الصراع على الحكومة العراقية: هل تقوم إيران بإشعال مدن الجنوب للضغط على الصدر؟

الصراع على الحكومة العراقية: هل تقوم إيران بإشعال مدن الجنوب للضغط على الصدر؟

تصاعد الصراع على الحكومة العراقية بشكل كبير في الفترة الأخيرة، في ظل الانسداد السياسي المستمر، الذي تشهده الساحة السياسية في البلاد. وتمسك مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، تمثّل الأحزاب الفائزة بالكتل النيابية الأكبر في الانتخابات الأخيرة، وتستبعد الخاسرين، وأبرزهم القوى الموالية لإيران.
ومنذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003 تواجه العملية السياسية في العراق سلسلة من الأزمات والتعقيدات. لا سيما فيما يخص تشكيل الحكومات المتعاقبة، وتسمية الرئاسات الثلاث.
ومؤخرا زار إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، مقر زعيم التيار الصدري في النجف. وحاول التوسّط لإشراك الأحزاب الموالية لطهران في الحكومة العراقية. الأمر الذي رفضه الصدر، وأبدى تمسكه بموقفه القاطع، الرافض لانضمام قوى الإطار التنسيقي، الذي يضم الفصائل المسلحة الموالية لإيران، إلى التشكيلة الحكومية الجديدة.
مراقبون أشاروا إلى أن إيران لن تقبل باستبعاد دورها في الحكومة المقبلة. وستعمل بكل الإمكانيات المتاحة لثني الصدر عن قراره. وقد تلجأ لنشر الفوضى في البلاد، عن طريق الفصائل المسلحة المرتبطة بها. ما ينذر بتصاعد الصراع على الحكومة العراقية إلى حدود غير مسبوقة.

قآاني وشروط الصدر

وكشف مصدر سياسي مطلِع أن “إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس الإيراني، أبلغ قيادات الإطار التنسيقي بضرورة الدخول بحكومة الأغلبية، التي ينادي بها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر”.
وقال المصدر، في حديثه لموقع “الحل نت”، إن “قاآني طالب جميع قيادات قوى الإطار التنسيقي بضرورة الحفاظ على شكل ومضمون البيت الشيعي خلال الصراع على الحكومة العراقية. والقبول بشروط الصدر، التي تقتضي إقصاء زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ومنعه من المشاركة في الحكومة”.
موضحا أنَّ “قاآني حث الأحزاب الموالية لطهران على إبداء المرونة مع شروط الصدر. وأنْ لا يسمحوا بتقويض نفوذ إيران في العراق. من خلال الإصرار على إشراك قيادات في الحكومة المقبلة، مرفوضة من قبل الصدر”.

إيران ستضع ثقلها في الصراع على الحكومة العراقية

محمد التميمي، الكاتب والباحث في الشأن السياسي، يقول إن “إيران منزعجةٌ بشكلٍ كبيٍر من تصرفات زعيم التيار الصدري، بإصراره على استبعاد الأحزاب الموالية لها من التشكيلة الحكومية”.
لافتا، في حديثه لموقع “الحل نت”، إلى أن “إيران تدرك بأن عدم مشاركة الفصائل والميلشيات المرتبطة بها في الحكومة العراقية المقبلة يعني تقليص نفوذها في العراق بدرجة كبيرة جدا. ولذلك ستشارك في الصراع على الحكومة العراقية”.
ويتوقع أن “تقوم إيران بنشر الفوضى في المدن العراقية المختلفة. عبر إحداث الفتن والاقتتال الداخلي بين الفصائل الشيعية. وتحديدا بين الفصائل الموالية لها والتيار الصدري. فضلا عن دعمها لعودة التطرف في المدن السنية”.
وكان مقتدى الصدر قد أوقف المفاوضات مع الكتل السياسية، في موقف عبّر فيه عن رفضه للضغوط الخارجية والداخلية، لإشراك قوى الإطار التنسيقي في الحكومة المقبلة.

الصراع على الحكومة العراقية بات صراعا مسلحا

وخلال الفترة الماضية تبادلت الفصائل المسلحة، وتحديدا عصائب أهل الحق، بزعامة قيس الخزعلي، وسرايا السلام، بزعامة مقتدى الصدر، الاغتيالات في محافظة ميسان. كما شهدت المحافظة اغتيال أحد أبرز القضاة. ما دفع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي لإرسال قوة عسكرية لضبط الأوضاع هناك.
ويرى مختصون أن أحداث ميسان هي الشرارة الأولى لتصاعد الصراع على الحكومة العراقية، ومحاولة للضغط على التيار الصدري للعدول عن موقفه.
رياض المسعودي، النائب عن التيار الصدري، يؤكد، في تعليقه على الصراع على الحكومة العراقية، وأحداث محافظة ميسان الأخيرة، أن “الصدر لن يخضع للضغوط، سواء الداخلية أو الخارجية، مهما كان حجمها أو ثقلها”.
ويتابع المسعودي، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “الصدر يعتقد بأن المرحلة الحالية هي مرحلة مفصلية ومهمة. وأي تراجع عن قرار تشكيل حكومة الأغلبية، يعني عودة الأمور للمربع الأول. دون إحداث أي تغيير ينتظره الشارع العراقي”.
مؤكدا أن “الصدر يحترم جميع دول الجوار، بما فيها إيران. ولكنه يريد أن يكون القرار عراقياً بحتا. على أن تقام أفضل العلاقات مع الدول المختلفة، على أساس الاحترام المتبادل”.

لا أغلبية ولا توافقية

ويرى مراقبون أنه على وقع تصاعد الصراع على الحكومة العراقية، والأحداث الأخيرة، السياسية والأمنية منها، قد لا تنشأ أية حكومة في المدى المنظور، سواء كانت “أغلبية وطنية” أو “توافقية”. وهو ما يعرّض العملية السياسية الجارية إلى الشلل. وسط مخاوف من دخول البلاد في مرحلة جديدة من الفوضى الأمنية. خاصة في ظل السلاح المنفلت، ونفوذ الميلشيات المسلحة المرتبطة بإيران.
يجري هذا في وقت قررت فيه المحكمة الاتحادية العراقية، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، تحديد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية العراقي بحضور أغلبية الثلثين من أعضاء البرلمان. ما يعني أنه بإمكان القوى الموالية لإيران تعطيل عمل الجلسات المقبلة.

مقالات قد تهمك: “الحمزة أبو حزامين ما يعرف تاليها”.. “الإطار” يحتضر أمام الصدر

هذا الأمر قد يجعل الصدر يخضع لبعض شروط الإطار التنسيقي في الصراع على الحكومة العراقية، على أمل التمكن من عقد جلسة البرلمان المقبلة، والمضي بتشكيل الحكومة الجديدة في البلاد. مما قد يعني التنازل عن إصراره على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، لحساب حكومة توافقية، تشترك بها القوى الموالية لإيران.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.