كانت تسير في طريقها، عائدة إلى بيتها، بعد يوم شاق من العمل، في وقت غير متأخر من الليل، وليس بالمبكر أيضاً، وحدثت الحادثة، وأسلمت الروح.

هزّ مقتل الشابة العراقية نورزان_الشمري، الشارع العراقي، وكل منصات التواصل تتداول قتلها، والغضب من الجريمة، هو السائد.

تعدّدت الروايات بين تعرّضها للتحرّش على يد 3 أشخاص ثم قتلها من قبلهم، وبين قتلها بلا تحرش، لكن النتيجة الحتمية، مفارقتها للحياة.

تبلغ “نورزان” 20 عاماً فقط. قُتلت وسط بغداد، قرب جسر الجادرية من جهة أبو نؤاس، وهي منطقة محصّنة أمنياً، ويسكنها العديد من المسؤولين.

تواصل (الحل نت) مع صديقة مقرّبة من الضحية، وكشفت تفاصيل قتلها بشكل دقيق، لكنها طلبت عدم كشف هويتها إبّان حديثها.

قالت: «قتل “نورزان الشمري” كان على يد عمها و2 من أولاده. لم تتعرّض للتحرش. عمّها يخطّط لقتلها منذ أكثر من 3 أعوام، لكنه لم يكن يعرف مسكنها».

تعمل “نورزان” بمحل لصنع الحلوى، لتعيل نفسها، وتعيل أمها، وتدفع المتبقي من مرتبها الشهري لسد إيجار الشقة الصغيرة التي تسكن بها.

تقول صديقتها: «هربت “نورزان الشمري” منذ 3 أعوام مع أمها من منطقة “التراث” في بغداد إلى منطقة آخرى؛ نتيجة التعنيف الذي كانت تلاقيه من عمها ووالدها».

لم تكن “نورزان” وحدها من تتعرض للتعنيف. والدتها أيضاً كان يعنّفها زوجها، ووالد “نورزان”، الذي مات قبل عام وربع العام تقريباً.

تطلّقت أمها. لكنها بقيت عرضة للتعنيف. ثم زوّجوها وهي “قاصر” بعمر 13 عاماً لشخص يكبرها بـ 20 سنةً، قبل أن تُطلّق عنه، حسب صديقتها.

تُضيف: «زوّجها والدها وعمها بعد ذلك بعمر الـ 16 لرجل مختل عقلياً، ولم تحتمله، وتطلّقت منه. هنا تدخّلت والدتها، وأخذتها معها لتعيدها إلى الدراسة».

لكن عمّها أراد تزويجها من ابنه. رفضت وهربت من المنطقة مع أمها، واختارت لنفسها اسمها المعروف “نورزان” بدل “نور الهدى”، حتى لا يعرفونها.

https://www.instagram.com/p/CTDV7PSqPA9/?utm_medium=copy_link

«بدأت حياتها في 2018 بعد الهرب بالعيش في غرفة صغيرة جنوبي بغداد، وبأوضاع معيشية صعبة، حتى وجدت فرصة العمل بمحل الحلوى»، تبين صديقتها.

تردف: «كانت تعمل وتدرس بنفس الوقت، وتصرف على البيت، لكن والدها ظل يبحث عنها هو وعمها، ثم مات الأب، وانفرد عمها بالبحث عنها، سعياً لقتلها».

فنّد الناطق باسم وزارة الداخلية، اللواء سعد معن، ما تداولته منصات التواصل من اغتصاب “نورزان” ثم قتلها، وأكّد سلامة جسدها من أي اعتداء جنسي.

قال “معن” في بيان مقتضب إن: مقتل “نورزان” كان بآلة حادة، ولا وجود لاعتداء جسدي يُذكر، ونحن في انتظار تقرير “الطب العدلي” للتأكد بشكل قاطع.

https://twitter.com/Remissiya_/status/1430630986065252353?s=19

توضّح صديقة الضحية أن: «عم “نورزان” اكتشف مكانها مؤخراً وهدّدها بقتلها، ولم تجد “روزان” من تلجأ إليه ليحميها، لتقع الواقعة الأليمة».

«كان برفقة عمها 2، وهم أولاده. اعترضوا طريقها ليلاً في الشارع. أخرج عمها “السكين” وبدأ بطعنها حتى فارقت الحياة»، تقول صديقتها.

أم الضحية، اشتكت ضد عم ابنتها وأولاده، واتهمتهم بقتل “نورزان”. «وهي شاهد عيان على الحادثة»، وفق “معن”، الذي لم يذكر أي تفاصيل إضافية.

لاحقاً، انتشر مقطع فيديو لشخصين مع أمهما، يقولان إنهما أولاد خالة “نورزان”، ويسردان في المقطع إلى حد كبير، ذات ما قالته صديقة الضحية.

الآن، يطالب ناشطو وناشطات التواصل الاجتماعي في العراق، بضرورة تشريع قانون العنف الأسري للحد من هذه الجرائم.

وأعلنت الداخلية العراقية، مطلع هذا العام، تسجيل 15 ألف حالة عنف أسري في عام 2020، و17 ألف حالة في عام 2019.

في أكتوبر المنصرم، أقرّ مجلس الوزراء العراقي، تحت ضغط منظماتي وحقوقي، مشروع قانون “مناهضة العنف الأسري”، ومرّره إلى البرلمان لأجل تشريعه.

لكن لم يشرّع القانون حتى الآن، نتيجة معارضته من قبل بعض الجهات السياسية التي لها ثقلها في البرلمان، بخاصة تلك التي تنتمي لـ “الأحزاب الإسلامية”.

https://twitter.com/jafaralaarajy/status/1430939751792750599?s=19

وصرّح بعض أعضاء الأحزاب الإسلامية، برفضهم لتمرير القانون؛ لأنه «يخالف الشرع الإسلامي، ويعطي للمرأة الحرية والتحرّر»، بحسبهم.

وتعاني المرأة العراقية منذ عقود من العُنف الأُسَري، وتفاقمت المعاناة منذ مطلع التسعينيات، حينما أطلق الرئيس الأسبق صدام حسين، “الحملة الإيمانية”.

“الحملَة الإيمانيّة” هي أجندة سياسية قانونية محافظة، ساهمت في تدهور الحقوق والحريات الأساسية للنساء على وجه الخصوص، بحجة “العودة للإيمان”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.