الإفراج عن “قاسم مصلح”: هزيمة للدولة أمام الميلشيات أم تصرّف متوقع من النظام السياسي العراقي؟

الإفراج عن “قاسم مصلح”: هزيمة للدولة أمام الميلشيات أم تصرّف متوقع من النظام السياسي العراقي؟

شهد العراق مؤخراً أسرع عملية إطلاق سراح لمتهم بالإرهاب في تاريخ البلاد، بعد الافراج عن “قاسم مصلح”، قائد #الحشد_الشعبي في محافظة #الأنبار، لعدم كفاية الأدلة، بحسب القضاء العراقي.

وكانت السلطات العراقية قد اعتقلت “مصلح”، في السادس والعشرين من أيار/مايو الماضي، بتهمة اغتيال ناشطين بارزين في الاحتجاجات العراقية، وعلى رأسهم #إيهاب_الوزني في مدينة #كربلاء. لينتج عن اعتقاله أزمة بين الحشد الشعبي والحكومة العراقية، من أهم فصولها محاصرة مقر رئاسة الوزراء، وسط العاصمة #بغداد، من قبل قوات وصفتها #الحكومة_العراقية بـ«الخارجة عن القانون».

وتوقّع المتابعون للشأن العراقي إطلاق سلاح “مصلح” في وقت قريب، خاصةً بعد الأنباء عن تسليمه لجهاز الأمن في الحشد الشعبي، إلا أن التوقعات لم تصل لدرجة الافراج عنه بعد أيام قليلة من اعتقاله، ما دفع كثيرين للحديث عن «انتصار منطق اللادولة على الدولة العراقية».

 

الحكومة في موقف محرج

“منتظر ناصر”، وهو صحافي عراقي ينتقد السلطات العراقية باستمرار، أكد لموقع «الحل نت» أن «إطلاق سراح “قاسم مصلح” أمر محرج للحكومة العراقية، بعد تأكيدها على نيتها بعدم إطلاق سراحه بأي شكل من الأشكال، بسبب ضرورات التحقيق معه في عديد من الجرائم الخطيرة، ومن بينها اغتيال ناشطين في كربلاء، حسب بيان الاعتقال آنذاك».

بدوره يقول “د.فراس الياس”، أستاذ العلوم السياسية، إن «عملية اعتقال قائد عمليات الحشد الشعبي في الأنبار، أسست لمرحلة جديدة من الصدام بين الحكومة العراقية والفصائل المنضوية ضمن هيئة الحشد الشعبي، ورغم نجاح الحكومة العراقية في كسر هالة القداسة، التي رُسمت حول تلك الفصائل في الفترة الماضية، إلا أن اعتمادها لاستراتيجية أنصاف الحلول، أفقدها هيبتها ومصداقيتها، فلم يعد أحد يعوّل عليها لكبح جماح الفصائل، التي أصبحت اليوم قوة عسكرية واقتصادية كبيرة».

ويذهب “الياس”، في حديثه لـ«الحل نت»، إلى أن «إطلاق سراح “مصلح” لا يخرج عن السياق العام لطريقة التعامل الحكومي مع الاعتقالات السابقة، التي طالت أفراداً من الحشد، إلا أن الحكومة العراقية حاولت الحفاظ على ماء وجهها أمام الرأي العام، فألقت اللوم على القضاء العراقي، وأكدت أنها قدمت كافة الدلائل التي تدينه، لكن القضاء لم يأخذها بعين الاعتبار».

ويفسّر أستاذ العلوم السياسية هذا التخبط في الأداء الحكومي، وعدم التوازن بين السلطتين التنفيذية والقضائية، بـ«الضغوطات المحلية والخارجية، التي تعرّضت لها الدولة العراقية، لدفعها لتسوية الأزمة مع الحشد الشعبي، لأن إدانة “مصلح” كانت ستعني إدانة كاملة لمؤسسة الحشد الشعبي، وهذا ما لن تستطيع حكومة مصطفى #الكاظمي تحمّل نتائجه، فالحشد بات رسمياً جزءاً من الدولة العراقية، وتابعاً لوزارة الداخلية العراقية».

 

أسئلة بلا إجابة

«إطلاق سراح “مصلح” أكد الأقاويل عن رضوخ الحكومة العراقية لشروط المتظاهرين المسلّحين، الذين طالبوا بالإفراج عنه في يوم اعتقاله نفسه؛ وأن انسحابهم من أمام مقر الحكومة كان نتيجة صفقة لتسليمه لأمن الحشد، أو جهة أخرى، يتم الاتفاق بشأنها، ريثما يتم ترتيب أوراقه للخروج نهائيا من السجن»، بحسب “منظر ناصر”.

وتساءل الصحفي العراقي مستنكراً: «اذا كان سبب إطلاق سراح “مصلح” هو عدم كفاية الأدلة فلماذا تم اعتقاله أصلاً؟ وهل يعقل أن تنتظر الحكومة العراقية كل هذا الوقت لتعتقله بهذه الطريقة، من دون أن تكون قد جمعت ما يكفي من أدلة الإدانة؟».

“حسين الغرابي”، رئيس حزب #البيت_الوطني، المنبثق عن #انتفاضة_تشرين، أشار إلى «انتقائية تنفيذ الإجراءات القضائية في العراق، ففي الوقت الذي تقوم فيه السلطة بإجراءات تعسفية ضد محتجي تشرين، على خلفية دعاوى كيدية، ودون مراعاة حقوق الإنسان، تبدو شديدة التراخي مع المتهمين بالإرهاب وقتل المتظاهرين».

ويتساءل “الغرابي” بدوره: «كيف يمكن إطلاق سراح متهم بالإرهاب بعد أسبوع واحد، رغم أن الإجراءات القانونية حول قضايا الإرهاب تستغرق عادة شهوراً أو سنوات؟».

وعن موقف قوى انتفاضة تشرين من إطلاق سراح “مصلح” أكد “الغرابي” لـ«الحل نت»: «نحن ماضون بمشروع إنشاء جبهة معارضة سياسية، لأننا نعرف أن هذا النظام لن يقوم بأي إصلاح حقيقي، ونعمل ليل نهار لإنضاج الفكرة مع شركائنا السياسيين، من القوى الوطنية المدنية».

 

انتصار اللادولة

من جانبٍ آخر كشف مصدر حكومي عراقي لـ«الحل نت» عن «ضغوطات كبير، تعرّض لها القاضي “فائق زيدان”، رئيس مجلس القضاء الاعلى في العراق، لإطلاق سراح “مصلح”، بدعوى عدم كفاية الأدلة».

المصدر، الذي اشترط عدم كشف هويته، أكد «أن الجهات الأمنية قدمت ما يكفي من الأدلة للقضاء لإدانة “مصلح”، ولكن الضغوطات كانت كبيرة، فإضافةً لمحاصرة مقر رئاسة الوزراء في #المنطقة_الخضراء، تلقى المسؤولون والقضاة تهديدات بالتصفية. والحكومة العراقية غير قادرة على مواجهة كل هذا، بسبب عدم وجود دعم شعبي لها»، حسب تعبيره.

«بالتأكيد نجحت قوى اللادولة في تأكيد انتصارها على الدولة العراقية» يؤكد “فراس الياس”، مردفاً: «بعد كل جولة صراع بين الميلشيات الولائية والدولة، تخرج الميلشيات منتصرة، وهذه الانتصارات ستفقد الدولة العراقية هيبتها نهائياً، وتجعلها تفقد ثقة المواطن تماماً».

ويختتم حديثه بالقول: «المواقف المترددة والمتراخية لن تؤسس لدولة قوية في العراق، بل ستؤدي لنشوء دولة داخل الدولة، وعندها سنكون أمام نموذج في ازدواجية السلطة، لا يختلف كثيراً عن نموذج #حزب_الله في لبنان».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.