الاجتماع السعودي-الإيراني في بغداد: هل تستطيع حكومة الكاظمي تحقيق مصالحة إقليمية على أراضيها؟

الاجتماع السعودي-الإيراني في بغداد: هل تستطيع حكومة الكاظمي تحقيق مصالحة إقليمية على أراضيها؟

ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن «مسؤولين سعوديين وإيرانيين اجتمعوا في العاصمة العراقية #بغداد، لبحث ملفات إقليمية، على رأسها #اليمن ولبنان، للمرة الأولى منذ سنوات طويلة»، وهو مالم ينفه العراق أو #السعودية أو #إيران رسمياً.

الاجتماع، الذي عُقد في التاسع من نيسان/ٌإبريل الجاري، علّق عليه دبلوماسي غربي بالقول: «الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا على علم مسبق بالمحادثات السعودية الإيرانية، لكنهما لم يطلعا على أية نتائج لها»، وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز”.

بالمقابل أكد العراق، بشكل غير مباشر، عقد الاجتماع على أراضيه، بعد تسرّب الأنباء عنه، من خلال تصريح لـ”أحمد الصحاف”، المتحدث باسم الخارجية العراقية، الذي أكد أن «الدبلوماسية المُبادرة من قبل بغداد منهجٌ كُرّس له، ليكون مساراً يعزز مصالح العراق، ووزارة الخارجية العراقية تعمل بدأب عالٍ، لدعم المبادرات الجماعية، لتعزيز أمن واستقرار المنطقة»، حسب تعبيره.

 

 رغبة عراقية بنجاح الحوار

وأكد مسؤول عراقي لـ«الحل نت» أن «الحوار بين #الرياض وطهران في بغداد قد تتبعه جولات أخرى، تتطرق لملفي سوريا والعراق، برعاية عراقية – دولية».

ويوضح المصدر، الذي فضّل عدم كشف هويته، أن «العراق يريد للحوار النجاح، لأن هنالك ملفات تؤثر على أمنه واقتصاده، يجب أن تُبحث في جلسات الحوار المقبلة، أولها دعم إيران لجهات متشددة، تضرّ بأمن العراق، وتواصل قصف أهداف في بغداد ومدن أخرى، فضلاً عن إضرارها بأمن سوريا؛ ثاني الملفات هو الضغط، الذي تمارسه #طهران، لتعطيل الاستثمارات السعودية في العراق، التي من شأنها، إن وجدت أرضية مناسبة، أن تساهم في دفع عجلة التنمية بشكل واضح، خاصة بعد تشكيل صندوق استثمار سعودي-عراقي مشترك، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي إلى الرياض، نهاية آذار/مارس الماضي».

“محمد صالح صدقيان”، مدير “المركز العربي للدراسات الإيرانية”، كشف لموقع «الحل نت» أن «الحكومة العراقية، ممثلة برئيسها مصطفى الكاظمي، إضافة لدولة #قطر، عملا بجهد كبير وواضح، من أجل جمع الطرفين الإيراني والسعودي على طاولة الحوار».

مؤكداً أن «اللقاء بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين في بغداد مهم جداً، وضروري للوضع الإقليمي عموماً، وليس للوضع في إيران والسعودية فحسب، فالمنطقة عاشت، قبل وبعد #الربيع_العربي عام 2011، توتراً في العلاقات بين مختلف الفاعلين الإقليميين، وبات من الضروري حدوث تقارب عربي – إسلامي في الفترة الحالية، لإن استمرار الأزمات، وهدر الأرواح والأموال، لن يخدم أهداف أية جهة»، حسب تعبيره.

 

 تفاؤل بمكاسب داخلية

وعن المكاسب العراقية المتوقعة من الحوار يؤكد المحلل السياسي العراقي “معن الجبوري” أن «بغداد، التي احتضنت الاجتماع الأخير، هي مدينة السلام، التي ترحّب بالأشقاء والجيران، وبأي خطوة من الممكن أن تصل بالعراق والمنطقة إلى بر الأمان. فالاضطرابات والحروب في المنطقة تنعكس سلباً على جميع الدول، ولذلك سعى الكاظمي لرعاية المفاوضات، التي حضرها وفد عراقي، بهدف الوصول لاتفاقات ومعاهدات، يستفيد منها العراق والسعودية وإيران».

وأضاف في حديثه لموقع «الحل نت»: «الكاظمي سيقوّي قاعدته الشعبية وموقفة الداخلي، في حال نجاح الحوار، أمام القوى المعارضة، التي تعترض على تطوير العلاقات بين العراق وحاضنته العربية، وربما تنجح دبلوماسية الكاظمي الهادئة بإيصال الأمور إلى بر الأمان، دون حروب اقليمية جديدة».

من جهته يقول “إياد العنبر”، الأستاذ في كلية العلوم السياسية بجامعة الكوفة، إن «مشكلة السعودية وإيران أنهما ينظران إلى العراق بمنطق “اللعبة صفرية”، أي أنهما يعتقدان أن ما يحققه العراق من تطوّر في علاقاته مع أحد الطرفين سيكون بالضد من مصلحة الطرف الآخر».

مشدداً على ضرورة أن «تستثمر بغداد الحوار، ولا تكون ناقلة رسائل فقط، وألا تسمح #الحكومة_العراقية بعرقلة الخطوات، التي تقوم بها، للانفتاح على أيٍّ من البلدين، مع إبلاغ الطرفين نيتها الواضحة بإقامة علاقات متوازنة مع الجميع. إذ لا بأس من الاستعانة بدول الجور في التنمية الداخلية للعراق، وهذه نقطة التقاء مهمة مع السعودية وإيران».

 

وجهة نظر سعودية: إيران ووكلاؤها لم يطرحوا أي مؤشرات مشجّعة

الباحث السعودي “سليمان العقيلي” بيّن أن «الاجتماع، الذي حدث في بغداد، تطور جيد، أُريدَ له في البداية أن يكون سرياً، إلى حين حدوث تقدم فيه، إلا أنه سُرّب للصحافة البريطانية، وصار من اللازم تقديم توضيحات عنه».

وأكد “العقيلي”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «المملكة العربية السعودية تفضّل الحوار والتسويات السياسية، والدليل على هذا ما حدث في عهد الرئيسين الإيرانيين السابقين “محمد خاتمي” و”هاشمي رفسنجاني”، من حوارات بمبادرة سعودية. لكن بالمقابل نلاحظ منذ أعوام تغوّلاً في النفوذ الإيراني في العراق وسوريا، ما أوصل الأوضاع في البلدين لأسوأ حالاتها».

متابعاً: «قدمت السعودية عدة مبادرات تجاه إيران، منذ العام 1982، وآخر مبادراتها الحقيقية كانت إيقاف الحرب في اليمن، والذهاب إلى طاولة المفاوضات لتسوية الأزمة، ولكنّ إيران ووكلاؤها المحليون من الحوثيين لم يتجاوبوا مع التحرّك السعودي، الذي تضمّن الاستجابة لبعض مطالب جماعة #الحوثي، عبر فتح ميناء “الحديدة” ومطار #صنعاء، والرفع الجزئي للرقابة على الواردات إلى مدينة صنعاء. وقد تم وضع الملف اليمني بالأساس على طاولة الحوار بين الطرفين في بغداد، لأن هناك اشتباكاً واضحاً بين الطرفين في اليمن، الذي يمثّل أولوية لدى السعودية، وضرورةً لأمنها القومي».

وحول توقعاته لمستقبل الحوار يقول الباحث السعودي: «إيران تعيش اليوم عزلةً وعقوبات، ويجب أن تقدم تنازلات، وعليها أن تغيّر أسلوبها في المنطقة، فلا يمكن استمرار اطلاق الصواريخ الإيرانية والطائرات المسيرة من اليمن إلى السعودية، رغم إن نظام الدفاع الجوي، الذي تمتلكه الرياض، قادر على الردع. وعموماً إذا نجح الحوار الأولي، ووضعَ جدول أعمال وخارطة عمل مشتركة، فمن الممكن أن يستمر ويتعزز في المستقبل».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة