خلصت منظمة الشفافية الدولية، في تقرير مؤشر الفساد لعام 2020، إلى أنّ سوريا حلت في المرتبة (178) بتراجعها 12 درجة عن عام 2012، وهي في ذيل القائمة. بينما تشير الأخبار القادمة من داخل البلاد إلى أنّ جهود دمشق في فرض الحوكمة على مؤسساتها غائب تماما.

وكثير من الأسئلة التي تدور في بال المواطن السوري حول ملفات فساد عديدة في سوريا، لا سيما وأنّ نهج الحكومة في كل تصريحاتها هو محاربة الفساد. ولكن لماذا تقلّ حالات محاربته ومكافحته؟ ولماذا يُكتفى بالإقالة؟ وما علاقة السياسة بين عمليتَي المكافحة والإقالة؟

في سوريا.. المخالفة للمشتكي!

نقلت مصادر إعلامية محلية، عن مدير مخبز منطقة السلمية الآلي، تعليقه على مخالفته من قبل حماية المستهلك لوجود حشرات في الخبز المنتج، قوله: «أعلمنا التموين بوجود حشرة السونة في الدقيق المستورد.. فخالفنا».

حوادث مخالفة المشتكي ليست جديدة في سوريا، ولا سيما على مؤسسات الحكومة السورية. فبدلا من مخالفة المتسبب يقع المشتكي ضحية المؤسسات التي تطالب بفضح المفسدين.

هذه العملية، أجبرت العديد من المواطنين في سوريا على قبول الفساد. فبحسب مسؤول المخبز ذاته، فإنه استلم من مطحنة سلمية نحو 800 كيس من الدقيق المستورد وليس من إنتاجه. وهو من عدة أنواع، ولوحظ أثناء العمل وجود حشرة السونة في نحو 80 كيساً.

وأشار المسؤول، إلى أنّه أوقف العمل بالطحين، وأعلم شعبة التموين ومطحنة سلمية مباشرةً. وتابع، أنه المعنيون حضروا فيهما إلى المخبز بناءً على ذلك. مضيفاً أن حماية التموين، نظمت ضبطاً بحق مخبز سلمية الآلي لوجود حشرات في الخبز المنتج، وأحالت المخالف إلى القضاء.

للقراءة أو الاستماع: مواد منتهية الصلاحية تتسبب بإقالة مدراء صالات تجارية في دمشق

لا حوكمة فعلية من أجل مكافحة الفساد في سوريا

يقول المحامي، عبد الواحد المحاميد، لـ(الحل نت)، إن منظمة الشفافية الدولية صنفت سوريا في المرتبة الأولى شرق المتوسط والثّانية عربيّاً في انتشار الفساد. ولكن الإعلام السوري لم يمتلك الجرأة على مكاشفة المسؤولين أو تسليط الضوء على مناطق الفساد في الدولة.

ويشير المحاميد، إلى أن دمشق تعاطت بأسوأ الإجراءات مع محركات الفساد في سوريا. ما أدى لإخفاء الحقائق وزيادة الكذب الذي تسبب بضياع المعلومة.

كما تسبب نظام الحكومة السورية الذي لا يجمع المعلومات ومشاركتها بشكل شفاف مع الشارع السوري، بضعف الحوكمة من أجل محاربة الفساد.

للقراءة أو الاستماع: دمشق.. بيع الغاز المنزلي بالأوقية!

الفساد في سوريا .. حقائق وأرقام

خلال خطاب القسم للرئيس السوري، بشار الأسد، الذي ألقاه أمام أعضاء مجلس الشعب. قال: «الحديث عن التطوير الإداري، يقودنا إلى الحديث عن الفساد الذي يعتبر محط اهتمام الناس في بلدنا»، وبرأي المحاميد فإن الخطاب بقي مكتوباً على الورق ولم يترجم.

في عام 2010 أصدرت وزارة المالية للمرة الأولى إحصائية معتمدة قدرت فيها حجم الفساد المكتشف في 19 شهرا -سابقة لصدور الإحصائية– بخمسة مليارات ليرة سورية (134 مليون دولار).

وذكرت الإحصائية أن عدد قرارات الحجز المالي الاحتياطي التي أصدرتها الوزارة خلال نفس الفترة بلغت 2007 حالات.

وفي بداية عام 2020، أوضح رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية، أن قيمة المبالغ التي اختُلست تجاوزت 5.8 مليار ليرة، والمبالغ المستردة وصلت إلى 1.5 مليار ليرة.

ورغم الحملات التي تطلقها الحكومة السورية، والتي يراها المواطنون أنّها شكلية ولم يلتمس الشارع نتائجها. يعتقد المحامي المحاميد، أنّ ما جرى من حجز احتياطي لأموال الفاسدين بنظر السلطات السورية، لم تأتي إلا لرفد الخزينة العامة نتيجة انخفاض سعر الليرة السورية.

فيما بقي الفاسدون في دوائر الدولة ضمن صلاحياتهم، وتوجهت المؤسسات المعنية في سوريا بملاحقة الفساد؛ لتنفيذ الاعتقالات والتهم بحق المشتكين الذين باتوا ينظرون إلى أنّ وجود الفساد هو أمر مرغوب به من دمشق.

قد يهمك: على حساب خبز المواطن.. مواجهة بين وزارة التموين وأصحاب المطاحن بحلب

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة