أصدر برنامج “مسارات الشرق الأوسط” التابع لـ ‘‘معهد الجامعة الأوروبية’’، دراسة حول (قطاع الكهرباء في سوريا بعد عقد من الحرب)، لتقديم تقييم شامل لحالة قطاع الكهرباء في سوريا، بناءً على حالته منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، مرورا باندلاع الحراك الشعبي، وحتى الآن.

تشير الدراسة التي أعدها الباحثان ‘‘كرم شعار’’ و‘‘سنان حتاحت’’ إلى أن قطاع الكهرباء في سوريا، والذي كان تحت السيطرة المطلقة للدولة، قد عانى ضعفاً لسنوات طويلة قبل الحرب وكان بالكاد يفي بالغرض.

مسجلاً خسائر هائلةً في الإنتاج والنقل جراء الانقطاعات المتكررة نتيجة الأحمال الزائدة والفائقة لقدرة الشبكة.

كما تضيف الدراسة أن قطاع الكهرباء في سوريا كان في حال أسوأ من نظيره في الدول النامية الأخرى. كان هذا الضعف قبل الحرب نتيجة عدة عوامل، أبرزها ضعف الاستثمار والصيانة والتحديث للشبكة.

إيران التي كانت تريد السيطرة على مفاصل في قطاع الكهرباء بسوريا، خلال الفترة الماضية، قال عنها الباحث ‘‘كرم شعار’’ خلال حديث لـ(الحل نت) إنها حاولت مساعدة دمشق في موضوع الكهرباء، لكن دون أن يتم ذلك بشكل مجاني.

وأضاف: لقد «بات واضحاً خلال الفترة الأخيرة، أن إيران ليس لديها الاستعداد بصرف مبالغ كبيرة لمصلحة الأسد كما كان الوضع خلال سنوات سابقة. هذا الأمر سببه الأساسي هو إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران منتصف العام 2018. هناك أيضاً أسباب أخرى من ضمنها شعور طهران أن بشار الأسد لا يعطيها الدافع الذي يتناسب مع حجم الإنفاق الكبير الذي تكلفوه».

في حين أشارت الدراسة إلى أن الاعتماد على الغاز في توليد الكهرباء في سوريا قد ازداد بشكل ملحوظ في العقد الذي سبق الحرب، وأن ذلك يعود لأربعة أسباب هي: الانخفاض في إنتاج النفط المحلي منذ أواخر التسعينيات، ازدياد استخدام المحطات ذات الدورة المركبة، تحسن الوصول إلى الغاز الطبيعي محلياً ودولياً، تصدير سوريا لفائض مخزونها من النفط واستهلاك كل الغاز المنتج محلياً.

أما خلال الحرب في سوريا، تشير الدراسة إلى ازدياد أهمية الغاز نسبيًا، فيما انخفضت إسهامات المحطات الثلاث على نهر الفرات (محطات كهرومائية) بسبب ضعف الصيانة وانخفاض منسوب المياه من تركيا.

تشير الدراسة كذلك إلى أن البنية التحتية المستخدمة في توليد ونقل الكهرباء تعرضت لأضرار جسيمة نتيجة الاستهداف المتعمد في كثير من الأحيان لها من قبل الأطراف المسلحة (النظام والمعارضة معًا).

ما أدى أيضاً إلى تدمير أجزاء من شبكة النقل والأبراج، بالإضافة لأنابيب الغاز التي تغذي المولدات الكهربائية. تم تدمير ثلاث محطات لتوليد الكهرباء وهي، محطة حلب الحرارية في عام 2015، محطة زيزون في إدلب عام 2016، محطة التيم في دير الزور عام 2017.

كانت هذه المحطات الثلاث توفر ما يقارب 18.25 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي في البلاد قبل 2011. عانت بعض المحطات الأخرى، مثل محطتي محردة والزارة قرب حماة ومحطة تشرين قرب دمشق، من أضرار أقل حدة وقد تم إصلاح بعض الأضرار فيها.

من أكبر الأضرار التي تعرض لها قطاع الكهرباء بعد الحرب في سوريا كانت تلك التي طالت أنابيب الغاز. استهداف أنابيب الغاز أسفر عن انقطاع كبير في توليد الكهرباء. عام 2014 كان ذروة تلك الهجمات.

فمثلاً تعرض خط الغاز العربي، للهجوم في ذلك العام، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن محافظة دمشق. تعرضت كذلك خطوط الأنابيب في البادية السورية لهجمات أدت لانقطاع الكهرباء في حمص ودير الزور.

في ظل فشل الدولة في تلبية الحاجة إلى التيار الكهربائي، ظهرت الأسواق السوداء للوقود ومستلزمات توليد الكهرباء منذ عام 2013، فأصبحت بذلك المولدات والبطاريات التجارية والخاصة المصدر الأساسي الذي يعتمد عليه السكان لتوفير الكهرباء.

هذا التراجع الكبير في إمداد الكهرباء، أدى إلى إعادة العمل بمفهوم “التقنين” بشكل أوسع عبر فصل الأحمال عن البلاد كافة.

في نيسان 2021، أعلن وزير الكهرباء غسان الزامل عن توحيد برنامج التقنين في مختلف المحافظات، لتوفير ساعة من الكهرباء مقابل 4 ساعات ونصف من التقنين.

شهدت هذه السياسة على أرض الواقع تفاوتاً كبيراً بين المحافظات، حتى أن التفاوت موجود ضمن أحياء المدينة الواحدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.