بدأت منذ أيام قليلة، عمليات قطف وجني محصول القطن في مناطق عديدة من البلاد، لعل أهمها محافظة دير الزور، والتي كانت تُعد من أبرز منتجي هذا المحصول الاستراتيجي، إلا أن زراعته شهدت تراجعًا ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية.

يقول المهندس الزراعي “حسن العلاوي” من ريف ديرالزور الشرقي لـ(الحل نت) إن:  «أهم المشكلات التي تسببت بتراجع إنتاج المحصول هذا العام هو ارتفاع أسعار المواد الأولية للعملية الإنتاجية، إضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات وعدم توفرها معظم الأوقات، إلى جانب عدم قدرة الفلاح أيضاً على تمويل عملية زراعة المحصول على نفقته الخاصة».

وأضاف “العلاوي”، أن «نسبة كبيرة من المزراعين في ريفي المحافظة الشرقي والغربي، واجهوا معضلة كبيرة هذا العام، وهي عدم توفر البذار المطلوبة في الأسواق مثل “بذار حلب”، حيث أن البذار الموجودة غير مضمونة وغير معروفة، ما أجبر عدد كبير من المزراعين إلى إعادة بذر أرضهم مرة أخرى بعد فشل عملية الزراعة الأولى، ليتكبدوا على إثرها خسائر كبيرة».

كما أن موجات الحر الشديد التي ضربت المنطقة خلال فترة إزهار نباتات القطن، تسببت بسقوط نسبة كبيرة من تلك الزهور، وبالتالي تراجعت كمية أجراس القطن في الشجرة الواحدة، وهذا يُعد من الأسباب الرئيسية في تراجع المحصول هذا العام أيضاً،  وفقاً لحديث “العلاوي”.

من جانبه، يقول المزراع “خليف العبدلله” من سكان بلدة “الطوب” إن:«خسائر الفلاحين بمحصول القطن فادحة هذا العام، إذ كان متوسط الإنتاج في العام الماضي مابين  400 إلى 500  كيلو غرامًا للدونم الواحد، لكن الإنتاجية هذا العام حتى أقل من النصف».

وأشار “العبدلله” لـ(الحل نت)، إلى أن «عدد كبير من فلاحي المنطقة، خفضوا نسبة المساحة المزوعة بالقطن من أراضيهم، بعد تحذيرات من موسم جفاف وقلة مياه الري لانخفاض منسوب نهر الفرات».

وقد بلغت المساحات المقطوفة من محصول القطن في محافظة دير الزور هذا العام،  600 هكتار من مجمل المساحات المزروعة البالغة 4216 هكتاراً، وفق وكالة (سانا) السوريّة الرسميّة.

مناطق الإدارة الذاتية

ولا تخلو مناطق شمال شرق الفرات من بعض الصعوبات التي تواجه المزارعين، حيث تقدم لجنة “الزراعة والري” التابعة للمجلس المدني في دير الزور، نصائح وإرشادات للمزارعين بهدف حماية محاصيلهم من التلف أو تعرضهم للخسارة، إلى جانب مراقبة الآفات الزراعية التي قد تصيب المحاصيل أو الظروف الجوية وتأثيراتها على الموسم.

وقال عضو في اللجنة، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ(الحل نت): «قمنا بإطلاق عدة تحذيرات هذا العام حول زراعة المحاصيل الصيفية التي تتطلب كميات كبيرة من الري، مثل القطن والذرة، لكن المزارعون غالباً مايتجاهلون تلك التحذيرات»..

وفي الـ23 من آب/ أغسطس الماضي، حدّدت الإدارة الذاتيّة لشمال شرقي سوريا،  تسعيرة شراء القطن من المزارعين داخل مناطق سيطرتها بـ1950 ليرة سوريّة للكيلو غرام الواحد، لتعود بعد أيام وتعلن تحديد تسعيرة جديدة بـ2500 ليرة.

ما أثار استياء  المزارعين في المنطقة، بسبب تدني التسعيرة، مقارنةً بالتكاليف الباهظة التي وضعها المزارعون.

وكان محصول القطن من أهم  المحاصيل الاستراتيجية التي يعتمد عليها الاقتصاد السوري، نظراً لحجم المساحات المزروعة التي بلغت قبل العام 2011 نحو 250 ألف هكتار في محافظات الحسكة وحلب والرقة ودير الزور وحماة.

في حين، كان يشكّل ما بين 20 – 30 في المئة من مجمل الصادرات الزراعية، كما أن المحصول الزراعي كان الأول والصناعي الثاني من حيث المساهمة في تأمين القطع الأجنبي بعد النفط.

واحتلت سوريا في العام 2010 المرتبة الثانية عالمياً بعد الهند في إنتاج ألياف القطن العضوي، إذ بلغ إنتاجها بحسب تقرير “المنتدى العربي للبيئة والتنمية”، نحو 20 ألف طن، كما احتلت المرتبة الثانية عالمياً بعد أستراليا من حيث مردود وحدة المساحة، بمعدل أربعة أطنان للهكتار منذ عام 2001.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.