مخيمات ومراكز إيواء الحسكة: هل تركت الإدارة الذاتية النازحين تحت رحمة المنظمات غير الحكومية ومعاييرها؟

مخيمات ومراكز إيواء الحسكة: هل تركت الإدارة الذاتية النازحين تحت رحمة المنظمات غير الحكومية ومعاييرها؟

يصف نازحون من منطقة رأس العين واقعهم المعيشي، داخل المخيمات ومراكز الإيواء في محافظة #الحسكة، بـ«المأساوي»، نتيجة المعاناة من قلة المياه والمواد الغذائية، وتوقف المساعدات الإغاثية المخصصة لهم، فيما يُحَّمِلُ بعضهم مؤسسات #الإدارة_الذاتية لشمال وشرق سوريا مسؤولية تدهور أوضاعهم، ويتهمونها بـ«تجاهل شكاويهم».

 

«الإدارة لم تف بوعودها»

“يونس حسن”، نازح في الخامسة والثلاثين من العمر، يقيم مع زوجته وأطفاله الأربعة منذ ثمانية أشهر في مخيم “سري كانيه”، بحي “الطلائع” في الحسكة، يقول لموقع «الحل نت» إن «الخدمات في المخيم تدهورت تدريجياً، والبداية كانت مع انخفاض مخصصات النازحين من مياه الشرب، ما تسبب بمعاناة حقيقية، بعد ارتفاع درجات الحرارة، وتزايد الحاجة للمياه، مع دخول فصل الصيف، فضلاً عن حلول شهر رمضان».

ويؤكد “حسن” أن «مخصصات النازحين المائية  كانت تصل إلى عشرة براميل يومياً لكل خمس عوائل، ولكنها انخفضت إلى أربعة براميل، وجانب مهم منها يُسرق من أصحاب صهاريج، يبيعون المياه في مناطق أخرى، خاصة وأن الحسكة تشهد أزمة مياه».

المعاناة لا تقتصر على المياه، بحسب “حسن”، فإدارة المخيم «لا تخصص لكل نازح سوى رغيفين من الخبز يومياً، وهذا قليل جداً، ولا توجد إلا نقطة طبية وحيدة، لا تغطي احتياجات النازحين الصحية من علاج وأدوية، ما يرغمهم على التداوي على نفقتهم الخاصة، ويحمّلهم تكاليف مادية باهظة».

ويشكو النازحون من قلة المعونات منذ أكثر من شهرين، فيما يقول “حسن” إن «مؤسسات تابعة للإدارة الذاتية وعدت بتحسين الظروف المعيشية، أثناء نقل النازحين من مراكز الإيواء المؤقتة إلى مخيم “سري كانيه”، ولكنها لم تف بوعودها».

 

«شكاوى بلا رد»

“حميد أسعد”، اسم مستعار لرئيس كومين (مسؤول قطاع) ضمن مخيم “سري كانيه”، لم يمنعه منصبه من تأييد احتجاجات واتهامات النازحين، مؤكداً لموقع «الحل نت» أنه «قدّم ثلاث شكاوى لإدارة المخيم، حول قلة مخصصات الخبز، لكنها ظلت دون رد».

ويتابع المسؤول في المخيم أن النازحين «يضطرون للجوء لظل الأشجار طيلة اليوم، بسبب غياب وسائل التبريد والتهوية في خيمهم».

ويقطن في مخيم “الطلائع” (سري كانيه)، الذي استحدثته الإدارة الذاتية أواخر العام الفائت، أكثر من اثني عشر ألف شخص، ولا تزال أربع وأربعون مدرسة في مدينة الحسكة، وبلدة “تل تمر” شمالها، تستقبل آلاف النازحين، منذ الاجتياح التركي لمنطقتي #رأس_العين وتل أبيض أواخر عام 2019.

 

«تمييز بين المخيمات والمدارس»

النازح “رياض الخضر”، المقيم مع عائلته في إحدى مدارس الحسكة، يتحدث لـ«الحل نت» عن مشكلة أخرى، يعاني منها نازحو مراكز الإيواء المؤقتة، وهي أن «المنظمات الإغاثية تركز على العمل في المخيمات أكثر من مراكز الإيواء في المدارس، التي لم يتلق نازحوها المعونات لأكثر من شهرين».

ويفسّر “الخضر” سبب هذه المعاملة غير المتساوية بأن «مجلس مقاطعة الحسكة، ومكتب شؤون المنظمات في الإدارة الذاتية، وجها المؤسسات والمنظمات للعمل بالمخيمات أكثر من مراكز الإيواء. في محاولة منهما للضغط على النازحين، لإجبارهم على الانتقال إلى المخيمات وإخلاء المدارس، وهو ما لا يرغب به كثير منهم، ما دفع نازحي المراكز للتقدم بشكاوى لمكتب شؤون المنظمات، للنظر في أوضاعهم، لكنهم لم يتلقوا رداً»، حسب تعبيره.

 

«السبب هو المعايير العالمية»

وفي ردِها على شكاوى النازحين قالت “كلستان أوسو”، الرئيسة المشتركة لمكتب شؤون النازحين في إقليم الجزيرة: «سبب تخفيض مخصصات المياه هو الأزمة المائية المزمنة، التي تعاني منها الحسكة».

وأضافت، في تصريحاتها لموقع «الحل نت»، أن «الإدارة الذاتية كانت تتولى تأمين المياه، مع بداية افتتاح مخيم “سري كانيه”، لكن اضطرت لتخفيض المخصصات إلى النصف، فيما تنهض منظمات غير حكومية بمسؤولية توزيع المياه».

مؤكدة أن «المنظمات تتبع معايير عالمية، في تخصيص ثلاثين إلى أربعين لتراً من المياه يومياً لكل شخص، مع العلم أن الفرد في مخيم “سري كانيه” يتلقى خمسين لتراً يومياً، وهي حصة أعلى بشكل ملحوظ من المعايير العالمية».

وفيما يتعلق بشكوى تعرّض المياه للسرقة في المخيم قالت “أوسو” إن «مكتب شؤون النازحين طالب قاطني المخيم بالمشاركة في الرقابة على عمليات تعبئة المياه، والمساعدة في تحديد من يقومون بالسرقات، تمهيداً لمحاسبتهم».

وعن قلة مخصصات الخبز كشفت المسؤولة في الإدارة الذاتية أن «منظمة “بلوموند” غير الحكومية تتولى توزيع الخبز في جميع مخيمات المنطقة، وتتبع في ذلك معياراً عالمياً، يحدد حصة رغيفي خبز لكل شخص يومياً، بغض النظر إن كان كبيراً أو صغيراً في السن»، مردفةً أن مكتبها «طالب المنظمة بزيادة هذه المخصصات، لكنها لم تستجب».

وحول توقف المساعدات الإغاثية قالت “أوسو” إن «المعونات توزّع عادة بشكل شهري، ولكنّ تأخيراً حدث في توزيعها في شهر نيسان/إبريل الماضي، لأن المنظمة المسؤولة عن التوزيع اضطرت لتجديد عقودها، خلال فترة الحظر المفروض للتصدي لانتشار فيروس كورونا»،  لكنها أكدت على أن «المعونات ستقدّم عن شهرين، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر».

وأقرّت “أوسو” بوجود معاناة جرّاء عدم توفر الخدمات الطبية في مخيم “سري كانيه”، ووعدت بـ«العمل على معالجة المشكلة مع منظمة الهلال الأحمر الكردي لاحقاً».

من جانبها قالت “بيريفان درويش”، نائب رئيس هيئة الصحة في إقليم الجزيرة، لموقع «الحل نت» إن «الهيئة لم تتمكن من إنشاء مكتب صحي في مخيم “سري كانيه”، بسبب عدم وجود اعتماد مالي، منذ أكثر من عام، لدى المجلس التنفيذي في إقليم الجزيرة، لتعيين موظفين جدد».

 

«المسألة أكبر من إمكانيات الإدارة»

“خالد إبراهيم”، الرئيس المشترك لمكتب شؤون المنظمات في إقليم الجزيرة، قال إن «هناك معوقات جمّة، تقف أمام العمل الانساني في المنطقة، منها تأثّره بالمعادلة السياسية والعسكرية، إضافة إلى إغلاق معبر “تل كوجر” (اليعربية)، وحرب المياه المفروضة على الإدارة الذاتية».

وأضاف في حديثه لموقع «الحل نت»: «الأمر أكبر من إمكانيات الإدارة الذاتية، التي قدمت ما تستطيع، دون تمييز بين نازح أو لاجئ أو مواطن»، حسب تعبيره.

وشدد “إبراهيم” على أن «تخفيض معونات النازحين يحدث بسبب اعتبارات سياسية، تراعيها المنظمات الدولية غير الحكومية، ووكالات الأمم المتحدة»، نافياً وجود «أية ضغوط على النازحين لإخراجهم من مراكز الايواء، ونقلهم إلى المخيمات، رغم إشغال أكثر من تسعين مدرسة في الحسكة، إبان الاجتياح التركي للمنطقة، ما تسبب بحرمان ٩٠% من أبناء المدينة من التعليم».

واختتم حديثه بالقول: «عملية نقل النازحين تمت بإشراف منظمات دولية، بعد إجراء تقييم، لمعرفة ما إذا كانوا يرغبون في البقاء ضمن المدارس أو الانتقال إلى المخيمات».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.