تشهد مناطق شمال غربي سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، ارتفاعا كبيرا بأسعار المواد الغذائية والخضار، مقارنة بالأشهر الماضية، الأمر الذي أثار حالة من التخبط بين التجار والمواطنين، وذلك بسبب هبوط قيمة الليرة التركية (العملة المتداولة في المنطقة) أمام الدولار الأميركي مؤخرا.

ارتباك بعملية البيع والشراء في أسواق مدينة إدلب

يقول “محمد الأحمد”، أحد سكان مدينة إدلب لـ(الحل نت)، إن «حالة عدم الاستقرار بصرف الليرة التركية أحدثت ارتباكا كبيرا في أسواق المحافظة ، وخاصة تلك السلع التي تعتمد بعملية استيرادها على الدولار الأميركي كمادة السكر والشاي والأرز».

وأضاف “الأحمد”، أن أسعار المواد الغذائية «ارتفعت في المحافظة خلال الأسبوع الماضي بنسبة نحو 15% عن كل مادة»، الأمر الذي جعلهم يواجهون صعوبة في تأمين مستلزماتهم اليومية في ظل الدخل المحدود.

قد يهمك: اللجنة الدستورية بمواجهة فقر السوريين.. معاناة مستمرة تتسبب بارتفاع الأسعار!

وعن حركة البيع والشراء داخل الأسواق العامة، قال “يوسف الشيخ”، وهو أحد بائعي المواد العذائية لـ(الحل نت)، إن الأسواق «تشهد أكبر جائحة خمول وركود منذ بداية تداول الليرة التركية في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية»، مشيرا إلى أن التجار «يعتمدون في عملية بيعها على الدولار الأميركي ليتم حسب قيمتها على الليرة التركية».

وبلغت أسعار كيلو الشاي 80 ليرة تركية (قرابة 8 دولار أميركي) بعد أن كانت 65 ليرة (قرابة 6.5 دولار) وكيلو الأرز النوع الوسط 6.5 ليرة (0.66 دولار) بعد أن كان 4.5 ليرة (0.45 دولار)، وكيلو السكر 7 ليرة(0.7 دولار) بعد أن كان 5 ليرات (0.5 دولار)، وفق المصدر ذاته.

أسباب الانهيار الاقتصادي والمعيشي

قال “حيان حبابة”، أحد الخبراء الاقتصاديين في محافظة إدلب، إنه «بلا شك، أن اقتصاد المحافظة في مرحلة انهيار، وغير واضح متى تبدأ مرحلة التعافي بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في مجمل الشمال السوري».

وأضاف “حبابة” لـ(الحل نت)، أنه «يوجد نمو اقتصادي في بعض المناطق المستقرة نسبيا، لكن هذا النمو إذا ما قورن ببقية المناطق سيؤثر سلبا على النمو الاقتصادي العام».

اقرأ أيضا: كيف أثر رفع سعر المازوت.. على إشعال نار الأسعار في الأسواق السورية

مرجحا سبب انهيار الاقتصاد الكلي للمنطقة، هو بالدرجة الأولى «فقدان مساحات واسعة من الأراضي الزراعية لصالح الحكومة السورية مؤخرا، والتي كانت مصدرا مهما وأساسيا للموارد الاقتصادية».

واكتفى “حبابة” بوصفه لليرة التركية، أن «الأمر متعلق  بكيفية التعامل مع الليرة من المدنيين، وأن الليرة هي أحد أسباب انهيار الاقتصاد المنزلي وليس اقتصاد المنطقة ككل».

أسباب دخل المواطن المحدود

يعاني دخل المواطن في مناطق شمال غربي سوريا من شح كبير، وفي كثير من الأحيان يعاني من تصفير الدخل، حسب وصف الخبير الاقتصادي “حيان حبابة”.

على صلة: بدون رقابة.. الميليشيات الإيرانية تتسبب بفقدان البيض في دير الزور

وأرجع “حبابة” السبب إلى الكثافة السكانية في الشمال، تزامنا مع قلة أو ندرة فرص العمل في هذه المنطقة، ما أدى إلى زيادة عرض اليد العاملة.

وبالتالي وحسب قانون العرض والطلب الاقتصادي، سيزداد مع ذلك انخفاض بسعر السلعة المعروضة، وبالتالي انخفاض أجور اليد العاملة، فضلا عن عدم وجود نقابة خاصة بهم أو تجمع يعمل على حماية حقوقهم من استغلال أرباب العمل الذين يهدفون إلى الربح بغض النظر عن المعايير الإنسانية في أجور العمال.

وتابع “حبابة”، «بات هناك ضعف كبير في المحاصيل الزراعية والتي تعتبر دخل أساسي لهم، كما فقد الكثير منهم أراضيهم بسبب الأوضاع الأمنية».

وكذلك، إغلاق الكثير من المشاريع الاستثمارية التي كانت مصدرا مهما من مصادر فرص العمل، بسبب التكاليف الباهظة لتلك المشاريع وغلاء المواد الأولية أو فقدانها بشكل نهائي، ما زاد من معاناة السكان، وفق “حبابة”.

وفي منتصف حزيران/ يونيو 2020، بدأت الجهات الرسمية في إدلب وشمالي حلب تتجه نحو إلزام المواطنين التعامل بالليرة التركية، بعد أن وصل سعر صرف الليرة السورية لنحو 4 آلاف ليرة للدولار الأميركي الواحد.

فأصبحت بذلك معظم السلع والخدمات تقيّم على أساس الليرة التركية، إضافة إلى دفع رواتب الموظفين والعاملين في الشمال بالعملة التركية.

حينها، سارع السكان بتبديل مدخراتهم وما يملكون من الليرة السورية إلى الليرة التركية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.