قلة الهطولات المطرية في شمال شرقي سوريا تُلحق خسائر مالية بالمزارعين وتُنذر بفقدان القمح 

قلة الهطولات المطرية في شمال شرقي سوريا تُلحق خسائر مالية بالمزارعين وتُنذر بفقدان القمح 

يستمر موسم حصاد محصول القمح المزروع ضمن مساحاتٍ بعلية في أرياف #القامشلي والمناطق المحاذية للحدود “السوريّة- التركيّة”، وسط إنتاج هو الأقل منذ سنوات.

فيما يتوقع مزارعون أن تتراجع المساحات المزروعة بالقمح مع ارتفاع تكاليف زراعته، في مقابل اللجوء إلى زراعة محاصيل عطرية وطبية أقل كلفة.

ويقول “حسين الإبراهيم” (عامل حصادة): «لم يحصد المزارعون هذا العام أية مساحات مزروعة في منطقة #تل_حميس وريفها(40 كلم جنوبي القامشلي)، نظراً لقلة هطول الأمطار، ما دفع الغالبية لبيع مساحاتهم المزروعة بالشعير والقمح، والتي يبست قبل أوانها، إلى مربي ورعاة الأغنام».

وأضاف “الإبراهيم” لـ(الحل نت) إن:«الهتكار الواحد مما تبقى من المحصول يباع بمليون ليرة سوريّة، وهو سعر غالٍ بالنسبة لمربي الماشية، فيما تراجع الإقبال على شراء الماشية بشكل كبير جراء فقدان التبن وغلاء الأعلاف وخسارة المزارعين لمواسمهم».

ويخشى تجار ومربو ماشية في مناطق شمال شرقي سوريا، من الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف، إثر تضرر المحاصيل الزراعية نتيجة شح الأمطار بعزوفهم عن التجارة وتربية المواشي، وَسْط مخاوف من تناقص الثروة الحيوانية بشكل غير مسبوق في المنطقة.

وكان “الإبراهيم” قد انتقل منذ نحو أسبوعين للعمل على حصادة في ريف “القامشلي”، ويوضح لـ(الحل نت) أن إنتاج المساحات البعلية من محصول القمح يتراوح ما بين 2 إلى 6 أكياس في الهكتار الواحد، وهو ما يكاد يغطي مصاريف المزارع في أحسن الأحوال.

وبدأت عمليات الحصاد للمساحات البعلية هذا العام بشكل مبكر عن السنوات السابقة جراء توقف هطول الأمطار منذ شهر نيسان/ أبريل الفائت، حيث يرى مزارعون أن الحقول في منطقة خط العشرة (منطقة الاستقرار الأولى) كانت تحتاج إلى هطول أمطار لمرة إضافية ليكون الإنتاج جيداً.

خسارة للجهد والوقت المال

ويرى “وزير علي”، مزارع من سكان قرية “لطيفية”(5 كلم شرقي القامشلي) أن «الحقول البعلية كانت تنتج سابقاً ما بين 10 وحتى 35 كيساً للهكتار الواحد بحسب الموسم وكمية الأمطار، إلا أنه لم يتجاوز الأربعة أكياس للهكتار هذا العام».

وأضاف “علي” لـ(الحل نت)، أن «التوجه الذي ظهر منذ سنوات من حيث تفضيل زراعة الكزبرة وحبة البركة والحلبة والتي تعرف بالمحاصيل العطرية والطبية، سيتعزز جراء ارتفاع تكاليف زراعة القمح مقارنةً بهذه المحاصيل».

لافتاً إلى أن «غياب دعم زراعة القمح في المنطقة، سيجبر الكثيرين على تفضيل زراعات أخرى أو حتى التوقف عن الزراعة، بعد أن أصبح المزارع يخسر الجهد والوقت والمال».

وكان الرئيس المشترك للجنة الزراعة والثروة الحيوانية في “القامشلي”، “معتز أحمد”، قال في منتصف شهر نيسان/ أبريل الفائت لـ(الحل نت) إن: «شح الأمطار ترك آثاراً بالغة على الموسم الزراعي لهذا العام في منطقة القامشلي».

موضحاً أن نسبة الأضرار بالنسبة للمساحات البعلية من محصول القمح «تتراوح ما بين 90 إلى 95%، وأن نسبة من المزارعين في المنطقة قاموا ببيع مساحاتهم المزروعة بالقمح لمربي الماشية».

وأشار “أحمد” إلى أن تأخر الأمطار «كان قد دفع قبل مدة نسبة من المزارعين إلى قلب محاصيلهم واستبدالها بمحاصيل عطرية كالكمون والكزبرة والحلبة وحبة البركة».

وتنقسم الجزيرة السوريّة إلى خمسة مناطق استقرار تبدأ شمالاً من الحدود التركيّة وتنتهي جنوباً في الحدود الإدارية لمحافظة الحسكة، وهو تصنيف يتبع معدلات الأمطار حيث تتراوح المعدلات في المنطقة الأولى ما بين 350 إلى 400 ملم سنوياً، بينما تنخفض أكثر بشكل تدريجي في المناطق الأخرى على التوالي.

وتتمركز العديد من المدن والبلدات الرئيسية بمحاذاة الحدود “السوريّة- التركيّة” ضمن منطقة الاستقرار الأولى المعروفة محلياً بـ“خط العشرة”، إذ يعتمد المزارعون في هذه المنطقة على زراعة القمح كمحصول رئيسي، لكن المحاصيل العطرية والطبية اتسعت مساحاتها على حساب القمح خلال السنوات الماضية مع تكرار سنوات الجفاف وارتفاع تكاليف زراعات القمح والقطن والعدس خلال سنوات الحرب.

تراجع يهدد المنطقة

وبخلاف عادته، لم يخرج “رفيق أحمد” بحصادته إلى الأرياف الجنوبية لـ”القامشلي” و”الحسكة” التي خسر فيها المزارعون كامل محصولهم جراء الجفاف، وفضل البقاء والعمل في الحصاد بمحيط “القامشلي”.

ويقول “أحمد” لـ(الحل نت) إنه يحصد الهكتار الواحد بـ50 ألف ليرة وهي «تسعيرة قليلة جداً، لكنها تعتبر مرهقة بالنسبة لمزارعي المنطقة نتيجة قلة الإنتاج».

ويشكو صاحب الحصادة من قلة توفر المحروقات التي يحتاجها خلال الموسم، وهو ما يكلفه مصاريف إضافية جراء اللجوء إلى شراءه من باعة يوفرونه بأسعار أعلى من السعر الرسمي.

ويردف “أحمد” أنه ونتيجة قلة المواسم «بات المزارعون يلجؤون لأول مرة إلى بيع التبن وحتى (الفراز) في حقولهم لتعويض بعض الخسائر، حيث يباع كيلو التبن بنحو 400 ليرة بينما يباع الهكتار من الفراز ما بين 200 إلى 250 ألف ليرة سوريّة».

موضحاً أن حجم حبة القمح تبدو صغيرة جداً مقارنةً بحجمها الطبيعي، وأن الكثير من المزارعين يمنون أنفسهم بأن يؤمن إنتاجهم هذا العام البذار ومصاريف الزراعة للعام القادم في أفضل الأحوال.

وحددت #الإدارة_الذاتية منتصف أيار/ مايو الجاري، سعر مادة القمح لموسم عام 2021 بـ1150 ليرة سوريّة، بفارق 250 ليرة عن تسعيرة #الحكومة_السورية، فيما تم تحديد تسعيرة محصول الشعير بـ850 ليرة سوريّة.

وبحسب هيئة الزراعة والاقتصاد في “الإدارة الذاتيّة”، فإن المساحات المزروعة بالقمح في شمال وشرق سوريا «تقدر بـ1800 هكتار منها 1200 هكتار بعلية».

وتقدر الهيئة كميات الإنتاج المتوقعة بـ450 إلى 550 ألف هكتار، بينما تقدر احتياجات المنطقة بـ450 ألف طن، فيما تبقى 150 ألف طن احتياطي من العام الماضي، وهو ما يعني أن أي تراجع في زراعة محصول القمح في العام القادم، سيضع المنطقة أمام احتمالية استيراد القمح لضمان حاجتها لأول مرة في تاريخها.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.