في مناطق زراعة البطاطا في سوريا، هناك مشاكل إنتاجية مزمنة، وأخطرها ندرة الأسمدة والوقود، مما يؤدي إلى ارتفاع نفقاتها على المزارع، دمر الصقيع المحصول في الأيام الأخيرة، حيث يتوقع المزارعون تأجيل موسم البطاطا السوري حتى نهاية الشهر الخامس على الأقل هذا العام. لكن هذا لم يكن السبب الوحيد لارتفاع أسعارها، بل باب استيراد البطاطا المصرية الذي فتح شهية التجار لاحتكارها.

احتكار البطاطا المصرية في البرادات

خلال ساعات من وصول البطاطا المصرية المستوردة، ارتفع سعرها في السوق المركزي لبيع الخضار “الهال”، من 1700 ليرة إلى 2100 ليرة سورية، حيث أرجع أغلب الفلاحين ذلك، إلى احتكار المادة من قبل التجار أنفسهم، بعد أن ضرب الصقيع محصول هذا الموسم.

وبحسب ما نقله موقع “المشهد” المحلي، يوم أمس السبت، فإن كميات “البطاطا المصرية” التي وصلت إلى السوق منذ بداية التوريد كانت أقل بكثير من الكميات التي كان من المقرر بيعها، بينما ذهبت آلاف الأطنان إلى البرادات بهدف رفع السعر.

فبعد أن وافقت الحكومة السورية، على استيراد 20 ألف طن من البطاطا المصرية، بشرط أن يذهب 5000 طن منها إلى صالات التجارية السورية، و3 آلاف طن للمصنعين، و12 ألف طن المتبقية من حصة السوق، اختفت تماما في اليومين السابقين.

وبحسب ما ذكره الموقع، فقد حصلت التجارة السورية على حصتها 5 آلاف طن بسعر 1625 ليرة للكيلو، متضمنة هامش ربح للمستورد لا يقل عن 150 ليرة للكيلو، ونتيجة لذلك حددت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سعر بيع كيلو البطاطس بما لا يتجاوز 1700 ليرة.

وبحسب مصدر مطلع على السوق المصري، فإن سعر طن البطاطا في موانئ التصدير المصرية حاليا لا يتجاوز 250 دولارا، وتبلغ تكلفة نقلها نحو 40 دولارا، بينما السعر الإرشادي المحدد لاستيراد البطاطا إلى سوريا من مصر وصل إلى 500 دولار، وعلاوة على ذلك فإن أصحاب صفقة البطاطا المصرية البالغة 20 ألف طن استفادوا من التخفيض المدعوم.

وبالتالي يرى المواطنون أنه لا يوجد مبرر لهم لإعادة رفع السعر، حيث إن سعر البطاطا المصرية في لبنان يعادل 1400 ليرة سورية، رغم أن كلف الاستيراد بين لبنان وسورياً من مصر متقاربة جدا.

للقراءة أو الاستماع: سوريا.. أسعار المواد الغذائية لن تنخفض في رمضان

ارتفاع جنوني في أسعار الخضراوات

الجدير ذكره، والذي غاب عن مسؤولي حكومة دمشق، الذين لم يحاربوا المحتكرين أو يتخذوا إجراءات ضدهم، أن أسعار البطاطا في مصر تراجعت، نتيجة الغزو الروسي في أوكرانيا، حيث توقفت كميات كبيرة من البطاطا والمخطط نقلها إلى روسيا منذ 24 شباط/فبراير الفائت.

يقول تاجر الخضروات زيد المصري، لـ”الحل نت”، إن الناس يجدون صعوبة في الشراء، حتى على مستوى الخضار والفواكه نتيجة للزيادات المستمرة وغير المسبوقة في الأسعار في البلاد. وفي هذا الصدد، أفاد المصري أن الفاصوليا الخضراء باتت أغلى من الموز. حيث وصل سعر كيلو غرام منها إلى 8800 ليرة سورية، متفوقة بذلك على معظم أنواع الفاكهة.

كما وبلغ سعر كيلو البندورة 2300 ليرة، والخيار 2800، والبطاطا 2200 ليرة، البصل 1000 ليرة. في حين وصل سعر كيلو الكوسا إلى 4000 ليرة، والباذنجان إلى 3000 ليرة. والفليفلة الحلوة 3800 ليرة، والزهرة 1000 ليرة، والملفوف 800.

ووصل سعر كيلو البرتقال إلى 2200 ليرة، والليمون 1700 ليرة، والتفاح والرمان 2000 ليرة. في حين بلغ سعر كيلو الفليفلة 6500 ليرة، والموز 7000 ليرة. ما دفع العديد من المواطنين إلى شراء الخضراوات والفواكه بالحبة الواحدة، بدلا من الكيلو.

للقراءة أو الاستماع: “العز للبرغل والرز لساته غالي”.. أسعار مرتفعة في السوق السورية

لا تدابير للتغلب على الأثر المحتمل للأزمة الأوكرانية

مع أن مجلس الوزراء السوري، قرر عدة إجراءات للتعامل مع التأثير المحتمل للأزمة الأوكرانية على الوضع الاقتصادي في سوريا، بحسب وكالة الأنباء السورية “سانا”، إلا إن هذه الإجراءات لم تؤت أكلها خلال الأسابيع الفائتة، فما زالت الأسواق ترتفع فيها الأسعار يوما بعد يوم، فضلا عن اختفاء العديد من السلع فيها.

وبحسب البيانات الصادرة عن مجلس الوزراء، فإن الإجراءات تشمل تنفيذ الخطوات اللازمة لإدارة وتعزيز مخزون المواد الأساسية. مثل القمح، والسكر، والزيت، والأرز، والبطاطا خلال الشهرين المقبلين، ولضمان استدامة توافرها.

ويشمل القرار أيضا تقييد الصادرات خلال الشهرين المقبلين من المواد التي يمكن أن تسهم في استقرار السوق. مثل زيت الزيتون، والمواد الغذائية المحفوظة، وغيرها من المواد، فضلا عن إدارة احتياجات السوق من الأدوية.

وعلى الصعيد المالي والمصرفي، قررت الحكومة تشديد الرقابة على سوق الصرف لضمان استقراره خلال الشهرين المقبلين. إذ تهدف الإجراءات بنظر الحكومة إلى التعامل مع أي تقلبات اقتصادية يمكن أن تؤثر على السوق المحلية السورية بشكل مباشر أو غير مباشر، وفق متغيرات قد تؤثر على السوق العالمية، لا سيما في مجالات الطاقة والغذاء والنقل العالمي.

وعلى الرغم من ادعاء الحكومة السورية في عقد الاجتماعات وإصدار القرارات التي من موجبها أن تحمي اقتصاد البلاد، لكنها ليست سوى حبر على ورق. فقد شهدت الأسواق المحلية تدهورا في الأسعار وتراجعا كبيرا في الليرة السورية أمام العملة الأجنبية. فضلا عن فقدان بعض المواد الغذائية من الأسواق وفوضى كبيرة في الأسعار. إضافة إلى انتشار قضايا الفساد والاختلاس والتهريب التي طالت العديد من المسؤولين الحكوميين مؤخرا.

للقراءة أو الاستماع: لماذا ارتفعت أسعار البنزين والمازوت في سوريا أكثر من الأسواق العالمية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.