في الذكرى السابعة لتأسيسه : كيف تحوّل الحشد الشعبي من حالة طارئة إلى كيان أقوى من الدولة العراقية؟

في الذكرى السابعة لتأسيسه : كيف تحوّل الحشد الشعبي من حالة طارئة إلى كيان أقوى من الدولة العراقية؟

لم تمر ذكرى تأسيس #الحشد_الشعبي بالعراق، في الثالث عشر من حزيران/يونيو الجاري، بشكل اعتيادي، خاصةً وأن السنة الأخيرة شهدت تعاظماً لنفوذ ميلشياته، وصل لمستوى المشاركة بقصف المقار العسكرية العراقية، واستهداف طائرات، تشارك بالحرب ضد تنظيم #داعش، والنزول إلى شوارع #بغداد مرتين: الأولى عبر عرض عسكري نفذته ميلشيا #ربع_الله، اعتُبر تحدياً لحكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي، بعد شروعها بالحرب على الفساد، وتسمية متورطين في عمليات فساد كبرى مرتبطين بالميلشيات؛ والثانية عبر السيطرة على #المنطقة_الخضراء، التي تضم مقرّات #الحكومة_العراقية والبعثات الدبلوماسية، بعد اعتقال القيادي في الحشد “قاسم مصلح”، في أيار/مايو الماضي، بتهمة المشاركة بقتل ناشطين في الحراك الشعبي.

وكان الحشد الشعبي قد تشكّل بفتوى للمرجع الشيعي الأعلى علي #السيستاني في عام 2014، بهدف وقف مد تنظيم داعش، بعد السقوط الدراماتيكي لمدن شمالي العراق، وخاصة مدينة #الموصل، بيد التنظيم. وعملت فصائل الحشد على عرقلة وصول داعش إلى بغداد ومدن الجنوب ذات الأغلبية الشيعية، التي تضمّ مراقد دينية مقدسة. وبعد تحرير كامل الأراضي العراقية من سيطرة التنظيم المتشدد أصبح الحشد قوة أساسية، ذات نفوذ سياسي وعسكري وميداني، لا يُسمح بانتقادها أو التعرّض لها. ورغم أنه رسمياً يعمل تحت أمرة وزارة الداخلية العراقية، إلا أنه صار يعتبر اليوم دولة داخل الدولة، وإرادته أقوى من إرادة كل السلطات في البلاد، بحسب ما يؤكد كثير من المتابعين للشأن العراقي.

 

 أقوى من الجيش والأجهزة الأمنية العراقية

المحلل السياسي “غيث التميمي” يرى أن «الحشد تحوّل من حالة طارئة، تشكّلت على أساس فتوى دينية، إلى قوة أهم من الجيش العراقي».

ويضيف، في حديثه لـ«الحل نت»، أنه «عندما كان الحشد كياناً تحت سيطرة الدولة العراقية لم تكن هنالك مشكلة، المشاكل برزت عندما صار من الحقائق الثابتة في السياسة العراقية، رغم انتهاء معارك تحرير المحافظات العراقية، وإعلان مرجعية #النجف أنها لا تدعم تأسيس الميلشيات. والأسوأ هو ولاء كثير من مجموعات الحشد لجهات إقليمية؛ وقيامه بقتل وخطف عراقيين معارضين له؛ وتورّطه بالفساد ونهب اموال الدولة، وتهديد استقرارها وابتزازها. وكل هذا مدعّم بشهادت وتقارير، إلا أنه لا توجد أية جهة تستطيع محاسبة الحشد اليوم».

تعقيباً على هذا يقول مسؤول أمني عراقي رفيع المستوى لـ«الحل نت» إن «الأجهزة الأمنية العراقية تلقت تعليمات، منذ عهد حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق “عادل عبد المهدي”، بعدم التعرّض لأي رتل أو آلية تابعة لفصائل الحشد، وعدم تفتيشها، حتى لو كانت الشكوك تحوم حولها، وهذا ما يسهّل على كثير من الفصائل المنفلتة القيام بعملياتها ضد الناشطين والمصالح الأجنبية، بل حتى ضد الحكومة العراقية نفسها».

وأضاف المصدر، الذي اشترط عدم كشف هويته، أن «هذه الإشكالية طُرحت في إحدى اجتماعات مجلس الامن الوطني العراقي، الذي يضمّ وزراءً ومسؤولي أجهزة أمنية رفيعة، برئاسة الكاظمي نفسه، وتعهّد رئيس هيئة الحشد “فالح الفياض” آنذاك بضبط تصرفات الفصائل، لكن لم يتغيّر شيء على الأرض. وفي الواقع الحشد أقوى من الأجهزة الأمنية، وصاحب السلطة في الشارع، بسبب الأوامر السياسية، التي تقضي بعدم التعرّض له».

 

مسؤول استخباراتي يحذّر من مخطط طائفي كبير

إلا أن نشاطات فصائل الحشد قد تصل إلى مراحل أكثر خطورة حتى من استهداف الناشطين والمصالح الأجنبية، فقد كشف مسؤول في الاستخبارات العراقية لموقع «الحل نت» عن «اعترافات أدلى بها أشخاص مرتبطون بالحشد، تم إلقاء القبض عليهم في الأشهر الماضية، ضمن جهود الدولة العراقية لمكافحة الفساد والسلاح المنفلت، بتهم تهديد أصحاب رؤوس أموال، وسرقة ممتلكاتهم، في مدن عراقية شمالية».

ويكمل المصدر، الذي شدد على عدم كشف هويته لأسباب أمنية، أن  «الاعترافات فضحت مخططاً لإثارة الفتنة الطائفية في العراق، عبر استهداف مقامات شيعية شمالي البلاد، بهدف تحشيد الشيعة ضد المكون السني ميدانياً وانتخابياً. وفي الوقت الذي ما تزال فيه التحقيقات جارية حول ذلك المخطط، تعالت مؤخراً دعوات لهدم تمثال الخليفة العباسي “أبي جعفر المنصور”، ومرقد الإمام “أبي حنيفة النعمان” في بغداد».

ويؤكد المصدر أن «بسط نفوذ الحشد، وفقاً للاعترافات التي حصلنا عليها، لن يقف عند الانتشار العسكري، بل سيتسع لإذكاء النزعة الطائفية، على اعتبار أن سمعة وشعبية القوى السياسية الشيعية، وخاصةً الميلشيات، في تراجع كبير لدى الشارع الشيعي نفسه، ولا سبيل لرفع حظوظها الانتخابية سوى عن طريق التحشيد الطائفي».

 

تقرير أميركي يقترح على الكاظمي حلاً عاجلاً

ونصح تقرير أميركي الحكومة العراقية باتخاذ زمام المبادرة في مواجهة الميلشيات، كي لا تتحول لسلطة أعلى من السلطات الشرعية، وتبتلع صلاحيات الدولة العراقية.

ويقول التقرير، الذي كتبه “مايكل نايتس”، المتخصص بالشؤون العراقية والإيرانية، لموقع “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”: «على الحكومة العراقية عدم الاستسلام، بعد اضطرارها للافراج عن “قاسم مصلح”، بل القيام بمزيد من الاعتقالات بشكل عاجل، قبل خسارة كل شيء، وحدوث انتخابات مشكوك في مصداقيتها».

ويضيف: «يجب على الدول الداعمة للعراق تشجيع الكاظمي على استخدام القوات الخاضعة لقيادته، لضمان تنفيذ أوامر التوقيف والاعتقال. ويجب أن تبقى الميلشيات في موقف ضعيف، في الفترة التي تسبق الانتخابات، بما يتماشى مع الهدف المتمثل في ضمان تصويت حر ونزيه، مع نسبة مشاركة شعبية جيدة، وهو هدف مستحيل التحقيق، إذا شعرت الميلشيات بالحرية في القتل والترهيب، وامتلكت قدرة الضغط على القضاء».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.