بعد مقتل العقيد “شعبان”: هل باتت الأجهزة الأمنية العراقية عاجزة عن حماية نفسها في وجه السلاح المنفلت؟

بعد مقتل العقيد “شعبان”: هل باتت الأجهزة الأمنية العراقية عاجزة عن حماية نفسها في وجه السلاح المنفلت؟

اغتيال عناصر وضباط الأمن في العراق لم يعد حدثاً مفاجئاً أو نادراً، بل صار يتكرر بشكل متواتر، مهدداً سيادة الدولة العراقية، وقدرتها على ضبط الأوضاع الأمنية في البلاد.

وتم اغتيال العقيد “نبراس فرمان شعبان”، معاون مدير المراقبة بجهاز المخابرات العراقي، في السابع من شهر حزيران/يونيو الحالي، في منطقة “البلديات” شرقي #بغداد. وأصدرت المخابرات العراقية بياناً نعته فيه بالقول: «طالت العقيد “نبراس فرمان الشعبان” أيادي الحقد، بعملية جبانة غادرة، في محاولة يائسة لثني الجهاز عن أداء واجبه الوطني».

ويتهم كثير من المراقبين للشأن العراقي الميلشيات الموالية لإيران بالمسؤولية عن عمليات الاغتيال، بهدف إضعاف الأجهزة الأمنية، وتحقيق سيطرة الميلشيات الكاملة على الملف الأمني في البلاد.

 

خبير أمني: «اغتيال العقيد شعبان رسالة “تصفية” لجهاز المخابرات»

الخبير الأمني “أحمد الشريفي” يرى أن «اغتيال “شعبان” يعكس حقيقة واقعة، ألا وهي صراع الأحزاب المتنفّذة وميلشياتها مع مؤسسات الدولة، فتلك الأحزاب لا ترغب بمؤسسات مستقلة تؤمن بالثوابت الوطنية، وحينما يُغتال شخص من جهاز المخابرات، فمعنى هذا أن قاتله يريد إرسال رسالة للجهاز، مفادها أن من يريد التمرّد على سلطة الميلشيات سيكون مصيره إما التصفية السياسية أو الجسدية».

وأضاف في حديثه لـ«الحل نت»: «الاغتيال هو استهداف للدور الوظيفي لجهاز المخابرات، الذي يقوم بنشاطات عابرة للحدود، لرصد النشاطات الوافدة من المحيط الإقليمي والدولي إلى الجبهة الداخلية، ومدى تهديدها لأمن العراق وسيادته، وبما ان كثيراً من الأحزاب المتنفّذة تتحرك بإيحاءات إقليمية، فهي ترغب بعرقلة هذا الدور».

واختتم حديثه بالقول: «كثير من الشخصيات الأمنية المستقلة، التي قدّمت الانتماء الوطني على أي انتماء أخر، تعرّضت للإقصاء والتهميش، والآن تتعرّض للتصفية الجسدية».

حادث اغتيال العقيد “شعبان” ليس الاستهداف الأول لضابط بجهاز المخابرات العراقي، الذي يترأّسه رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي، إذ سبقه اغتيال ضابط أخر برتبة عقيد، في شهر آذار/مارس الماضي، يدعى “محمود ليث”، في منطقة “المنصور” غربي العاصمة بغداد .

وفي الأول من أيار/مايو الماضي تعرّضت القوات الأمنية العراقية لهجومين، تسبب الأول، الذي تم في منطقة “الطارمية” شمالي العاصمة، بمقتل سبعة رجال أمن، بينهم ضابط برتبة رائد، وآخر في استخبارات الجيش العراقي؛ وفي اليوم ذاته  قتل ستة عناصر أمن، بهجوم على نقطة أمنية، بين محافظتي #كركوك وأربيل شمالي البلاد، وتقول الاجهزة الأمنية العراقية إن «كل هذه الحوادث مترابطة تنفيذاً وتوقيتاً، وتندرج ضمن مخطط واحد لضرب القوى الأمنية وإضعافها».

 

ضابط بجهاز المخابرات: «تلقينا معلومات عن نوايا بتفيذ اغتيالات بعد اعتقال “قاسم مصلح”»

ضابط رفيع في جهاز المخابرات العراقي أكد لـ«الحل نت» أن «الإستهدافات الأخيرة، وفي مقدمتها حادثتا اغتيال العقيدين “ليث” و”شعبان”، تأتي بعد تحريض شديد ضد جهاز المخابرات وبقية الأجهزة الأمنية، عقب العمليات التي نفّذتها ضد الميلشيات».

وأوضح المصدر، الذي رفض نشر اسمه، خوفاً من التعرّض للاستهداف، أن «”قيس الخزعلي”، زعيم ميلشيا “عصائب أهل الحق”، هو من يقود حملة التحريض ضد الاستخبارات العراقية، فتارةً يتهمها بالارتباط بالمخابرات الأميركية، وتارةً أخرى بالإماراتية، للتشهير بها شعبياً، وضرب معنويات منتسبيها».

ويتابع: «المنصات الإعلامية للميلشيات، خاصة على موقع “تيلغرام”، مثل “صابرين نيوز” و”تغريدة الحشد”، دشنت أقوى حملاتها في السادس والعشرين من أيار/مايو الماضي، في سياق ردة فعلها على اعتقال “قاسم مصلح”، القيادي في #الحشد_الشعبي، المتهم باغتيال ناشطين مرتبطين بالمظاهرات، التي انطلقت في تشرين الأول/أكتوبر عام 2019. إذ حددت تلك المنصات خمسة وسبعين موقعاً لجهاز المخابرات، بهدف “تنظيفه”، في إشارة لبدء الاستهداف الميداني للجهاز. وتسلّمنا معلومات عن نوايا بتنفيذ عمليات اغتيال، وصدرت أوامر بتقليل حركة الضباط، إلا للضرورات القصوى».

 

من قتل العقيد “شعبان”؟

المحلل السياسي “مؤيد الجحيشي” يقول في تحليله لحادث الاغتيال الأخير: «اغتيال الضابط الرفيع في جهاز المخابرات  تم عبر اشخاص يستقلون سيارات “بيك أب”، لا تحمل ارقاماً، إلا أن كاميرات المراقبة في المنطقة رصدت تحركات هذه السيارات، ومن يريد التعرّف على القتلة عليه أن يطّلع على ما سجّلته الكاميرات».

وأضاف في حديثه لـ«الحل نت»: «المعلومات المتوفرة تشير الى أن السيارات، المنفذة لجريمة الاغتيال، عادت إلى قواعدها جنوب غربي بغداد»، في إشارة منه لمنطقة #جرف_الصخر، التي تسيطر عليها ميلشيا كتائب #حزب_الله_العراقي.

ويتابع “الجحيشي” اتهاماته بالقول: «العقيد “شعبان” شغل منصب معاون مدير قسم المراقبة بجهاز المخابرات، بمعنى أنه كان مطلعاً على ما تسجّله كاميرات المراقبة في بغداد، ولذلك فإن استهدافه كان مدبّراً بوعي، وله هدف واضح، ومن يملك قابلية تنفيذ هذا النوع من العمليات في وضح النهار هو الفصائل الولائية المرتبطة بإيران».

قيادة العمليات المشتركة، المشرفة على جميع فعاليات الأجهزة الأمنية العراقية، أكدت أن «هوية القتلة لم تُحدد حتى الآن». ويشير اللواء “تحسين الخفاجي”، المتحدث باسم القيادة، إلى أن «التحقيق الآن جارٍ، بعد جمع ما سجّلته الكاميرات، وتوثيق كل الأدلة، لمطاردة الجناة وملاحقتهم وتقديمهم إلى العدالة».

وعن الدوافع، التي تقف وراء عملية الاغتيال الأخير، وما سبقها من جرائم تستهدف الأجهزة الأمنية العراقية، أكد “الخفاجي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «قيادة العمليات المشتركة، وبتوجيه من القائد العام للقوات المسلّحة، تلاحق كل من يستخدم السلاح خارج إطار الدولة، وتكافح الجريمة المنظّمة، وهناك تقدّم في العمل الاستخباري والأمني. بالمقابل هناك من يستخدم القتل والاغتيال وسيلةً لعرقلة عمل الدولة، ومساعيها لفرض الأمن».

من جهته يحذّر السياسي العراقي “حميد الكفائي” من أن «جرائم الاغتيال، التي تستهدف قيادات أمنية عراقية، قد تستمر».

ويؤكد، في حديثه لـ«الحل نت» أن «على الكاظمي والأجهزة الأمنية عدم السكوت على الاغتيالات الأخيرة، وما يحدث ربما يتطوّر لعمليات أكبر ضد الأجهزة الأمنية، إذا غاب الردع. وأي تساهل سيعني الذهاب للفوضى».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.