عِداءٌ فـ وئام ثم ترحيب.. إيران تناصر “طالبان” في الأوقات الضائعة.. ما الذي تخطّط له طهران؟

عِداءٌ فـ وئام ثم ترحيب.. إيران تناصر “طالبان” في الأوقات الضائعة.. ما الذي تخطّط له طهران؟

بعد ترحيب طهران بسيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان وسيطرتها على العاصمة يوم الأحد الفائت، يجدر التساؤل حول شكل العلاقة المحتمل بين النظام الإيراني وحركة ‘‘طالبان’’ خلال الفترة المقبلة.

فرغم الخلاف التاريخي بين السنة والشيعة، لم تدعم إيران الحركة الأفغانية السنية، بل فتحت قنوات اتصال معها. وذلك في الوقت الذي رحب فيه وزير الخارجية الإيراني ‘‘محمد جواد ظريف’’، مؤخراً، بتشكيل مجلس تنسيق أفغاني، للإشراف على انتقال السلطة في البلاد.

وأعرب ظريف، في تغريدة عبر ‘‘تويتر’’، عن أمله في أن يؤدي تنسيق المجلس إلى «الحوار والانتقال السلمي للسلطة» في الدولة التي مزقتها الحرب.

في حين ذكر الرئيس الإيراني ‘‘إبراهيم رئيسي’’ يوم الإثنين إن ضمان الاستقرار في أفغانستان يعدّ أولوية، مشددا على أن إيران ستساعد على تحقيق ذلك، بصفتها دولة جارة وصديقة. داعياً الأطراف الأفغانية كافة للعمل على تحقيق وفاق وطني في أفغانستان.

ورغم أن تصريحات رئيسي لم تذكر بشكل مباشر حركة ‘‘طالبان’’ أو سيطرتها على مختلف أنحاء البلاد خلال المدة الماضية، وصولا إلى دخولها كابول. لكنه نقل تأكيده أن بلاده ترصد بانتباه التطورات في أفغانستان، وتولي أهمية لعلاقات حسن الجوار مع جارتها التي تتشارك وإياها حدودا بطول أكثر من 900 كلم.

إيران والبحث عن المصالح

الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، د. ‘‘محسن أبو النور’’ (رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية) رأى بأن إيران «لا تدافع عن طالبان بقدر ما تدافع عن مصالحها، بخاصة وأن طهران موّلت ونسّقت مع ‘‘طالبان’’ في أوقات كثيرة، وذلك في الوقت الذي كانت تنسق فيه مع حكومة الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، لا سيما وأن هذا الرئيس حضر تنصيب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي».

وأضاف خلال حديثه لـ (الحل نت) بأن إيران موّلت أيضاً رئيس ‘‘الحزب الإسلامي الأفغاني’’ قلب الدين حكمتيار، فضلاً عن تمويلها القبائل الشمالية في أفغانستان، ودعمها أيضاً لـ ‘‘أحمد شاه مسعود’’.

وتابع «إيران دعمت الجميع، وكانت تنتظر من يستطيع الوصول إلى سلطة الحكم في أفغانستان ستقف إلى جانبه، وستتحالف معه بسبب مصالحها المتشابكة مع الدولة الجارة الشرقية لها».

اعتبر أبو النور أن إيران «لديها دوافع براغماتية تدفعها لأن تبني علاقاتها مع ‘‘طالبان’’ وتدافع عنها، لأن هناك معابر حدودية وتجارية بين الدولتين».

كما أن ‘‘طالبان’’ هي التي سيطرت خلال الأشهر الأخيرة على المنافذ الحدودية، وفق تعبيره، فضلاً عن السيطرة السابقة لـ ‘‘طالبان’’ على إقليم ‘‘هلمند’’ ونهر هلمند الذي يغذي إيران، مضيفاً بأن «إيران بأشد الحاجة للمياه القادمة من نهر هلمند، فالمنطقة الشرقية من إيران تتغذى من هذا النهر».

تنسيق عال المستوى

المتخصص في الشؤون الإيرانية، أشار إلى أن ‘‘طالبان’’ زارت إيران منذ شهر، من أجل تقديم ضمانات بعدم المساس بالأقلية الشيعية (قبائل الهزارة في الشمال)، وكذلك قبائل الأوزبك والطاجيك المتعاونين تاريخياً مع إيران.

وأضاف بأن «إيران تسعى لأن تمنح طالبان مظلة سياسية وأمنية، وهناك تنسيق عال المستوى لحماية المناطق الوعرة الحدودية بين الجانبين، فيما يتعلق بمكافحة الجماعات المصنفة إرهابيا من جانب إيران مثل ‘‘جند الله’’ و ‘‘جيش العدل’’».

وزاد في هذا السياق «تلك المنطقة تُشكّل لإيران منفذاً للتملص من العقوبات الأميركية، وهناك تقارير أفادت أن إيران مؤخرا تهرّب النفط نقلاً على الدراجات البخارية في الطرق الوعرة بمنطقة سيستان بلوشستان على الحدود بين أفغانستان وإيران».

وحول الخلافات المحتملة بين ‘‘طالبان’’ والجانب الإيراني، أشار إلى أنه قد يكون خلافاً عقائدياً بحكم أن «‘‘طالبان’’ هي سنية راديكالية، بينما إيران تقوم على نظرية فقهية شيعية إثنى عشرية».

وختم بالقول أن الاختلافات الممكنة أيضاً تتمثل بـ «التحالفات الإقليمية، وما إذا كانت أفغانستان ستنضم إلى محور إيران المواجه للولايات المتحدة، أم أنها ستتحالف مع الولايات المتحدة والغرب».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.