صادرت السلطات السورية خلال الآونة الأخيرة قسماً كبيراً من المنتجات العائدة لشركة طريف الأخرس لاستيراد السكر، وهو ابن عم والد أسماء الأخرس زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، في محاولة على ما يبدو لتضييق الخناق على شخصيات يجري إيقاف نشاطها الاقتصادي.

يقال إن ابن عم أسماء الأخرس، وهو أحد أبرز رجال الأعمال السوريين الحاليين، لا سيما أنه يعتبر أحد أكبر مستوردي المواد الخام، مثل السكر، قد دفع مؤخراً ضريبة قضية مرحلية تهدف إلى مصادرة ممتلكاته بذريعة مكافحة الفساد. حيث داهمت وزارة التموين مستودعات الأخرس، حيث سيطرت تقريباً على سوق استيراد السكر وزيت دوّار الشمس بالكامل، بما في ذلك الاستيلاء على 1900 طن من السكر المسروق والمخبأ.

 

على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي

وُلِد طريف الأخرس في حمص لعائلة برجوازية، وأنشأ مجموعته من الشركات في عام 1973. ونجح رجل الأعمال، الذي كان يدير شركة هندسية صغيرة في ذلك الوقت، تدريجياً في بناء مجموعة كبيرة مع مصانع للسكر والزيت ومعدات البناء والمثلجات ومنتجات الألبان. وفي أوائل العقد الأول من القرن الحالي، كان زواج بشار الأسد من أسماء هو من مكّن الأخرس تدريجياً من تزويد القوات الحكومية بمواد خام مختلفة، مستغلاً الفساد داخل المؤسسة العسكرية.

وعندما بدأ الحراك الشعبي عام 2011، واصل الأخرس إثراء نفسه من خلال توفير المواد الغذائية ووسائل النقل، عبر شركته “عبر الشرق”، للقوات الحكومية ومن خلال تقديم الدعم لأجهزة المخابرات في حمص.

إلا أن شراكته مع السلطة لها ثمنها وتكلفتها. ففي أيلول/سبتمبر 2011، تم وضع الأخرس على قائمة العقوبات الاقتصادية التي أصدرها الاتحاد الأوروبي بصفته “رجل أعمال بارز يستفيد من النظام ويدعمه”، ومن ثم على قائمة عقوبات كل من كندا وبريطانيا لاحقاً.

وخلافاً لكل التوقعات، عاد اسم طريف الأخرس للظهور في آب/أغسطس الماضي، عندما أعلنت وزارة الخزانة البريطانية، دون إبداء الأسباب، أنها رفعت العقوبات المفروضة عليه، مشيرةً إلى أنه “لم يعد خاضعاً لتجميد الأصول”.

“بالنظر إلى صعوبة الوضع الاقتصادي في البلاد، يسعى النظام للسيطرة على جميع مصادر الدخل من خلال تكليف رجال أعمال يتبعون كلياً للقصر الرئاسي – في معظم الحالات رجال أعمال تابعون لماهر الأسد، شقيق بشار، أو مقربون من أسماء الأسد، ممن يدينون لهم بثروتهم كاملة وليس لديهم استقلال مالي، على عكس طريف الأخرس”، يوضح جوزيف ضاهر، أستاذ الأبحاث في جامعة لوزان والأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا. فبعد أن دمرتها عشر سنوات من الحرب وباتت غير قادرة على تمويل إعادة الإعمار، التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات، تسعى الدولة السورية منذ عدة سنوات لاستعادة السيطرة على المجال الاقتصادي، حتى لو كان ذلك يعني إعداد سيناريوهات من البداية للاستيلاء على موارد رجال الأعمال هؤلاء.

المؤامرة التي نسجتها السلطة

بحسب مصدر مقرّب من طريف الأخرس، فإن مصادرة السكر الأخيرة هي في الواقع “مؤامرة نسجها النظام للضغط على رجل الأعمال من أجل الحصول على المال، كجزء من حملة النظام الأخيرة ضد معظم التجار ورجال الأعمال في سوريا”. رغم أن كمية السكر المضبوطة “تم استيرادها بشكل قانوني لصالح المؤسسة السورية للتجارة من قبل طريف الأخرس وأن السورية للتجارة رفضت تسلمها بحجة عدم مطابقتها للمواصفات المتفق عليها”.

مداهمة مخازن الأخرس هي جزء من حملة أطلقها في آب/أغسطس الماضي وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الجديد، عمرو سالم، ضد كبار تجار السكر، حيث قال بأن هناك أكثر من عشرة أيام من “احتكار القلة”.

كان الهدف المعلن لهذه الحملة هو تقليص النقص وسعر السكر، حيث قال الوزير إن كمية السكر المضبوطة كافية لسد احتياجات الناس لفترة طويلة. وأوضح أن هناك قضية مرفوعة ضد “ملك السكر”، كما يلقب في البلاد، إضافة إلى عشرات التجار الآخرين، ومن المرجح أن يواجه المتهمون حكماً بالسجن قد يصل إلى سبع سنوات.

وبالتوازي مع هذه القضية، أعلنت المؤسسة السورية للتجارة في الأيام الماضية أن سامر فوز سيزود الدولة بالسكر بما يصل إلى ألف طن في اليوم. والفوز هذا كان رئيس شركة صغيرة متخصصة في البناء قبل عام 2011، وهو الآن على رأس العديد من القطاعات في البلاد، من توزيع الكابلات إلى الأدوية، بما في ذلك العقارات والاستيراد والتجارة في الحبوب ومواد البناء.

ويشير إليه جوزيف ظاهر، بصفته مستغلاً أساسياً للحرب في البلاد، إلى أن منح هذا العقد لسامر فوز “دليل آخر على رغبة النظام في تفضيل شخصيات مرتبطة تماماً بالقصر الرئاسي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.