يبدو أنّ روسيا فشلت في خطتها الإصلاحية داخل الجيش السوري، إذ إنّ التعامل مع تحدي ضعف السيادة وتحدي التأثير الإيراني من خلال الالتزام بتطوير التعليم السوري العسكري، لم يرنو إلى نتيجة بسبب الأزمة الاقتصادية وتفشي الفساد داخل مؤسسات الدولة.
كشفت مصادر إعلامية محلية، عن قيام ضباط من المفارز الأمنية في مطار دمشق الدولي، باستغلال رحلات الطيران العسكري، لشحن بضائع أو تهريب البشر لحسابهم الشخصي.
من الجنوب إلى أقصى الشرق
وخلال الفترة الماضية، أصدر بعض الضباط المتنفذين في مطار دمشق الدولي، أوامر بنقل بضائع للتجار المحليين غير مدرجة على قوائم الشحن الخاصة بطائرات “اليوشن” العسكرية.
ووعادة ما تحمل هذه الطائرات، طعام وذخائر وعتاد عسكري، إضافة لعدد من عناصر الجيش السوري في كل رحلة.
إلا أنّ الرحلات التي توجهت من العاصمة السورية إلى مدينة القامشلي في شمال شرقي البلاد، نقلت بضائع للتجار في الأماكن المخصصة للعناصر، مقابل مبالغ مالية دفعها التجار للضباط.
واللافت في الأمر، أنّ النقل لم يتوقف على نقل البضائع، إنّما ذهب باتجاه المدنيين، حيث تقضى الضباط نحو 50 ألف ليرة سورية عن الشخص، بالرغم من جلوسهم فوق البضائع.
ويرجع سبب استخدام المدنيين لطائرات “إليوشن” العسكرية، نظراً لعجرهم عن دفع تذكر السفر عبر خطوط “السورية للطيران”.
لا يمكن محاربة الفساد
يرى المحامي في القضايا الجنائية، سنان دلة، أنّ الجيش السوري يعد أساسيًا لبقاء الحكومة، ولا شك أنه قد تغير كثيرًا من خلال الملاءمة والتغيير بعد الأزمة الأزمة الاقتصادية وقلة الرواتب، فضلاً عن استغلال أمراء الحرب لموارد الجيش وتطويعها من أجل مصالهم الشخصية.
وأشار دلة، خلال حديثه لـ(الحل نت)، إلى أنّ محاربة الفساد داخل منظومة الجيش مهمة مستحيلة، خصوصاً وأن الحرب على وشك الانتهاء وأن المؤيدين الرئيسيين لدمشق، أي روسيا وإيران، بحاجة إلى الجيش السوري لإبقاء السلطة على قيد الحياة.
وأوضح المحامي السوري، أنّ تقاطع المصالحة الإيرانية الروسية في البلاد تؤثر على المنظومة العسكرية السورية، فكلاهما لهما نهجان مختلفتان للإصلاح العسكري تجعل هذه المسألة معقدة.
اقرا أيضا: وزارة النقل تنفي الفساد في مطار دمشق الدولي.. وتتهم المسافرين بـ«التشهير»
ضباط الجيش أغنياء الحرب وأباطرة الفساد في سوريا
نشرت صفحة فيسبوك السورية، في أغسطس/آب 2020، على نطاق واسع نبأ اعتقال المقدم “رئيسي عيسى” تحت ذريعة واحدة بسبب منشوره على صفحته الشخصية، انتقد فيها جوانب الفساد في الجيش النظامي.
وكان الضابط السوري قد نشر عبر صفحته منشورًا بعنوان “طفح الكيل”، بتاريخ 2 آب الحالي، وعبّر من خلال منشوره عن سوء الوضع المعيشي للعسكريين في القطعة العسكرية التي يعمل بها.
وأرفق منشوره بصورة لوجبة طعام يبدو بحالة سيئة للغاية، وجه عيسى سؤالًا لكل مسؤول وقال «هل تقبل لابنك أن يأكل هذا؟».
عملت روسيا على تعيين العميد “آصف الدكر”، في العام 2018 رئيسا لـ”الفرع 293” المسؤول عن مراقبة تحركات ضباط الجيش والأمن ورئيس لجنة مكافحة الفساد.
وقد كان تعيين الدكر في موقع رئيس لجنة مكافحة الفساد، رسالة قوية وحازمة من روسيا إلى مليشيات إيران وجناح الفساد في الجيش والأمن السوري.
ولذلك، اتجهت إيران إلى الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد وهي القوة الضاربة في الجيش السوري من أجل مناهضة المشروع الروسي، وتم استثناء هذه الفرقة من عمليات الهيكلة الروسية.
ويعود تاريخ الفساد داخل المنظومة العسكرية السورية إلى عام 1963، ففي ذلك الوقت فتح «حزب البعث العربي الاشتراكي» الباب أمام الجميع للارتقاء في الرتب والربح المالي مقابل الولاء الأعمى.
وتعاظم هذا الفساد خلال الحرب السورية، عبر استغلال ضباط الجيش لتمرير صفقاتهم، وتعفيش منازل المهجرين، فضلاً عن تقاضي الأموال من أهالي المعتقلين مقابل الإفراج عنهم.
قد يهمك: بتهمة الفساد.. طرد “٢١” مسؤولاً من العاملين في الجمارك الحدودية مع لبنان والأردن
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.