لا يزال قطاع الزراعة صاحب تأثير كبير على الحركة الاقتصادية في شمال وشرقي سوريا رغم ما شهده من تراجع خلال سنوات الأزمة السورية، ومن الواضح أن أي انتعاش أو تراجع فيه لابد أن ينعكس على باقي القطاعات الاقتصادية لاحقاً.

للعام الثاني على التوالي شهدت المنطقة شحا في الأمطار وتأخراً في هطولها، الأمر الذي ترك أثره السلبي على تربية المواشي بداية ومن ثم على الحركة التجارية ومن ثم على باقي القطاعات، لكن التأثير الأبرز هذا العام شهده قطاع العقارات والبناء بعدما ظل لأعوام أكثرها انتعاشا وسجلت الأسعار فيه أرقاما وصفت بـ”الخيالية” حتى قبل أسابيع قليلة.

اقرأ أيضاً: إيجار العقار في سوريا “خارج المعقول” وقوانين “بلا فائدة”!

توقف البيع والشراء

وبحسب راشد أحمد، الذي يعمل نجار باطون منذ نحو عشرين عاما في القامشلي، فإن شح الأمطار وتأخر هطولها هذا العام أوقف حركة البيع والشراء في قطاع العقارات كما ساهم في تباطؤ حركة البناء وهي التي لم تتوقف منذ سنوات.

وأضاف أحمد أن غالبية المتعهدين في المنطقة لم يعد يغامرون في إطلاق مشاريع جديدة، بعد توقف حركة البيع والشراء بشكل شبه كلي، في حين يسارع البعض ممن باشر مشروعهم في وقت سابق إلى إنهاءه بأسرع وقت لتفادي التعرض للخسارة.

وتوقع الشاب أن يترك إغلاق المعابر بين إقليم كردستان ومناطق شمال وشرقي سوريا تأثيرا سلبيا على حركة البناء وقطاع العقارات بشكل عام، ذلك أنه أدى إلى ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت بنحو 30% خلال أقل من عشرة أيام.

وكان قطاع العقارات قد تحول إلى ملاذ آمن بالنسبة لأصحاب الأموال في المنطقة وخارجها، وكان من المألوف أن تتداول مواقع التواصل أنباء عن بيع عقارات بمبالغ وصلت فاقت في بعض الحالات 300 ألف دولار الأمر الذي دفع رواد مواقع التواصل إلى مقارنة القامشلي ومدن أخرى في شمال وشرقي سوريا بمدن أوربية وعربية من حيث غلاء السكن.

وفي ظل تدهور الأوضاع المعيشية لغالبية السوريين مع تراجع متوسط الرواتب والأجور بنسبة كبيرة، تحول شراء بيت أو شقة سكنية إلى حلم أقرب للمستحيل لفئة الشباب.

الهجرة وانخفاض الأسعار

وبحسب إدريس حسين وهو صاحب مكتب عقاري في الحي الغربي، فإن حجم العرض في قطاع العقارات بات يفوق حجم الطلب بشكل كبير جدا، وقد بات بيع عقار سكني منذ شهر وحتى الآن أمرا بالغ الصعوبة ولا يحدث إلا إذا كان البائع مضطرا نتيجة ظروف قاهرة وحاجة إلى المال.

وأشار حسين إلى أن العقار الذي كان يباع بـ40 ألف دولار يباع بنحو 30 ألف أو أقل، وأنه لولا ارتفاع نسبة الهجرة من المنطقة واضطرار البعض لبيع مساكنهم فإن حركة البيع متوقفة تماما.

اقرأ أيضاً: طرطوس.. إيجار المنزل بـ ٣٥٠ ألف ليرة والمحل التجاري بمليون ونصف!

وقال سليمان محسن من سكان الحي الغربي إن زوجته وأولاده وصلوا إلى ألمانيا مؤخرا وأنه بات ينتظر إتمام إجراءات لم الشمل، ونظر لحاجته إلى المال فقد اضطر لبيع شقته بسعر 27 ألف دولار، وهو كان قد رفض بيعها بـ36 ألف دولار خلال الصيف الماضي.

و رغم هطول كميات من الأمطار منذ ثلاثة أيام، يتوقع متعهدوا بناء أن يستمر الركود في قطاع العقارات والبناء فترة إضافية،  فيما لو بقيت المعابر مغلقة مع إقليم كردستان لفترة طويلة.

ويمني الكثير من أصحاب العقارات أن تعود الحركة إلى الانتعاش من جديد بعد أعياد رأس السنة، في حال استمر هطول الأمطار خلال الفترة القادمة.

وقد ساهم هطول الأمطار الأخيرة في تنفس المزارعين بمناطق شمال وشرقي سوريا الصعداء، خاصة لمن أقدم على زراعة أرضه وكان في خشية من أن ينب البذار ويتلف قبل أوانه، خاصة وأن موسم العام الفائت كان من أسوأ المواسم طوال العشرين سنة الأخيرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.