الأزمة السياسية في العراق: ماذا يعني فشل البرلمان في انتخاب رئيس الجمهورية؟

الأزمة السياسية في العراق: ماذا يعني فشل البرلمان في انتخاب رئيس الجمهورية؟

ما تزال الأزمة السياسية في العراق، اللاحقة لنتائج الانتخابات التشريعية، في أوجها، رغم مرور ستة أشهر على انتهاء الإقتراع الشعبي. ويرافق هذا التوتر السياسي ترقب شعبي لنتائج الجلسة البرلمانية الخاصة بإنتخاب رئيس الجمهورية، المزمع عقدها يوم السبت السادس والعشرين من آذار/مارس.

وكانت الكتل السياسية قد فشلت في تسمية رئيس الجمهورية الجديد في الجلستين البرلمانيتين الماضيتين، بسبب الصراع السياسي بين أعضاء التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي الموالي لإيران من جهة أخرى. ولجوء الأخير الى إعلان تمسكه بمفهوم الثلث الضامن أو المعطل في معارضته السياسية.

والثلث المعطل هو مبدأ نتج عن المادة 70 من الدستور العراقي، التي تم اعتمادها منذ عام 2005. وتنص على ضرورة حصول مرشح رئاسة الجمهورية العراقية على أصوات ثلثي أعضاء البرلمان العراقي. وهو ما يعطله قدرة الإطار التنسيقي على دفع أكثر من ثلث أعضاء البرلمان للتغيّب عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ما يزيد من تعقيد الأزمة السياسية في العراق.

كيف يزيد الثلث المعطل من حدة الأزمة السياسية في العراق؟

الباحث القانوني شاكر العبيدي يؤكد أن “المادة 70 من الدستور تحدد النصاب القانوني لانتخاب رئيس الجمهورية بمئتين وعشرين نائبا. وفي حال عدم تسمية أحد المرشحين، يعلن رئيس الجلسة عن فتح باب الاقتراع، الذي يفوز به الحاصل على أغلبية الأصوات”.

وبيّن العبيدي، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “الكتل السياسية كانت تتوافق فيما بينها حول المرشح المناسب لمنصب رئاسة الجمهورية قبل التصويت. فيما تعد الأزمة السياسية الحالية في العراق مستجدة، وهو ما دفع بالمحكمة الإتحادية الى التذكير بالمادة 70 من الدستور، رغبة منها في إنهاء حالة السبات السياسي”.

وأضاف: “رغم حسن نوايا المحكمة الإتحادية فقد صب تدخلها في صالح الإطار التنسيقي، وإصراره على عدم تمرير أي مرشح للرئاسة بدون موافقته، اعتمادا على قدرته على مقاطعة جلسة الانتخاب”.

وكان نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، وزعيم حزب الدعوة المنضوي في الإطار التنسيقي، قد أكد تمسكه بالثلث المعطل، “منعا لتشكيل حكومة ضعيفة”، بحسب تغريدة نشرها على صفحته الشخصية في تويتر. وهو ما اعتبره البعض ردا على الدعوة التي وجهها الصدر إلى المستقلين من أجل حضور الجلسة البرلمانية، والتصويت على مرشح رئاسة الجمهورية. وهو ما صعّد الأزمة السياسية في العراق.

أزمة سياسية لمنع الصدر من تشكيل الحكومة

ولكن لماذا يعطي  الإطار التنسيقي كل هذه الأهمية لمبدأ الثلث المعطل؟

الباحث السياسي عمر البرزنجي يرى، في حديثه لـ”الحل نت”، أن السبب “نابع من محاولة  الإطار التنسيقي لمنع الصدر، وهو عدو الإطار التاريخي، من تولي مهمة تشكيل الحكومة العراقية. ومن جانب آخر فقد شكلت نتائج الإنتخابات صدمة للإطار، خاصة وأن أحزابه اعتادت على تشكيل الحكومة العراقية منذ عام 2005”.

وكان الإطار التنسيقي، بالتعاون مع حزب الإتحاد الوطني الكردستاني، قد عمل على إبعاد هوشيار زيباري، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني المتحالف مع الصدر، من واجهة المنافسة السياسية، إثر دعوى رفعها الطرفان إلى المحكمة الاتحادية العراقية. وبذلك صار الصراع على منصب رئاسة الجمهورية أحد أهم فصول الأزمة السياسية في العراق.

هل هنالك اتفاق سري بين الصدر والإطار لحل الأزمة السياسية؟

ولكن هل هناك احتمال لوجود إتفاق سري بين التيار الصدري وقادة الإطار التنسيقي، على خلفية الإتصالات التي جمعت الطرفين مؤخرا؟

 الباحث السياسي عثمان الموصلي يستبعد هذا. ويعلل رأيه بحدة تصريحات الطرفين، مؤكدا أن “الأزمة السياسية في العراق تجاوزت المساومات إلى مرحلة إبراز القوة السياسية، باستعمال كل طرف للقانون من أجل تحقيق طموحاته”.

ويوضح الموصلي، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “ما يعزز الأزمة السياسية في العراق هو مراهنة الإطار التنسيقي على احتمالية إعادة الانتخابات العراقية، في حال فشل الجلسة النيابية القادمة بانتخاب رئيس الجمهورية. إضافة إلى أن الضغط على الصدر قد يدفعه للتفاوض، وإشراك الإطار التنسيقي في الحكومة المقبلة. أي أن يقبل بتشكيل ما يسميه الإطار الكتلة الشيعية الأكبر”.

وبالمقابل يأمل الصدر، بحسب الموصلي، أن “تستوفي الجلسة النيابية القادمة نصابها القانوني، وهو ما ظهر واضحا في التغريدة التي نشرها قبل فترة، والتي عبر فيها عن أمله بحضور المستقلين إلى الجلسة، ما يؤدي لنجاحها بانتخاب رئيس الجمهورية، وبذلك يخرج منتصرا من الأزمة السياسية في العراق”.

ماذا إذا فشلت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية؟

يتوقف نجاح الجلسة البرلمانية القادمة بانتخاب رئيس الجمهورية على عدة متغيرات سياسية، أهمها مشاركة المستقلين والكتل السياسية الجديدة في عملية انتخاب رئيس الجمهورية.

مصدر من داخل البرلمان العراقي كشف لـ”الحل نت” عن “أنباء تفيد أن التيار الصدري نال استجابة بعض المستقلين، إضافة إلى الجبهة التركمانية. ولكنه لم يستوف حتى الآن نصاب الثلثين”.

ويؤكد المصدر لموقع “الحل نت” أن “نجاح الجلسة البرلمانية المقبلة سيكون بمثابة ضربة حظ للصدر. أبطالها المستقلون والكيانات الجديدة المنبثقة عن انتفاضة تشرين”.

موضحا أن “فشل الجلسة سيؤدي إلى أحد أمرين: إما أن يتدخل المجتمع الدولي لحل الأزمة السياسية في العراق، وهو أمر قد يكون مرتبطا بتصاعد الصراع بين الغرب وروسيا، على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، وحاجة الولايات المتحدة الى زيادة الصادرات النفطية العراقية، وهو ما لا تستطيعه الحكومة الحالية كونها حكومة تصريف أعمال؛ أو أن ينتقل الصراع إلى مرحلة جديدة أكثر عنفا، من خلال عودة الاستهدافات والاغتيالات بين الطرفين”.

مقالات قد تهمك: الصراع على الحكومة العراقية: هل تقوم إيران بإشعال مدن الجنوب للضغط على الصدر؟

من جانب أخر يعتقد الخبير القانوني شاكر العبيدي أن فشل “الجلسة النيابية المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية أو تأجيلها يعتبر مخالفة صريحة لقرار المحكمة الإتحادية، الذي يسمح بتقديم أسماء المرشحين لمرة واحدة. ومن ثم سيكون البرلمان العراقي أمام مأزق كبير، قد يؤدي إلى حله بإيعاز من المحكمة، وإجراء انتخابات مبكرة جديدة. وهو ما سيوصل الأزمة السياسية في العراق إلى ذروة جديدة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.