استشارية نفسية: «السوشال ميديا تزيد أعداد الأشخاص المصابين بالاكتئاب»

استشارية نفسية: «السوشال ميديا تزيد أعداد الأشخاص المصابين بالاكتئاب»

تقدر منظمة الصحة العالمية أنَّ أكثر من 300 مليون شخص يعانون من الاكتئاب، بزيادة تجاوزت نسبتها 18% عن الفترة الواقعة بين عامي 2005 و 2015، وتشير الدراسات إلى أنَّ المرأة أكثر عرضة للاكتئاب مرتين عن الرجل.

للحديث عن الاكتئاب عند النساء أجرى (الحل نت) لقاء مع الاستشارية النفسية “إسراء قطاش”.

تفشي الاكتئاب

سألنا الاستشارية النفسية عن الاكتئاب، هل هو منتشر اليوم أكثر من قبل، أم أن ازدياد الاهتمام بالصحة النفسية اليوم هو ماكشف عن تفشي الاكتئاب؟

أجابت “قطاش”: «نعم مع الأسف الاكتئاب هو مرض العصر، ولا يكاد يوجد شخص لم يعاني منه، سابقاً كان الاكتئاب محصوراً بفئات وأعمار معينة، أما اليوم فهو منتشر بشكل أوسع، وأيضاً بين فئات عمرية متعددة، سواء بين الذكور أو الإناث، حتى حالات الانتحار بين صفوف المراهقين والمراهقات باتت اليوم أكثر انتشاراً».

ورجّحت “قطاش” السبب لـ «كمية الرسائل والأحداث السلبية التي صار وصولها إلينا أسرع عبر السوشال ميديا، فمجرد أن نفتح الموبايل باتت تصلنا رسائل تحتوي على أخبار الظلم والقتل والمرض والانتحار والمشاجرات، حتى أصبحنا نرى أشخاصاً مهووسين بأشياء خارجة عن الطبيعة أو المألوف كتعذيب الحيوانات أو تعذيب أنفسهم من أجل تحقيق مزيد من المشاهدات، وهذا يجعلنا مجبورين على التعامل مع جرعة سلبية مضاعفة».

وأضافت بقولها: «نحن كسوريين نعاني من أسباب إضافية للاكتئاب كظروف الحرب واللجوء والاعتقال والخسارات المادية أو خسارة شخص مقرب، وكذلك بالنسبة للاجئين فإن اختلاف الثقافة بين بلد المنشأ والبلد المضيف وبناء حياة في بلد غريب بلغته وعادته وتقاليده، وصفة اللاجئ المرافقة لنا منذ أكثر من ١٠ سنوات كلها تجعلنا تحت ضغط نفسي إضافي».

النساء أكثر عرضة للاكتئاب أكثر من الرجال

أكدت الاستشارية النفسية، أن نسب الاكتئاب بين النساء مضاعفة عن نسب الرجل، مبينةً أن هناك عدة أسباب مختلفة لذلك، منها «المتغيرات الجسدية والهرمونية وانقطاع الطمث، والاكتئاب الأكثر شيوعاً لدى النساء هو اكتئاب مابعد الولادة، واليوم تقام جلسات حوارية قبل وبعد الولادة لتفادي هذا النوع من الاكتئاب أو للتخفيف منه، حرصاً على صحة المرأة الجسدية والنفسية لأنهما متصلتان ببعضهما».

المرأة الشرقية أكثر عرضة للاكتئاب من المرأة الغربية

ترى “قطاش” أن المرأة العربية أشد اكتئاباً وبؤساً من المرأة في المجتمعات المتحررة، لأنها محكومة بقيود وعادات تعيق حريتها، في حين تتمتع المرأة الغربية بحريتها وحياتها.

وتكمل بقولها: «في مجتمعنا لا تستطيع المرأة زيارة أهلها دون أن تستأذن الزوج، وإن أذن لها كان يوم سعادتها وإن لم يأذن فعليها ألا تعتب ولاتحتج لأن هذا النموذج المتداول في مجتمعها! فكيف من الممكن لشخص بالغ يعيش بهذه القيود أن يكون متوازناً وسعيداً؟، بالاضافة إلى أن أكثر الأمراض الجسدية لدى المرأة أساسها نفسي ناتج عن الضغوط والتوتر والقلق والاكتئاب».

التمييز بين التقلبات المزاجية والاكتئاب؟

«العادة الشهرية محددة بمدة أسبوع، يتقلب خلالها مزاج المرأة وتصبح أكثر حساسية، وغالباً يكون من أعراض الطمث كثرة البكاء أو العصبية والتوتر، وبعد فترة الطمث تعود المرأة إلى طبيعتها، أما الاكتئاب فمدته طويلة وغير مقيد أو مشروط بشيء محدد، ومن أعراضه، ردود الفعل المبالغ بها، عدم التركيز، الشرود، الرغبة بالعزلة وبعدم المشاركة في الحياة العامة، بالاضافة إلى الشعور بالخمول و فقدان الشهية وإهمال الذات واختلال ساعات النوم»، بحسب “قطاش”.

متى يجب على المرأة زيارة الطبيب أو المختص؟

تجيب الاستشارية “قطاش”، بأنه يجب على النساء زيارة الطبيب عندما تبدأ لديها أفكار سوداوية تتمحور حول إنهاء حياتها أو إيذاء نفسها، كالتفكير في أن تجرح نفسها بأداة حادة أو عندما تروادها خيالات وهي تشنق أو تقتل نفسها، أو كأن تكون واقفة مصادفة أمام جسر وياتيها شعور في الرغبة بإلقاء نفسها، أوعلى سبيل المثال عندما تكون في طريقها إلى العمل وخلال انتظارها للإشارة الضوئية تأتيها أفكار تسلطية بإلقاء نفسها أمام السيارات، هنا يجب على السيدة طلب المساعدة قبل أن تصبح هذه الافكار سلوكاً، أيضاً عندما يصبح سلوكها العام حزيناً وتصبح غير قادرة على الاستمتاع بيومها».

علاقة حبوب منع الحمل بالاكتئاب

تشير “قطاش” إلى أن الدراسات متضاربة بهذا الخصوص، لكن «نحن دوماً خلال جلسات التوعية والتثقيف الصحي وبالأخص خلال ندوات الكشف المبكر عن سرطان الثدي، ننصح بألا تؤخذ حبوب منع الحمل بشكل مستمر دون انقطاع، وننصح بأن تتم  استشارة الطبيب النسائي كل سنة أو سنتين بعد المداومة على حبوب منع الحمل، لأنها على المدى البعيد قد تتسبب بأضرار نفسية وربما جسدية».

نصائح مهمة للنساء

تنصح الاستشارية النفسية “إسراء قطاش” كل امرأة بأن تسمح لنفسها بالتعبير عن مشاعرها من خلال البكاء والضحك والصراخ إذا لزم الأمر، والتركيز على أولوياتها وترتيبها دوماً، وأن تعتبر الأمور الفاشلة  تجربة وجزء من حياتها.

كما تطلب من المرأة أن تفعل الأشياء التي تعطيها شعور بالسيطرة وبأنها ممسكة بزمام أمورها الحياتية، وأن لاتهرب من أي حقيقة، فمثلاً بعد تعرضها لفقدان شخص عزيز لايجب أن تهرب وتنكر هذا الأمر، بل عليها مواجهته وتقبل هذا الواقع».

وتضيف «أنصح كل سيدة بأن تشارك المجتمع بنشاطاته، وبتعلم أشياء جديدة، وبممارسة الرياضة، وكل مايجعلها تبدو بصوره جيدة من مأكل ومشرب، وأهم نقطة أنصح بها هي ضرورة أن تشعر المرأة بالامتنان لنفسها وبالتعبير عن مشاعرها أمام الآخرين بدون خوف أو تردد فهذا قد يقيها من الاكتئاب، لأن أغلب السيدات اللواتي يعانين من الاكتئاب لسن جيدات في التعبير عن أنفسهن ومشاكلهن، وأخيراً أنصح السيدات بضرورة وجود شخص يثقن به يكن قادرات على البوح أمامه بمشاعرهن، ومع الأسف هذا الأمر يصعب وجوده في المجتمعات الشرقية التي يصدر أفرداها أحكاماً على بعضهم البعض، ما يجعلنا نخفي مشاعرنا خوفاً من تهمة العار والعيب».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.