القوى السياسية السنية العراقية: ما دورها بتشكيل الحكومة المقبلة وسط ضغوط أنقرة وطهران؟

القوى السياسية السنية العراقية: ما دورها بتشكيل الحكومة المقبلة وسط ضغوط أنقرة وطهران؟

ظلت القوى السياسية السنية العراقية الحلقة الأضعف في المشهد العراقي بعد عام  2003. لأسبابٍ مختلفة. لعلَّ أبرزها اعتبار بقية المكونات العراقية أن السنة فقدوا حكم البلاد، بعد أن كانوا مسيطرين عليه لأكثر من ثمانين عاماً. منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة بزعامة الملك فيصل وحتى سقوط نظام صدام حسين.

ومنذ سقوط النظام السابق لم يكن للسُنة في العراق زعامة دينية أو سياسية. تلعب دور المرجعية لأحزابهم وفئاتهم المختلفة. فيما انتجت الانتخابات المتعاقبة مجموعة من النواب والممثلين عن القوى السياسية السنية العراقية. لكن سرعان ما ينتهي دورهم بانتهاء الدورة البرلمانية.

وبعد الانتخابات الأخيرة، التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. يبدو أن وضع القوى السياسية السنية العراقية شهد تحوّلاً مهماً. فالنتائج التي أفرزها الاقتراع تنذر بتغيير كبير بخارطة المشهد السياسي. خاصة في تشكيل الحكومة المقبلة وتوزيع الأدوار المهمة فيها.

ومن أهم بوادر خروج المكوّن السني من الدور الثانوي، الذي لعبه طوال السنوات الماضية، قيام مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، الفائز الأبرز بالانتخابات، بزيارة محمد الحلبوسي، زعيم تحالف “تقدم”، ورئيس البرلمان العراقي السابق، لإجراء مشاورات معه حول تشكيل الحكومة المقبلة. وهو أول شخصية سياسية يزورها الصدر بعد الانتخابات.  

ويرى المختصون والمراقبون للمشهد السياسي بأنّ القوى السياسية السنية العراقية ستكون من أهم اللاعبين السياسيين في الفترة المقبلة. لحاجة جميع الأطراف الشيعية إليها. في سعيها لتأسيس الكتلة البرلمانية الأكبر، التي ستتولى عملية تشكيل الحكومة المقبلة في البلاد.

زيارة “قاآني” وطلبات “أردوغان”

“إسماعيل قاآني”، قائد فيلق القدس الإيراني، زار العراق مؤخراً. والتقى على هامش الزيارة بزعامات القوى السياسية السنية العراقية. وأبرزها محمد الحلبوسي. وخميس خنجر، رئيس تحالف “عزم”.

مصدر خاص، مقرّب من القوى السنية، أكد لموقع «الحل نت» أن «”قاآني” طلب من القيادات والزعامات السُنية عدم الوقوف مع أي طرفٍ شيعي على حساب طرف آخر».

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أنّ «”قاآني” وعد بإنهاء سيطرة الفصائل المسلحة والميلشيات على المناطق المحررة، ذات الأغلبية السُنية. والعمل على إعادة جميع العوائل السنية النازحة لمناطقها. والحفاظ على مكتسبات السُنة في الحكومة والبرلمان العراقيين».

لكنّ مصادر أخرى كشفت لموقع «الحل نت» عن زيارة سرية قام بها كل من الحلبوسي والخنجر إلى العاصمة التركية أنقرة. بعد دعوة وجهت لهم من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتوضح المصادر أن «أردوغان رعى اتفاقاً يقضي باندماج تحالفي “عزم” و”تقدم” بكيان سياسي موحّد. يضمن للسنة تشكيل كتلة واحدة تحت قبة البرلمان. ويسمّي الشخصيات السنية المرشحة للمناصب الأهم».

مبينةً أنّ «أنقرة تريد أن يكون لها الدور الرئيسي في عملية تشكيل الحكومة العراقية المقبلة. باعتبارها ترى نفسها الراعي الرسمي لمصالح المكون السني والقوى السياسية السنية العراقية. مستغلةً حالة الصراع التي تعيشها الأحزاب الشيعية. والضعف الذي تمرّ به إيران».

وحصل تحالف “تقدم”، بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، على ثمانية وثلاثين مقعداً في البرلمان العراقي. وحلّ بالمرتبة الثانية في نتائج الانتخابات العراقية بعد التيار الصدري. فيما حصل تحالف “عزم”، بزعامة خميس الخنجر على أربعة عشر مقعداً. مع انضمام مجموعة من المستقلين للتحالف. ليقترب عدد مقاعده من عشرين مقعداً.

ومنذ إعلان نتائج الاقتراع، من قبل المفوضية العراقية العليا للانتخابات، أعلنت الأطراف الشيعية القريبة من إيران اعتراضها الشديد على النتائج. ونزلت بأنصارها إلى الشارع، لمطالبة المفوضية بإعادة احتساب الأصوات عن طريق العد والفرز اليدوي.

ضرورة وحدة صف القوى السياسية السنية

الكاتب والمحلل السياسي “زياد العرار” يقول إنه «حسب المعلومات المتوفرة فإن الحوارات بين الحلبوسي والخنجر مستمرة. ودخول القوى السياسية السنية العراقية إلى البرلمان والحكومة بتشكيل سياسي واحد سيمنحها أريحية كبيرة في عملية التفاوض لتشكيل الحكومة المقبلة».

وأضاف، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنَّ «وحدة الموقف ستمكّن القوى السياسية السنية من الحصول على المناصب والوزارات المهمة، التي تمثّل استحقاق المكوّن السني. ولكن تشتتهم يعني بقاء المشاكل نفسها. التي ظل يعاني منها السُنة طوال الأعوام الماضية».

كما توقع  “العرار” «انبثاق اتفاق حقيقي، برعاية خارجية، في القريب العاجل. بين تحالفي “تقدم” و”عزم”. لخوض المرحلة المقبلة من العملية السياسية في العراق. وذلك بعد تصديق المحكمة الاتحادية العراقية على نتائج الانتخابات».

وطوال السنوات الماضية بقي منصب رئاسة البرلمان من حصة المكون السُني. فيما حصل على ست وزارات. بينها وزارة سيادية، في آخر تشكيلة حكومية برئاسة مصطفى الكاظمي.

لكن القوى السياسية السنية العراقية تبدي اعتراضها على تمثيل المكون في الحكومة والمؤسسات المختلفة في البلاد. وتؤكد على الغبن والظلم الذي تعرّض له المكون السني. لعدم إعطائه تمثيلاً حكومياً وسيادياً يناسب ثقله السكاني والانتخابي.

«القوى السياسية السنية العراقية ستبقى على الحياد»

موقع «الحل نت» تواصل مع تحالف “تقدم” لمعرفة صحة الأنباء عن دور القوى السياسية السنية العراقية في تشكيل الحكومة المقبلة. والأحاديث عن نيتها بالتوحّد. فحصل على إجابة “يحيى المحمدي”، القيادي في التحالف، الذي أكد أن  «تحالفه، وعموم السُنة في العراق، لن يكونوا جزءاً من الصراع الحاصل داخل البيت الشيعي».

مشدداً على أن «السُنة سيقفون على الحياد. بانتظار إصلاح الأوضاع وإنهاء الصراع المحتدم بين الأطراف الشيعية. إلا أن لهم شروطهم للتحالف مع الجهة التي ستكلّف بتشكيل الحكومة المقبلة».

واستكمل حديثه بالقول: «السُنة لديهم مطالب تتعلق بحقوقهم، بوصفهم مكوناً عراقياً أساسياً. ومطالب أخرى تتضمن الحفاظ على مكاسبهم السياسية. وأن يتم التعامل معهم على أنهم شركاء حقيقيون في البلد».

مقالات قد تهمك: محاولة اغتيال الكاظمي: هل ينجح “قاآني” و”الصدر” باحتواء الأزمة بين الدولة والميلشيات؟

ونفى السياسي السني «وجود ضغوطات من دولٍ إقليمية على  كتلة “تقدم”. لدفعه لعقد تحالف مع جهة سياسية معينة». في إشارة للإنباء عن طلب أردوغان من التحالف تشكيل جبهة واحدة مع كتلة “عزم”. لكن “المحمدي” أكد في الوقت نفسه «وجود مفاوضات وحوارات مع جميع القوى السياسية السنية العراقية. الفائزة في الانتخابات. لتشكيل تحالف موحّد. يمثل المكوّن السني».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.