في ظل معاناة القطاع الزراعي في سوريا، من العديد من الصعوبات، من بينها تأمين المستلزمات الزراعية الأساسية للفلاحين، وعلى رأسها الأسمدة، يلجأ العديد من المزارعين إلى بدائل بجهود ذاتية، تعتمد على الأسمدة العضوية، ولكن عن طريق الديدان.

سماد “الفيرمي”

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي اليوم الأحد، نقل عن فلاحين تأكيدهم زيادة محاصيلهم بعد استعمال سماد “الفيرمي” البالغ ثمنه 2000 ليرة فقط للكيلو.

ويضيف التقرير، أن عددا من الفلاحين في محافظة درعا، يعملون على إقامة مزارع لتربية الديدان، وإنتاج “الفيرمي” من أجل الاستغناء عن السماد الكيماوي، وإنتاج خضراوات زراعية عضوية، وإعادة أراضيهم إلى البكر بخصوبتها.

ونقل التقرير، عن أحد الفلاحين أنه صاحب مزرعة لتربية الديدان وإنتاج “الفيرمي”، والذي قام بالعديد من التجارب الزراعية على استخدام مادة “الفيرمي”، وكانت نتائجها جيدة حيث يتم العمل على وضع 5 تسميدات سنوية بهذه المادة، للمنتجات الزراعية لمدة ثلاث سنوات حتى تعود الأرض إلى خصوبتها وتركيبتها البكر.

وبيّن التقرير، نقلا عن الفلاحين الذين يستخدمون سماد “الفيرمي”، أن هذا السماد أوفر من الكيميائي ومفيد للتربة، مضيفين أنهم قاموا بتجربة زراعة محاصيل البستنة المعروفة في درعا باستخدام سماد “الفيرمي” وكانت نتائجها إيجابية، ومن نتائج التجارب التي حصلوا عليها كانت البطاطا، حيث وُضع 25 كيلو فيرمي لكل دونم أرض ولوحظ أن عملية الإنبات، تمت قبل الحقل الذي لم يضاف إليه هذا السماد، وبالنسبة للإنتاج أعطى كل طن من البذار 22 طن من البطاطا المسمدة بالسماد الكيماوي، بينما أعطى طن البذار الذي تم تسميده بالفيرمي 33 طن بطاطا، وبالنسبة إلى جودة المنتجات كانت الطعمة أطيب مذاقا ولونها أفتح عند القلي.

وبالإضافة لذلك، فقد تم إجراء تجارب عديدة على محاصيل أخرى كالباذنجان والذرة وأشجار الرمان والزيتون، وإنهاء التجربة على محصول القمح والمادة العلفية الباقية والزهرة الشتوية (القرنبيط)، حيث لوحظ الفرق بزيادة 107 كيلو في كل دونم قمح وصلابة وقساوة بالزهرة بالإضافة إلى طعم مختلف.

إقرأ:شمال شرق سوريا.. مزارعون يشتكون من رفع “الإدارة الذاتية” لأسعار الأسمدة

مزارع للديدان

التقرير نقل عن المزارع السوري، حسان خليفة، الذي أدخل أول مشروع من نوعه لتربية الديدان وإنتاج “الفيرمي” في سوريا، أن مشروع تربية الديدان يجذب انتباه المزارع في درعا، وهناك توجه كبير لتربية الديدان في درعا بسبب فوائد الأسمدة العضوية للخضراوات، وصحة الناس بشكل عام وفوائده في عودة الأراضي الزراعية الخصبة في درعا إلى البكر بخصوبتها.

واعتبر خليفة، أن تربية الديدان لمدة عام كفيلة بتحقيق فائدة اقتصادية والاستغناء شبه التام عن الأسمدة الكيماوية، وخاصة الأسمدة التي يتم استيرادها، بالإضافة إلى الاستفادة من شاي “الفيرمي” في معالجة الكثير من أمراض النباتات، وتوفير الأموال على المزارع أولا، وعلى المستهلك في النهاية.

وأشار خليفة، إلى أن حاجة الدونم الواحد لـ20 كيلو سماد “فيرمي” ثمنهم حسب السعر الرائج للفيرمي 40 ألف ليرة، بينما سعر 20 كيلو من السماد الكيماوي 80 ألف ليرة، والإنتاجية بالنسبة للزراعة بالسماد الفيرمي تزيد بالطن الواحد، كما هي التجارب الفعلية التي تمت على مادة البطاطا في درعا بحدود 11 طن بطاطا لكل طن بذار.

من جهته، سائر برهوم، المتخصص بتحليل وتقويم المشاريع (دراسات الجدوى) بيّن أن تكلفة المشروع الاستثمارية 7 مليون ليرة، كما أن مشروع تربية الديدان يحقق أرباحا تصل إلى 40بالمئة، وخاصة إذا ما اتبع إدارة وتنظيم علمي للمشروع.

ولفت برهوم، إلى أن سعر كيلو “الفيرمي” يصل في الأسواق إلى 2000 ليرة، والمشروع ينتج بين 4 الى 6 طن سنويا للحوض الواحد، والمشروع بحاجة الى تكاليف تشغيلية حوالي 3.5 مليون ليرة، من أجور عمالة وتكاليف الوقود ومواد التغذية والمياه، وينصح في السنة الأولى لتربية الديدان بالعمل على إكثارها لما لها من أهمية في تحقيق وفرة في ثمن الديدان اللازمة.

قد يهمك:سوريا.. احتكار البطاطا لمصلحة “حيتان سوق الهال”

عجز عن تأمين الأسمدة

في سياق التصريحات الحكومية حول أسباب تراجع القطاع الزراعي، والعجز عن تأمين الأسمدة، قال وزير الزراعة، محمد حسان قطنا، خلال زيارته لمحافظة درعا مطلع الشهر الجاري، أن الحكومة لا تستطيع تأمين الأسمدة حاليا ضمن الظروف الحالية، محاولا استخدام العقوبات كذريعة جديدة لإخفاء عجز حكومة دمشق عن تأمين مستلزمات مواطنيها، لاسيما في مجال الزراعة، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

وأوضح قطنا، أن الحكومة لن تستطيع الالتزام بتأمين الأسمدة، عدا الفوسفاتية منها والتي تتيحها للجميع، ولكل أنواع الأشجار المثمرة والمحاصيل والخضار، ومضيفا حول الأسمدة الآزوتية، أن الحكومة لن تتمكن من تأمينها إلا لمحصول القمح، ومبيناً في الوقت نفسه أنه لم يتم تأمين الأسمدة حتى الآن وأنه في حال استمرار ذلك، فإن الفلاح سيقوم بتأمين حاجته من السوق السوداء.

وأشار قطنا، إلى أن الوزارة تسعى لدفع التجار لاستيراد الأسمدة، مؤكدا استعداد الحكومة لشرائها، بما في ذلك سماد اليوريا الآزوتي من أي تاجر بتكلفة الاستيراد ومن أرض المرفأ، ومبيّنا أن الحكومة طرحت 12 مناقصة داخلية وخارجية، دون أن يتقدم أحد لها.

وبحسب متابعة “الحل نت”، فإن ندرة الأسمدة من بين أبرز التحديات، التي تقف أمام الزراعة، وتنمية القطاع الزراعي في سوريا الذي تضرر من الجفاف وتداعيات الحرب، فمن جهة لا تملك مصانع القطاع العام، القدرة على إنتاج الكميات اللازمة من هذه المادة، وأيضا المصانع الخاصة باتت غير قادرة على تلبية السوق المحلية من الأسمدة.

إقرأ:عجز عن تأمين الأسمدة في سوريا.. ما القصة؟

وحول احتياجات بعض المزروعات من أنواع محددة من السماد، أظهرت بيانات وزارة الزراعة السورية، خلال العام الماضي 2021، أن الاحتياج الفعلي لمحاصيل القمح والقطن والشوندر السكري والتبغ في الظروف الاستثنائية من مادة اليوريا يبلغ 300 ألف طن ومن الفوسفات الممتاز، في حين أن ما توفر في المصرف الزراعي التعاوني من سماد اليوريا بلغ 29.5 ألف طن فقط، ومن الفوسفات الممتاز نحو 38 ألف طن وهي كمية قليلة للغاية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.