حركة رجال الكرامة: هل تراجعت القوة الأكبر في السويداء عن مواجهة عصابات الخطف والمخدرات؟

حركة رجال الكرامة: هل تراجعت القوة الأكبر في السويداء عن مواجهة عصابات الخطف والمخدرات؟

قامت حركة رجال الكرامة، التي تعتبر أكبر فصيل محلي في محافظة السويداء، بحصار مبنى فرع الأمن العسكري في بلدة “حصين”، بتاريخ الثالث عشر من أيلول/سبتمبر الحالي. بسبب قيام عصابة تابعة للفرع بإهانة أحد قادة الحركة على حواجزها.

وجاء حصار الفرع بعد اندلاع معارك بين حركة رجال الكرامة وعصابة “راجي فلحوط”، المدعومة من عدد من الأفرع الأمنية التابعة للحكومة السورية. ما جعل كثيراً من الأهالي يتحسّبون لاندلاع حرب طويلة بين فصائل محافظة السويداء. التي امتلأت بعد الأحداث الأخيرة بالحواجز والمسلحين المستنفرين.

يبدو تصعيد حركة رجال الكرامة الأخير لافتاً، خاصة أن الحركة حرصت على إبداء حيادها تجاه مختلف الصراعات الميلشياوية في السويداء. فما الذي دفع “رجال الكرامة” للخروج عن حيادهم؟ وما انعكاسات الأحداث الأخيرة على مستقبل الحركة، وخارطة توزع القوى والسيطرة في المحافظة؟

 

هل وقع “رجال الكرامة” في فخ العصابات؟

الإعلامي “ثائر عبد الحق”، يحاول أن يشرح لموقع «الحل نت» سياق الأحداث الأخيرة بالقول: «تصاعد الصراع مؤخراً بين “قوة مكافحة الإرهاب“، التابعة لـ”حزب اللواء السوري“، المدعوم أميركياً بحسب كثير من التقارير. وبين عصابات الخطف والتهريب في السويداء، التي يقف وراءها فرع الأمن العسكري الموالي لإيران. فقد تبادل الطرفان عمليات الخطف فيما بينهما. ونصبا حواجز داخل مدينة السويداء، وعلى محاورها الرئيسية. وكان لافتاً خلال تلك الفترة قيام “راجي فلحوط”، المدعوم من الأمن العسكري، بإطلاق الصواريخ على منطقة فرع أمن الدولة الموالي لروسيا. ما أكد تصاعد الصراع بين الأفرع الأمنية التابعة للحكومة السورية. وتعدد ولاءاتها. فبعضها يمثل المصالح الروسية، وبعضها الآخر المصالح الإيرانية».

ويتابع: «كانت حركة رجال الكرامة تتابع هذه الأحداث المتسارعة. وتحاول الحفاظ على حيادها. رافضةً العروض الروسية المتعددة لها. فقد سعى الروس دون جدوى لتحويل “رجال الكرامة” إلى ما يشبه الفيلق الخامس في درعا، بقيادة “أحمد العودة” الموالي لروسيا. إلا ان حياد الحركة لم يعجب كثيراً من الأطراف. وهكذا تعمّد موالون للأمن العسكري إهانة أحد قادة الحركة. لزج رجال الكرامة في الصراع. وهذا ما كان».

ويوضح الإعلامي المحلي الإجراءات الأساسية، التي اتخذتها حركة رجال الكرامة، بالقول: «قررت الحركة خوض معركة شاملة ضد العصابات. بدأتها  بحصار مقرات عصابة “راجي فلحوط” في بلدة “عتيل”. ثم محاصرة فرع الأمن العسكري نفسه. المتهم الأول بدعم العصابات، التي تعيث فساداً في المحافظة. إلا أن تحركات حركة رجال الكرامة  اصطدمت بمقاومة صلبة من “فلحوط” وجماعته. الذي وضع شروطاً صعبة مقابل إخلاء بلدة “عتيل”. وهكذا وجدت حركة رجال الكرامة نفسها أمام خيارين صعبين. إما الاستمرار بالمواجهة واقتحام البلدة. ما سيؤدي لسقوط كثير من المدنيين. وتفجير مشاكل اجتماعية وردود فعل ثأرية من العائلات والعشائر. وإما التراجع عن الحصار. لتبدو بمظهر المتخاذل أمام العصابات. ما يفقدها الدعم والتضامن الشعبي الذي اكتسبته في السنوات الماضية. ويبدو أن الحركة وقعت في الفخ الذي نصبته لها الأفرع الأمنية والعصابات».

 

رجال الكرامة بين “مكافحة الإرهاب” و”عصابة فلحوط”

إلا أن الصراع في السويداء لا يدور فقط بين قوة محلية مستقلة، وفصائل مدعومة من إيران وروسيا، بل هنالك طرف ثالث، مجهول الارتباطات إلى حد كبير. هو “قوة مكافحة الإرهاب”.

وحسب مصادر خاصة لموقع «الحل نت» فإن «قادة “حزب اللواء السوري” تواصلوا مع حركة رجال الكرامة قبل تأسيس “قوة مكافحة الإرهاب”. لتكوين تشكيل عسكري موحّد كبير في الجنوب السوري. إلا أن قادة رجال الكرامة رفضوا هذا بشكل قاطع».

وتؤكد المصادر أن  «رفض حركة رجال الكرامة للتعاون مع حزب اللواء السوري دفع رئيسه “مالك أبو الخير”، المقيم في فرنسا. وقائد ميلشيات الحزب داخل السويداء “سامر الحكيم”، للتواصل مع عدد من قادة العصابات في المحافظة».

محامٍ مقرّب من حركة رجال الكرامة، رفص نشر اسمه، أكد هذه المعلومات لموقع «الحل نت». مضيفاً أنه «اطلع شخصياً على تسجيلات سرّبها “راجي فلحوط”، تثبت وجود مفاوضات بين عصابته وحزب اللواء السوري. أي أنها مفاوضات بين فرع الأمن العسكري و”قوة مكافحة الإرهاب”».

من جهته يقول “حمزة المعروفي”، الناشط الإعلامي المحلي: «ظن الجميع أن قوة مكافحة الإرهاب ستدعم حركة رجال الكرامة في حصارها لفرع الأمن العسكري ولمقرات “فلحوط”. إلا ان الواقع كان مغايراً. وفعلياً لعبت قوة مكافحة الإرهاب دوراً سلبياً. أظهر حركة رجال الكرامة بصورة المهزوم».

ويوضح “المعروفي” مقصده لموقع «الحل نت» بالقول: «تلقى “يحيى الحجار”، قائد حركة رجال الكرامة، دعماً كبيراً من المرجعيات الدينية وأعيان المحافظة. أثناء حصاره لفرع الأمن العسكري. إلا أن هذا الدعم كان “من تحت الطاولة”. أي أنه غير معلن بوضوح. وبعد أن نجح رجال الكرامة بالقبض على عدد من كبار تجار المخدرات، وشل حركة العصابات. انقلب غالبية الداعمين المحليين ضد الحركة ورئيسها. ورأوا أن “الحجار” يجرّ المحافظة إلى بحر من الدم. وطالبوه بتسليم قادة عصابات المخدرات لهم، والتراجع عن كل الخطوات التي اتخذها. فظهر “فلحوط” وعصابته بمظهر المنتصر، وبالتالي فرع الأمن العسكري. وطبعا لعبت صلات قوة مكافحة الإرهاب مع الوجهاء المحليين دوراً كبيراً في تغيّر مواقفهم المفاجئ. ليظهر رجال الكرامة أمام الناس بمظهر المتخاذل».

 

الرد شبه الرسمي على حركة رجال الكرامة

وعقب حصار حركة رجال الكرامة  لفرع الأمن العسكري نشرت صفحة على موقع “فيس بوك”، تطلق على نفسها اسم “شعبة المخابرات”،  بياناً علّقت فيه على الأحداث. مؤكدة أن «وزارة الدفاع  في الجمهورية العربية السورية تنفي أي علاقة لها، أو لأي من الجهات التابعة لها، بالمجموعات المسلّحة في محافظة السويداء (سواء مجموعات “فلحوط” أو “مزهر” أو غيرها)، ولا تتحمل أي مسؤولية عن تصرفات هذه المجموعات، أو الأعمال التي تقوم بها».

وشدد البيان على أن «وزارة الدفاع تعمل ضمن سياق العمل المؤسساتي، لبسط سلطة وهيبة الدولة، وفق القوانين والأنظمة النافذة».

وربما كان هذا البيان أحد الجهود المحلية لنزع فتيل الازمة. فقد أفرجت حركة رجال الكرامة بعده عن “داني كيوان”، أحد أكبر تجار المخدرات في السويداء. نزولاً عند وساطة الزعامات الدينية والاجتماعية في المحافظة. وهو ما قد يعتبر نوعاً من التسوية بين الأفرع الأمنية والحركة.

 

كيف باتت خارطة القوة في السويداء الآن؟

المحامي “سليمان العلي” يرى أن «حركة رجال الكرامة نجحت، رغم كل شيء، بتوجيه ضربة لعصابة “فلحوط”. ورغم تراجعها بالنهاية تحت ضغط الوجهاء، فإن هذا لا يعني انتصار فرع الامن العسكري».

ويضيف: «فرع الأمن العسكري الموالي لإيران يفقد نفوذه فعلياً على الأرض. فهنالك قوة أكبر توجه الأحداث في الجنوب السوري. وهي روسيا وأجهزتها الاستخباراتية، التي نجحت ببناء شبكة علاقات واسعة مع رجال الدين والوجهاء المحليين. الذين لا يرتاحون لتصاعد النفوذ الإيراني في السويداء. بل حتى مع قوة مكافحة الإرهاب، وحزب اللواء السوري، الذي يُعتقد بتلقيه الدعم الأميركي. وهذا ما يفسّر الغزل المبطن لروسيا في المؤتمر التأسيسي لحزب اللواء السوري».

لكن، وبحسب “العلي” أيضاً، فإن «قوة حركة رجال الكرامة لن تخبو، وإن انكفأت بعد الأحداث الأخيرة. التي يمكن اعتبارها نكسة للحركة. والأيام ستثبت أن “رجال الكرامة” سيبقون اللاعب الأساسي في المحافظة. والطرف المستقل الذي يقف بوجه مخططات روسيا وإيران». حسب تعبيره.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة