يذهب مسلسل “كاتلا” لفكرة ذات بعد فلسفي تضع المشاهد أمام تساؤلات كثيرة. الفكرة تقوم على وجود نسخة حرفيا تطابق شخصية من شخصيات المسلسل. تضع المشاهد أمام إسقاط للفكرة على ذاته، لتترك له تخيل وجود نسخة منه أو من شخص عزيز عليه خسره بحادث أو توفي منذ سنوات وحتى غادر بعيدا عنه.

يتجه المسلسل للغوص في الفكرة باتجاه حياة ما بعد الموت تولد من تحت رماد بركان ثائر حمل المسلسل اسمه، ليقف العلم أمام هذه الظاهرة، مضطرا أن يتساءل كيف ولدت هذه النسخ وكيف تدرك الواقع والأحداث بأدق تفاصيلها. ليتم السرد باتجاه درامي خيالي بجّو من البرود نتيجة للإطالة مما وضع المشاهد ضمن بيئة العمل التي يسودها القليل من الملل، وسط الرماد المتناثر والعواصف الباردة.

قصة المسلسل

في بلدة معزولة تدعى “فيك” في أيسلندا يتسبب ثوران البركان القريب منها برحيل معظم سكانها، حيث يبقى عدد قليل منهم تمسكوا بالعيش رغم الظروف الصعبة، يعمل كل من هؤلاء الباقين في تخصص له بأجواء يسودها البرود والترقب.

بعد عام على ثوران البركان، يواجه من بقي من السكان ظروف الحياة والثوران البركاني بروتين متكرر يومي دون تغييرات تطرأ. وفجأة تخرج امرأة من بين الجلد تحت رماد البركان الثائر، تسير والرماد يغطي جسدها حتى تصل أطراف البلدة، حيث يجدها مختصان بالبراكين يعملان ضمن مركز أبحاث.

تنقل للمشفى تحت ناظري الشرطي “جيسلي” و”إيما” التي تساعده، وبعد تحسن حالتها الجسدية تخبرهم بأن اسمها “غونهيلد”، وأنها كانت برفقة “ثور” والد “إيما”، ليضع الشرطي افتراضا أن “ثور” خرق القوانين وسمح بدخول أشخاص لمنطقة الثوران التي تعتبر محظورة على السياح لاسيما أنها من السويد.

وتتشابك الأحداث في الحلقات التي تلي الحلقة الأولى، حيث تعطي كون “غونهيلد” تفاصيل أكثر عن حياتها، ليتبين أنها عملت في فندق البلدة منذ 20 عاما وأنها حقا كانت صديقة “ثور” ذلك العجوز الذي يعمل بصيانة الآليات.

تتطابق تفاصيل حياتها مع قصة “غونهيلد” التي تعيش في السويد أيضا، والتي تقصد بلدة فيك لتدرك ماهية ما يجري. بعد اتصال هاتفي تلقته من البلدة، حيث تدور الكثير من الأسئلة حول هذه المرأة الخارجة من الرماد التي تدعى “غونهيلد”.

بعدها تتوالى الشخصيات في الظهور من الرماد، ومنها “أوسا” شقيقة “إيما” التي فقدت قبل عام خلال بداية الثوران البركاني. لتتجه الأحداث نحو غموض أكثر، مع اكتشاف حمل “غونهيلد” المنبعثة من الرماد، وحينها يعود “ثور” الذي تقوده العواطف للتقرب من غونهيلد الآتية من الرماد.

تجلب عودة “أوسا” أيضا العديد من المشاعر والتساؤلات حول نجاتها، لتقطع سلسلة الأحداث أحلام تراود “إيما” حول وجود جثة في كوخ قريب، لتتجه مع إيما إلى الكوخ وبالفعل تجد جثة تحته، يتم نقلها من قبل الشرطة لفحص الحمضي النووي ومعرفة لمن تعود.

في الأثناء تظهر شخصية جديدة من تحت الرماد، وهو الطفل “بيورن”، الذي يكون والده عالم الجيولوجيا قد وصل إلى كاتلا، يحاول إخفاء الطفل ومعرفة تفاصيل عن حياته مع العلم أن ابنه في الحقيقة مات بحادث سيارة قبل سنوات.

ومع تقدم الأحداث يخوض العالم في أبعاد فلسفية بعيدا عن عالم الواقع، حيث يستمع لروايات حول بعث أشخاص من تحت رماد “كاتلا”، وهذا ما تحاول “إيما” التي تخرج أيضا نسخة عنها من تحت الرماد وتسلبها زوجها. تتسارع الأحداث ليحصل المشاهد على بعض الأجوبة التي يتوق لمعرفتها حول هذه النسخ، وارتباطها بثوران البركان. لتخرج من جديد امرأة هي نسخة عن زوجة الشرطي “جريسلي”.

الأحداث تلتقي عند محاولة العالم ديري و إيما وتفسير ما يحدث، وكيف تنبعث هذه الجثث من تحت الرماد، ومع كل إجابة عن سؤال يطرح سؤال جديد نفسه، ومع كل دنو من الحقيقة تبتعد من جديد، وتستمر أحداث المسلسل حتى الحلقة الأخيرة في محاولة شخصياته معرفة الحقيقة من الوهم.

التصوير والإخراج

تم تصوير المسلسل في بيئة تنقل المشاهد لجغرافيا ثوران بركان حقيقي، في الرماد يغطي كل شيء والقلة من المقيمين في بلدة فيك، متمسكين بالحياة بظروف من البرد، حلقات المسلسل الثمانية توزعت مشاهدها بين مشاهد خارجية يطغى في معظمها لون الرماد، المياه فيها سوداء والرياح محملة بالرماد، أما المشاهد الداخلية دارت ضمن هدوء بصري يعطي المشاهد طاقة للتركيز على مجريات الأحداث، ومحاولة فهم ما يدور في كل مشهد. المسلسل رغم كونه من ثمانية حلقات إلا أنه ذهب نحو بعد فلسفي، خارج عن المألوف، مع ظهور أول شخصية لم تطرح أسئلة كثيرة حولها ومن أين أتت وتكرر ذلك مع ظهور شخصيات ثانية، وكأن عملية الإخراج تقصدت أن تثير فضول المشاهد على طرح هذه الأسئلة.

اعتمد في تصوير المسلسل على المشاهد الداخلية في الغالب والزوايا الضيقة للكاميرا، مع التركيز على الحوار بين الشخصيات، وفي التصوير الخارجي اعتمد على تحريك الكاميرا والزوايا العريضة، خاصة في إظهار مشاهد البركان، وحركة تنقل الشخصيات.

أما الموسيقى التصويرية اندمجت بالمشاهد البصرية، لتضفي لون من الدراما على المسلسل، باعتماد إيقاع ثابت في معظم الحلقات. حيث وصلت مدة الحلقات 42 دقيقة في المتوسط.

بطاقة المسلسل

المسلسل تلفزيوني درامي من الغموض الأيسلندي ابتكره بالتاسار كورماكور وسيغوريون كجارتانسون ، وكتبه كجارتانسون وديفيز مار ستيفانسون وليلجا سيجورياردوتير.

إخراج كورماكور وبوركور سيغورسون وسورا هيلمارسدوتير.
والعمل من بطولة وإيريس تانيا وفلايجينرينغ، وآليات أوبهيم. إنجفار سيغوردسون، هارالدور ستيفانسون

تصنيف المسلسل : دراما ، غموض ، خيال علمي

تم العرض لأول في 17 يونيو 2021 على Netflix.

حظي المسلسل بتقييم 7 من 10 حسب منصة IMPD المتخصصة بتقييم المسلسلات والأفلام.،

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.