لا تزال سوريا في حالة حرب مستمرة منذ تسع سنوات. تسببت الحرب في مقتل مئات الآلاف وتشريد نصف سكان البلاد. وبات الوضع في سوريا مريع للغاية لدرجة أنه أدى إلى ظهور تنظيم داعش، وأزمة دولية، وأزمة لاجئين. 

وخلال هذا الصراع انقسمت كفة الحل بين روسيا وأميركا اللتان لهما تاريخ طويل من الخلاف. لكن الآن، يبدو أنهم يقتربون من حل سلمي للصراع في سوريا. هناك أمل في أن يتفقوا أخيرًا على وقف متبادل لإطلاق النار وأن يعملوا معًا للتوصل إلى حلول أكثر ديمومة. ولكن هل يمكن لقطبا العالم التوصل إلى تسوية في سوريا؟

طريق الولايات المتحدة وروسيا في سوريا

من أجل تحقيق النجاح مشروع التسوية السورية، سيحتاج كلا روسيا وأميركا إلى التعاون مع بعضهما البعض أكثر من أي وقت مضى. سوف يحتاجون إلى مزيد من الدبلوماسية وليس العداء.

وفي رأي الباحث والسياسي، بسام القوتلي، فإنّ توصل البلدين لاتفاقات حول سوريا ستكون ضمن أمور معينة، ضمن رؤيتها لمحاصرة الصين التي تعد حاليا العدو الأول لها، وكون واشنطن غير مهتمة في المنطقة العربية حالياً. 

https://twitter.com/kasimf/status/1470716796093218817?s=20

ويشير القوتلي في حديثه لـ”الحل نت”، إلى أنّه سابقاً تحالفت أميركا مع الصين ضد الاتحاد السوفيتي، والآن هي مستعدة للتحالف مع موسكو ضد بكين. وسيكون ذلك بتقديم تنازلات لروسيا في سوريا.

ومن جهته، قال الباحث في مركز جسور للدراسات، وائل علوان، لـ”الحل نت”، إنه ومنذ 2016 كانت روسيا حريصة على أن يكون الملف السوري ملف تفاوضي مع الولايات المتحدة الأمريكية. مع النقاشات المستمرة حول ملفات أخرى ربما هي أكثر أهمية بالنسبة لروسيا منها جزيرة القرم وأوكرانيا. وهذا الأمر الآن يعود مجددا إلى الحديث الإقليمي والدولي. 

وإلى أي حد ممكن أن تستجيب روسيا للمفاوضات وللتنازلات في سوريا، أوضح علوان، أنّه إلى حد كبير جدا. لكن المجتمع الدولي وواشنطن هي الأطراف التي لا تقدم تنازلات في ملفات أخرى. ولذلك ترك المجال لروسيا منذ 2016 بأن تغرق في تفاصيل الملف السوري واستنزاف القضية السورية. ومنعت من الاستثمار السياسي بقانون العقوبات الاقتصادية الذي خنق النظام السوري وعطل الكثير من المصالح الروسية في سوريا.

وبيّن علوان، أنّ العلاقة ما بين أميركا وروسيا، هي أنّ الأولى التي لا تقدم التنازلات التي تريدها روسيا. وروسيا أرادت حلول سياسية في سوريا توافق مصالحها ولم تسمح واشنطن حتى الآن بتمرير ذلك. بالإضافة إلى أنّ روسيا أرادت أن تجلس على طاولة واحدة وتضع مختلف الملفات بما فيها الملف السوري، وأيضا الولايات المتحدة هي من ترفض ذلك.

اقرأ أيضا: صربيا تفتح بوابة أوروبا مع دمشق.. هل تنجح المساعي الروسية؟

 انعكاسات الاتفاق الأميركي – الروسي على إيران

وحول دور إيران إذا ما تم الاتفاق على تسوية سياسية في سوريا، قال القوتلي، لـ”الحل نت”، إنّ روسيا تنسق مع إسرائيل حول وجودها في سوريا، على عكس الإيرانيين الذين يسعون لتسليح أنفسهم، وما يعقد الوضع الإيراني في سوريا هو محاولتهم للحصول على السلاح النووي بأي ثمن.

وأيضا أشار علوان، إلى أنّ طبيعة المصالح الروسية في سوريا مختلفة عن طبيعة المصالح الإيرانية. فالمصالح الروسية استراتيجية طويلة الأمد. لكن معظم تفاصيل ومعظم الأمور المتعلقة بالقضية السورية هي بالنسبة لروسيا أمور تفاوضية. أمور تحول إلى سياسية توضع على طاولة المفاوضات. 

بينما المصالح الإيرانية والوجود الإيراني في سوريا غير قابل لأن تفاوض عليه. وبحسب علوان، فإيران لن تقدم تنازلات فيه وهو جزء من مشروعها في المنطقة وهو جزء من استراتيجية بقاء النظام على ما هو عليه وبقاء الفوضى في سوريا وفي لبنان حتى تحقيق استمرار وجودها واستمرار مصالحها في سوريا ولبنان. على حد تعبيره.

اقرأ المزيد: موقع سوريا من خطة وزير الدفاع الإسرائيلي لضرب إيران

طريق التسوية بنظر الممثل الأميركي الخاص إلى سوريا

وكان جيمس جيفري، الممثل الأمريكي الخاص إلى سوريا والمبعوث الخاص للتحالف الدولي، نشر أمس الثلاثاء، في  مجلة “فورين أفيرز” مقالا، تحدث فيه عن أن روسيا قد توافق على حل النزاع مع أميركا والتسوية ممكنة في سوريا.

رأى جيفري، أنّ ذلك ممكنا، لأن موسكو لا تمارس سلطة كاملة على الرئيس السوري، بشار الأسد. ويجب أن تتنافس على التأثير مع إيران، فهي تظل الشريك الأبرز في التحالف الروسي- الإيراني- السوري. مضيفاً أنّ روسيا ليست لديها طموحات واسعة في دمشق مثل إيران، ولهذا قد تكون طيعة لأي تفاوض.

وتحدث جيفري، عن أن إدارة بايدن متابعة نهج خطوة خطوة لخفض التوتر. وأنّه يجب أن يكون على رأس المفاوضات، عودة اللاجئين من الخارج وإعادة توطينهم بمراقبة دولية، بالإضافة لبنود تتعلق بإعادة دمج قوات المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية وضمانات للأمن على الحدود الجنوبية لتركيا. 

وحول إيران أكد مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون، على سحب دائم للأسلحة الإيرانية الاستراتيجية من الأراضي السورية، وتحديدا الصواريخ الدقيقة. 

وتوقع جيفري، أنّه قد تطلب روسيا تعاونا في مجال مكافحة الإرهاب ضد تنظيم “داعش”. وذلك لأن الأسد غير قادر على هزيمته، إلى جانب تخفيف العقوبات وعودة اللاجئين من تركيا والأردن ولبنان إلى بلداتهم ومدنهم.

إيجابيات وسلبيات اتفاق روسيا مع الولايات المتحدة

ويعتقد جيفري، أن روسيا قد تكون مرنة لأي صفقة أكثر مما تتوقع إدارة بايدن. ويعطي التاريخ مثالا عن قدرة الولايات المتحدة وشركائها اتخاذ قرارات قد تؤثر على حسابات روسيا في سوريا.

وإذا ما تم التوصل إلى اتفاق روسيا مع الولايات المتحدة لحل الصراع في سوريا. سيُنظر إلى هذا الحل على أنه فوز لكل من روسيا والولايات المتحدة. ويمكن لروسيا حينها التركيز على القضايا الملحة الأخرى في الداخل، والتي هي أكثر أهمية للشعب الروسي. كما ستتمكن الولايات المتحدة من سحب قواتها من سوريا دون خوف من أي تداعيات من روسيا.

ولكن هنالك تيار سوري يرى بأن مثل هكذا اتفاق لا يحل المشاكل الأساسية للحرب السورية. ويترك مجالًا كبيرًا للغموض أو سوء الفهم. فحقيقة أن روسيا لا تزال تدعم الأسد. وتجعل من الصعب أيضًا على بعض مواطنيه الذين هجروا خارجا وذوي القتلى من الحصول على حقوقهم ومحاكمة منتهكي جرائم الحرب الذين استعان بهم الأسد لتثبيت حكمه.

قد يهمك: هل تنجح روسيا بإقناع الاستخبارات العربية للتعاون معها في إدلب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة