار».

ويطالب النائب العراقي بإيجاد الحلول لأزمة الكهرباء، عبر «إصدار قرارات تدعم مصلحة الوطن أساساً، وليس الجهات السياسية المرتبطة بالخارج»، ويستدرك بالقول: «ولكنّ هذا يحتاج لإرادة وطنية أولاً».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة