يأخذ نقص المحروقات في منطقة عكار شمالي لبنان منعطفاً خطيراً، مع انفجار صهريج بنزين مهرّب في بلدة التليل في 15 آب الجاري، تسبّب بمقتل أكثر من 30 شخصاً، سوريون ولبنانيون.

ليست هي المأساة بعينها، لكن الوجع الأكبر، هو تحالف القوى اللبنانية ضد الشعب، مع إظهار العداوة فيما بينها علناً، والاتفاق في الخفاء عل نحوٍ خبيث، والتعاون على إنجاز عمليات التهريب بين سوريا ولبنان، لكسب مزيدٍ من المال.

كل ذلك، يجبر عديد الأهالي في المناطق الحدودية المتاخمة لسوريا، إلى اللجوء لعمليات تهريب الوقود، وبيعها على قارعة الطرقات في مدينةٍ أهملتها الحكومة اللبنانية وهجرتها السلطات المركزية.

مزيد من الفوضى

تغرق عكار، المنطقة المتاخمة لسوريا في العزلة والفوضى، فعلى حدود هذين البلدين، يزدهر الاتجار بالممنوعات والتهريب، وفي أسوء حالات الكارثة الاقتصادية،  تكون الهجرة أحد الحلول.

وفي العريضة، على طرف عكار، شمالي لبنان أهملتها السلطات المركزية وحرمت من الرئة السورية، تتزايد العزلة ويتفاقم النقص: إنهم بدون بنزين، وأيام متتالية بدون كهرباء أو هاتف، وفق تقريرٍ لصحيفة (Le Monde) الفرنسية.

اعتاد الشاب “عمار” الذي فقد وظيفته في بيروت، الذهاب إلى سوريا، أما اليوم، فهو لا يخاطر بذلك مرة أخرى، خوفاً من انتقام السلطات السورية، لأن القرى على طول الحدود دعمت الثورة ضد الأسد.

«كنا معروفين كشباب من القرية، وكنا نعبر، دون تقديم أوراق، للحصول على إمدادات الغاز ومياه الشرب والطعام»، يقول “عمار” 26 عاماً.

ليست هناك محطة وقود واحدة مفتوحة على طرق السفر هناك، «إذ يخشى الموزعون من تعرضهم لهجوم من قبل السكان المحليين، وقد حدث هذا بالفعل»، يؤكّد الشاب الثلاثيني.

التهريب مستمر

وصلت الناقلات أخيراً، برفقة مدرعات، إلى المنطقة في 25 آب الجاري. ومع ذلك، ترى الوقود المفقود من محطة الوقود منتشراً على حافة الطريق عند دخولك عكار: بيدونات بلاستيكية مملوءة بالمازوت أو البنزين تصطف على جانبي الطريق.

النقص الشديد، هو نتيجة انخفاض عملات البنك المركزي والمضاربة، وبالتالي التخزين في انتظار وقف الدعم؛ للبيع في السوق السوداء أو التهريب، وهناك أطراف مختلفة الاتجاهات غارقة في مستنقع الاحتيال، فهنا الأعمال والسياسة متشابكان.

يؤكّد تقرير الصحيفة الفرنسية، نقلاً عن أحد المهربين يدعى “رباح”، على وجود معابر محلية غير شرعية، لكن هذا المهرب، يسعى لتقليل حركة التهريب من منطقته في عكار.

يقول: «التهريب يتم بشكل رئيسي في منطقة الهرمل»، فهذه المنطقة المجاورة تعتبر معقلاً لحزب الله الذي رغم نفيه المستمر، إلا أنه متهمٌ بأنه في طليعة مهربي المنتجات المدعومة إلى سوريا.

وعلى الرغم من إعلان انتهاء دعم المواد في لبنان، فمن غير المرجح أن تتوقف عمليات التهريب، فهي قديمة ومستمرة على طول الحدود مع سوريا، والمواد المهربة تختلف باختلاف النقص والحاجة على الأرض في كلا البلدين.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.