من المتوقع أن يؤثر الارتفاع التاريخي في أسعار القمح والزيوت والشحن بسبب الغزو الروسي على أوكرانيا، تأثيرا مباشرا على أسواق السلع الغذائية، خصوصا وأن انعكاس موجات البرد المتلاحقة التي ضربت البلاد على السلع سيتضح مع حلول شهر رمضان المبارك الذي يشهد إقبالا كبيرا على شراء الأغذية.

مؤشرات الانخفاض معدومة

منذ بداية الشهر الجاري، ارتفعت الأسعار في الأسواق المحلية بنسبة تصل إلى 50 بالمئة لعدة أنواع من الخضار والفواكه. ووفقا لعضو “لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه” في دمشق، أسامة قزيز، فمن غير المرجح أن تنخفض خلال شهر رمضان المقبل، لعدم وجود دلائل ومؤشرات على ذلك خلال الوقت الحاضر.

وبحسب قزيز، فإن كميات معظم أنواع الخضار والفواكه المسلمة إلى سوق الهال تراجعت بأكثر من النصف. وذلك نتيجة موجات البرد الأخيرة التي تشهدها البلاد. موضحا في تصريح لموقع “هاشتاغ” المحلية، أنه بسبب ندرة أشياء كثيرة في سوق الهال نما الطلب على المواد غير الموجودة في السوق والذي بدوره أدى لارتفاع سعرها إن وجدت.

وتابع، أن المزارعون يعجزون عن الحصاد بسبب البرد، وبالتالي تقل الكميات الواردة إلى سوق الهال. وطبقا لحديث قزيز، فإن آثار موجات البرد لم تتوقف عند منع حصاد الثمار؛ بل تسببت في إتلاف بعض المحاصيل وتوقف نمو البعض الآخر. بالإضافة إلى أن معظم البيوت المحمية قللت من إنتاجها بسبب التكاليف الإضافية التي يتكبدها المزارعون، مثل الأسمدة، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها.

وجميع خضروات الربيع، مثل البازلاء والفول والبطاطا، ستتأخر، بحسب عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه بدمشق. حيث كان من المتوقع توفرها بحلول الشهر المقبل، لكن الانخفاض الأخير وغير المسبوق على درجات الحرارة سوف يحدث تأخير في عملية الحصاد لمدة 10 إلى 15 يوما.

للقراءة أو الاستماع: أسواق خيرية لمواجهة الغلاء الفاحش في سوريا

أصعب رمضان

“تعاني بلدي من أسوأ أزمات القرن الحادي والعشرين”، كما تقول أمامة الغزاوي، بصفتها مراقبة ميدانية في منظمة الهلال الأحمر السوري، وتتمثل مهمتها في ضمان وصول الغذاء المناسب إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليه في سوريا.

ارتفعت أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء البلاد بشكل كبير – ارتفعت تكلفة المواد الغذائية الأساسية بنسبة مذهلة بلغت 313 بالمئة مقارنة بأرقام عام 2021. واليوم، لا يعرف عدد قياسي من السوريين ماذا سيأكلون غدا.

وتقول المراقبة، خلال حديثها لـ”الحل نت”، إن رمضان هذا العام مختلف وأكثر تحديا. فمنذ أن بدأت الأزمة قبل 11 سنة، هذا العام سيكون الأسوء، بسبب تزامن حضوره مع الآثار الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا. إذ يكافح الناس لتلبية احتياجاتهم اليومية. ولا يستطيع الكثيرون الحصول على ما يكفي من الطعام. وإذا فعلوا ذلك، فإن ذلك لا يكفي حصولهم على التغذية التي يحتاجونها للبقاء في صحة جيدة.

وفي كل شهر، يتواجد أكثر من 400 موظف من برنامج المنظمة لتقديم الطعام إلى 4.8 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا – إلى جانب المساعدة التغذوية. ويعد هذا أمرا بالغ الأهمية للأسر التي تكافح لإعادة بناء حياتها بعد عقد من الصراع. إنهم يواجهون تحديات غير مسبوقة لشراء الأساسيات، بما في ذلك الأدوية، ومواصلة إرسال أطفالهم إلى المدرسة.

ويتضح حجم يأس الناس خلال شهر رمضان المبارك، عندما يتناول السوريون وجبة واحدة في اليوم بدلا من وجبتين – واحدة قبل شروق الشمس “السحور”، وأخرى للإفطار في المساء.

للقراءة أو الاستماع: “العز للبرغل والرز لساته غالي”.. أسعار مرتفعة في السوق السورية

ارتفاع الأسعار يزيد من أعباء السوريين

وزادت الأعباء على السوريين بفعل تأثير ارتفاع الأسعار واستمرار تدهور قيمة الليرة مع قرب حلول شهر رمضان، في وقت تشهد سوريا أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تدفع الحكومة السورية أسبابها باتجاه الحصار والمؤامرات الخارجية.

وعلى الرغم من التحسن الطفيف في سعر الليرة السورية أمام الدولار مؤخرا، إلا أن أسعار السوق لم تشهد انخفاضا كبيرا. لا سيما المواد الغذائية الأساسية، حيث تشهد الأسواق ركودا ونقصا في حركة البيع والشراء إلا من أجل شراء الخضار اللازمة لتجهيز المائدة الرئيسية، حيث تستمر الفجوة بين الدخل والأسعار بالنمو.

ويرجع ذلك – وفقا للمواطنين – إلى حقيقة أنه لا توجد سيطرة تقريبا على أسواق المدينة. وأن البائعين ليسوا ملزمين بتسعير المواد الغذائية علنا، وطبقا لنشرة وزارة حماية المستهلك. في حين تشير إحصائيات الأمم المتحدة الأخيرة، إلى أن ما يقرب من 60 بالمئة من السوريين لا يتلقون الغذاء بانتظام. وذلك بالحديث عن خطة جديدة يجري العمل عليها لتقديم المساعدات.

وبحسب منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، فإن حوالي 12.4 مليون سوري لا يحصلون بانتظام على ما يكفي من الغذاء الآمن. مضيفا أن حوالي 4.5 مليون شخص إضافي انضموا لسوريين غير قادرين على الحصول على الغذاء بانتظام خلال العام الماضي.

للقراءة أو الاستماع: لماذا ارتفعت أسعار البنزين والمازوت في سوريا أكثر من الأسواق العالمية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة