تسعى روسيا مؤخراً إلى استغلال أي تحرك من المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة، من أجل تخفيف أثر العقوبات التي تقيد من مطامع موسكو في تفعيل مرحلة إعادة الإعمار بسوريا دون تحقيق انتقال سياسي حقيقي، وبما يضمن تنفيذ الرؤية الروسية في سوريا.

بحيث يكون ذلك من أجل إنعاش النظام الحاكم في سوريا المتهالك اقتصادياً، وبشكل رئيسي عبر بوابتي إعادة الإعمار وإقناع الجانب الأميركي بالانفتاح على دعم مشاريع التعافي المبكر في سوريا، لاسيما في مناطق سيطرة الحكومة السورية.

تسهيلات أميركية؟

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في ساعة متأخرة من مساء يوم أمس الأربعاء، تعديل الولايات المتحدة للقواعد المتعلقة بالعقوبات على سوريا «لتوسيع نطاق تفويض قائم يخص بعض أنشطة المنظمات غير الحكومية في سوريا»، على أن يدخل هذا التعديل قيد التنفيذ ابتداء من 26 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي.

وتهدف هذه التعديلات إلى توسيع التصاريح الممنوحة للمنظمات غير الحكومية، ما يساعدها في تجنب العقوبات خلال المشاركة في معاملات وأنشطة معينة متعلقة بسوريا.

وبحسب الخزانة الأميركية فإن القوانين المعدلة «تسمح منظمات غير الحكومية بالمشاركة في المعاملات والأنشطة الإضافية التالية: استثمار جديد في سوريا، شراء المنتجات البترولية المكررة ذات المنشأ السوري لاستخدامها في سوريا، وبعض المعاملات مع عناصر من النظام السوري».

روسيا تستغل تخفيف العقوبات لصالح الحكومة السورية؟

يذهب بعض المحللين للقول إن روسيا لن توفر التسهيلات الأميركية لبعض المنظمات، من أجل تحقيق مزيد من الدعم للحكومة السورية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، والسعي لتفرد موسكو بالنفوذ الاستراتيجي هناك.

ويؤكد الكاتب بالشأن الروسي طه عبد الواحد، أن روسيا ستستغل أي تسهيلات دولية لا سيما تلك التي تقرها الولايات المتحدة لجهات أو منظمات تعمل في سوريا من أجل تسويق النظام في سوريا دولياً.

ويعتقد خلال حديثه لـ“الحل نت” أن التسهيلات الأميركية قد تكون «جاءت نتيجة التفاهمات التي حصلت عندما وافقت روسيا على عدم استخدام الفيتو في وجه تجديد تفويض الأمم المتحدة بإدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي إلى مناطق الشمال السوري».

ويؤكد أن الروس أضافوا حينها بنود إلى الاتفاق تتعلق بإعادة الإعمار والإنعاش المبكر، وهو ما وافقت عليه الولايات المتحدة الأميركية.

ويقول عبد الواحد: «بالطبع روسيا ستستغل التسهيلات الأميركية، إضافة إلى أن دخول أي مساعدات، النظام يعرف كيف يستثمرها وكيف يستغلها وكيف يسيطر عليها، وربما هذه المساعدات لن تتوقف على الموضوع الإنساني، كالمواد الغذائية والطبية وغيرها، بل قد تصل إلى إعادة الترميم وبناء بنى تحتية».

ومنذ إقرار العقوبات الأميركية تحاول روسيا الالتفاف على تلك العقوبات عبر مشاريع التعافي المبكر، وتركيزه على المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات السوري، في حين تتجه السياسة الأميركية إلى تطبيق ذات السياسة إنما على كافة المناطق السورية.

ما هو التعافي المبكر؟

ويشير مصطلح “التعافي المبكر” إلى السياسة المتبعة في معالجة احتياجات المجتمعات عقب المرور بأزمات إنسانية، بما يشمل استخدام الآليات المتاحة التي تتماشى مع مبادئ التنمية والعمل الإنساني من أجل توفير قدرات حيوية تضمن بداية عدم الانهيار الكلي نتيجة الأزمة ومن ثم الانتقال من الاعتماد على الإغاثة الإنسانية إلى التنمية، بناء على مجموعة من برامج الدعم المحددة، وذلك تمهيداً للعودة السريعة لمرحلة التنمية طويلة الأجل.

وربما هذا الشرح لا ينطبق بالضرورة على الحالة السورية، بسبب عدم انتهاء الحرب حتى الآن، وهو ما تستغله روسيا في محاولتها تغيير بوصلة أنشطة التعافي المبكر، من خلال طرح العديد من الأنشطة والمشاريع برعاية الحكومة السورية، بذريعة أنها تلبي حاجة ملايين السوريين، في محاولة منها لكسب موافقة المجتمع الدولي والضغط على الولايات المتحدة لتقديم مزيد من التسهيلات.

اقرأ أيضاً: بعد القرار الأمريكي الجديد.. المنظمات غير الحكومية هدف روسي لتوسيع النفوذ بسوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.