تعوّد السوريون خلال السهر ليلاً على تناول البوشار، وفي بعض الأحيان يقدم كضيافة؛ ولكن هذا الأمر لم يدم طويلاً لا سيما في السنة الحالية بسبب الظروف الاقتصادية.

في التاسعِ عشر من يناير كل عام، يحتفلُ عُشاق البوشار والسينما معًا بيومِ البوشار العالميّ

رحلة البوشار التي بدأت من أميركا اللاتنينة وانتهت على أبواب صالات السينما، كانت أشبه بمشروع اكتشاف لقارة جديدة.

البوشار فقط للملوك

الفشار، الشاميّة، البوشار، الماييس، الشوش أو القطانيا، كلها أسماء للشيء ذاته؛ ذُرةٌ مُفرقعة بفعل الحرارة، سريعة التحضير، رخيصة الثمن، وبالأكثر مناسبة لكلّ الأوقات.

تقول الروايات، إنّ البوشار ظهر لأول مرة فوق رمال الشاطئ الغربي لدولة بيرو وشقّت طريقها إلى العالم.

وشكّل البوئار من بعدِها الغذاء الرئيسيّ للهنود الحمر وكانوا يقومون بخلطه مع الأعشاب والتوابل حيث كانوا يستوطنون هذه المنطقة حينها. 

فكانوا هم أول من ابتكر فكرة تحضير البوشار من حبات الذرة الذهبية عن طريق وضعها على حجر ساخن ويقدموه من بعد ذلك في أوان فُخارية.

وقد تعرفّ الأوروبيون على تلك الحبّة البيضاء عندما قدمها لهم الهنود الحُمر ترحيبًا بهم عندما حطّت ترحالات المُستكشف كولومبوس فوقَ الأراضي الأميركية.

وكان ذلك في أوائل القرن السادس عشر وتحديدًا عام 1519. 

وأصبح البوشار منذ ذلك الحين أحد وسائل التسلية عند سُكان أوروبا المُهاجرين لأميركا.

ولكنه رغم ذلك فقد ظلّ محصورًا في نطاق ضيق مثل أي شيء جديد، حيث حصر في بادئ الأمر على كبار الملوك ومن ثمّ يصل لأيدي عامة الشعب.

قد يهمك: شمس الكويتية في بغداد: تأكل الكباب العراقي

 لماذا ارتبطَ الفشار في عقولنا جميعًا بصالات السينما والأفلام؟

القصةُ كلها بدأت عندما كان الباعة الجوالون يواجهون صعوبة السيرِ بعربات محملّة بالبوشار مثلما كانوا يفعلون مع الحلوى؛ لأن البوشار يجب أن يُؤكل ساخنًا.

 وهنا، قرر “تشارلز كريترز” الولوج في الحكاية وإضافة بعض التغيرات على فصولها.

ففي عام 1885 قرر “كريترز” أن يأتي بمحرك بخار وقام بتصميمٍ مبدأيّ لآلة معدنيّة صغيرة مستلهما الفكرة بالكامل من آلة تحميصِ الفستق. 

وفي نفسِ العام، حصل “كريترز” على براءة اختراع لأول مكنةٍ لصنع البوشار في التاريخ. 

وبعدها بعدّة سنوات، صمم “كريترز” عربة ملونة وقام بوضع آلته الجديدة فيها وشدّ رحاله نحوَ مهرجان من أشهر المهرجانات التي أقيمت حينها في أمريكا؛ مهرجان “شيكاغو” الكولومبي.

وحينَها وجد “تشارلز” ما لم يكُن أبدًا ضمنَ توقعاته، فقد تشكل طابور طويل أمام عربتِه المتواضعة، وجميعُهم بالطبع يُريدون تجرِبة البوشار الطازج الجديد. 

وبعد الحرب العالمية الثانية وانتشار أفلام  تشارلي تشابلن الصامتة، بدأ الباعة الجوالون ببيع البوشار أمام دور العرضِ وخارج صالات السينما المختلفة، وعلى الرغم من أنّ صالات السينما.

وإلى يومِنا هذا، تُعدّ شركة Cretors من أشهر الشركات التي تحتكر مجالَ تصنيع البوشار.

ومنذ ذلك الحين اقترنت سيرة البوشار بالسينما والأفلام.

اقرأ أيضاً: أليك بالدوين يقتل مصورة فيلمه الجديد بالخطأ

البوشار لا بصالات دمشق ولا بيوتها

في الوقت الحالي، ذهبت مقولة كانت دمشق تعج بصالات السينما، إذ تعاني الصالات من إهمال لصيانتها وأوضاع مزرية لأثاثها، بعد انخفاض عدد روادها، لا سيما مع الأزمة الاقتصادية في البلاد وتدني مستوى المواد المعروضة.

عرفت سورية أول عرض سينمائي في مدينة حلب، حيث عرض بعض الأجانب صوراً متحركة في العام 1908.

أما في دمشق فقد كان أول عرض في العام 1912 على يد “حبيب الشماس”، في مقهى يقع قرب ساحة المرجة. 

وفيما يخصّ صالات العرض، فقد أنشئت في العام 1916 أول صالة عرض باسم “جناق القلعة” في شارع الصالحية، والتي افتتحها “جمال باشا السفاح”، لكنها توقفت عن العمل بسبب احتراقها بعد شهر من افتتاحها فلم يبق منها سوى الجدران.

صالات السينما اليوم تعاني من أوضاع اقتصادية مترديّة، ولا يتجاوز عدد زوارها في اليوم الواحد الـ 25 شخصاً بأحسن الأحوال.

وهو  الأمر الذي جعل دخل الصالة المالي لا يتجاوز حدّ دفع الرواتب الشهرية للعاملين فيها، فما بالكم بالبوشار.

وتشير الأرقام إلى وجود في دمشق 11 صالة للعرض السينمائي 9 منها غير صالحة للاستخدام نتيجة لسوء أوضاعها التقنية والخدمية والأخلاقية.

أمّا بالنسبة للبيوت في دمشق، فالبوشار مادة تعدّ غالية، لا سيما وأنّها تتطلب مادة الزيت.

فقد شهدت أسعار الزيت ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق وتراوح سعر ليتر الزيت الآن بين 10 و11 ألف ليرة ويختلف بين محل وآخر.

اقرأ المزيد: انطلاق فعاليات مهرجان بابل الدولي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة