نشر مركز “ستراتفور” الأمريكي للدراسات الأمنية والاستراتيجية، تقريرا خاصا حول أبرز التوقعات لأهم الملفات السياسية حول العالم لسنة 2021، وكذلك أهم الاحتمالات التي ستحدد مسارها في عام 2022.

عودة بايدن إلى التعددية

أشارت توقعات “ستراتفور” وفق ما ترجم موقع “الحل نت” إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ركزت على إعادة بناء العلاقات مع الحلفاء خلال عام 2021، الأمر الذي شهد زيادة تعاون الولايات المتحدة مع دول أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا والمحيط الهادئ لتحدي صعود الصين في التكنولوجيا والمناخ، في الغالب من خلال زيادة العقوبات. بالإضافة إلى ذلك،زادت المشاركة في الاتفاقيات والمؤسسات الدولية، كما يتضح من خلال عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ. كما حافظت إدارة بايدن على موقف عدائي ضد الصين، بينما كانت تحاول بناء تحالف دولي متماسك ضد بكين.

المفاوضات مع إيران

كما كان متوقعا، حوّلت إدارة بايدن الإستراتيجية في الشرق الأوسط بعيدا عن نهج سلفها المتشدد، من خلال الدخول في مفاوضات نووية مع إيران. كان هناك تقدم بطيء متوقع. في الوقت الذي فاز فيه المحافظون في الانتخابات الرئاسية الإيرانية خلال العام، ما زاد من التوقعات بأن إيران ستقوم بمفاوضات مع الولايات المتحدة.

توقع “ستراتفور” بأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سوف يضغطان للحد من النشاط النووي الإيراني والصاروخي والإقليمي. وقد تم تضمينه كل ذلك في مطالب الوفد الغربي.

وساعدت حالة عدم اليقين الأولية التي أحاطت بنهج الولايات المتحدة تجاه إيران في دفع التطبيع بين إسرائيل والقوى الإقليمية الأخرى. وتم إضفاء الطابع الرسمي بنجاح على جهود التطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة. وفي حين لم يكن هناك تطبيع رسمي بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، عزز البلدان علاقاتهما غير الرسمية، مما يشير إلى استمرار الدفء في العلاقات في المجالات ذات الاهتمام المشترك، بحسب وصف التقرير.

تزايد استياء أوبك بلس

ارتفعت أسعار النفط أعلى بكثير من التوقعات بحلول نهاية عام 2021. ومع ذلك، شهد العام خلافات داخلية ممتدة بين أعضاء “أوبك بلس” بشأن نطاق ووتيرة تخفيف تخفيضات الإنتاج. وبينت توقعات “ستراتفور” في وقت سابق أن تكون هناك تحديات أمام تخفيضات الإنتاج التي تقودها السعودية، وتحديد العراق ونيجيريا وكازاخستان وروسيا على وجه الخصوص كمشاركين قد يتراجعون. وفي نهاية المطاف، تولت الإمارات العربية المتحدة المهمة للوصول إلى قرار في تموز، حيث شهد العراق وروسيا زيادات في حصص إنتاجهم.

فرص القوى الوسطى في المحيط الهادئ

حافظت الولايات المتحدة على محورها نحو آسيا، حيث بقيت اليابان محورا رئيسيا لاستراتيجية واشنطن، لتحقيق التوازن مع الصين. ومع ذلك، بينما توقع “ستراتفور” باستمرار التوترات بين أستراليا والصين. كما أشارت التوقعات في وقت سابق إلى أن تحافظ الولايات المتحدة على تركيزها على علاقتها مع تايبيه من خلال مبيعات الأسلحة والنشاط البحري في مضيق تايوان.

في حين لم تخفف واشنطن الزيارات الدبلوماسية، حيث شهد شهر آذار أول زيارة رسمية لسفير أمريكي إلى تايوان منذ أكثر من 40 عاما.

انتعاش اقتصادي سريع في أوروبا

بينت التوقعات حول كيفية نجاح الاقتصادات الأوروبية خلال العام الثاني من جائحة كورونا، فكان الانتعاش الاقتصادي في أوروبا متفاوتا بين الشمال والجنوب. وانتعشت اقتصادات الشمال بوتيرة أسرع وتجاوزت مستويات الناتج المحلي الإجمالي التي كانت سائدة في فترة ما قبل جائحة كورونا في عام 2021، بينما لا يتوقع أن يتعافى العديد من الاقتصادات في جنوب أوروبا تماما حتى عام 2022 أو حتى عام 2023.

نهاية عهد ميركل في ألمانيا

اتخذت ألمانيا خطواتها الأولية الأولى في حقبة ما بعد ميركل في عام 2021، بعد إجراء الانتخابات الفيدرالية في 26 أيلول/سبتمبر. وكانت المفاوضات لتشكيل الحكومة الألمانية الجديدة طويلة نسبيا، حيث استغرق الأمر شهرين لتحالف ثلاثة أحزاب للتوصل إلى اتفاق.حيث شكلت حكومة معتدلة في ألمانيا، حيث تم استبعاد الأحزاب المتطرفة من محادثات التحالف.

في الوقت الذي بقيت فيه ألمانيا ملتزمة بالاتفاقية الخضراء للاتحاد الأوروبي، لا سيما بالنظر إلى أن حزب الخضر جزء من الائتلاف الحاكم الجديد في البلاد.

المملكة المتحدة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي

كما أشارت توقعات “ستراتفور” لعام 2021، فقد حاولت المملكة المتحدة التوصل إلى صفقة تجارية مع الولايات المتحدة، ولكن لم يؤت أي شيء ثماره.

في حين لم تكن بريطانيا قادرة على الوصول الكامل إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي للشركات في قطاعها المالي، حيث ظل “بروتوكول أيرلندا الشمالية” نقطة شائكة رئيسية في المفاوضات بين بروكسل ولندن خلال العام الماضي. كما فاز الحزب الوطني الأسكتلندي في الانتخابات التشريعية في الربيع بتأييد ساحق، لكنه لم يتخذ أي خطوات ملموسة نحو الاستقلال، مما يشير إلى توقعات أخرى.

الاقتصاد السياسي المتقلب لتركيا

بدأت تركيا عام 2021 بسياسة نقدية تقليدية صديقة للسوق، لكنها عادت إلى استراتيجية الرئيس رجب طيب أردوغان لخفض أسعار الفائدة في تموز/يوليو. وشهد النصف الثاني من العام عدم استقرار الليرة التركية بشكل متزايد. لقد استخدم أردوغان وحزبه الحاكم سياسة خارجية عدوانية كتكتيك لمحاولة صرف الانتباه عن المشاكل الاقتصادية المحلية.

تعافي اقتصادي خليجي غير مؤكد مع إدارة أمريكية جديدة
سحبت الكويت من الاحتياطيات المالية لتمويل عجز ميزانيتها، كما أشارت توقعات “ستراتفور”. كذلك تحسنت علاقات كل من عمان والبحرين مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى خلال العام الماضي، مما أدى إلى بعض المساعدة الاقتصادية.

تفتت العلاقات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة خلال العام الماضي، بل وشهدت بداية منافسة اقتصادية. وكانت الرياض وأبو ظبي أيضا أقل تركيزا على الضغط من أجل عزل إيران.

انتعاش اقتصادي ضعيف في روسيا

كان أداء الاقتصاد الروسي في عام 2021 أفضل مما أشارت إليه “ستراتفور”، بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية. في حين فرضت إدارة بايدن عدة عقوبات جديدة على روسيا هذا العام، وأبرزها في نيسان، ولم يتم رفع أي عقوبات ملحوظة. وشهدت انتخابات أيلول قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعويض ضغوط الهبوط الأخرى، بما في ذلك نزوح العمال وارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب التضخم، مع مدفوعات اجتماعية لمرة واحدة قبل الانتخابات البرلمانية في أيلول.

العلاقات الروسية الغربية تستمر في التدهور

أظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن دعما متزايدا لنظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، كما يتضح من اجتماع أيلول/سبتمبر 2021 بين الزعيمين. وبعد تمديد معاهدة “ستارت الجديدة”، لم يتم إبرام أي اتفاقيات ملموسة لإعادة العلاقات الدبلوماسية أو الحد من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا. ولم تنفذ إدارة بايدن أحكام قانون مكافحة خصوم أمريكا الشمالية بقوة كما توقعنا. ومع ذلك، فإن هذا يرجع إلى حد كبير إلى معارضة “الكونغرس” الأمريكي.

زعيم بيلاروسيا متشبث بالسلطة

ظلت بيلاروسيا نقطة احتكاك بين روسيا والغرب على مدار العام. في وقت احتفظ بالسلطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى اتفاقية التكامل مع روسيا، التي تواصل حجب المزيد من الدعم الاقتصادي القوي. كما أذعن لوكاشينكو لمطالب روسيا بشأن الاندماج في أيلول وبشأن شبه جزيرة القرم في تشرين الثاني. لا توجد حتى الآن خطة واضحة لخلافة لوكاشينكو.

سيظل اقتصاد الأرجنتين متهالكا

استمرت الأزمة الاقتصادية في الأرجنتين في عام 2021، حيث أدت الانتخابات النصفية في تشرين الأول إلى استمرار الإنفاق الاجتماعي المرتفع طوال العام. وفي حين سعت الحكومة إلى مواصلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فإن الاتفاق مع نادي باريس في حزيران لتأجيل المدفوعات حتى عام 2022 يعني أنه لا توجد متطلبات رسمية لبوينس آيرس للوفاء بها.

استمرار الاضمحلال البطيء في فنزويلا

كما هو متوقع، نجا نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على الرغم من ثقل العقوبات الأمريكية. لكن هذه العقوبات استمرت في إجبار الحكومة الفنزويلية على اللجوء إلى خصوم الولايات المتحدة للحصول على الدعم، مع اعتماد كاراكاس بشكل متزايد على إيران على وجه الخصوص للحصول على الوقود، كما يتضح من تسليم ثلاث ناقلات وقود في كانون الثاني وشباط 2021. وكان هناك تأثير ضئيل على استراتيجية واشنطن تجاه فنزويلا، حيث أظهرت إدارة بايدن إحجاما عن فرض العقوبات. واستؤنفت المفاوضات السياسية بين نظام مادورو والمعارضة الفنزويلية في آب، لكن الموقف الضعيف للمعارضة وانسحاب نظام مادورو من تلك المحادثات في تشرين الثاني أغلق النافذة على القرارات المحتملة.

سياسة الولايات المتحدة تجاه المكسيك تعود إلى حالها

كان الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور جريئا في تنفيذ السياسات الشعبوية في عام 2021، حيث شهدت انتخابات التجديد النصفي خسارة حزبه الحاكم بعض المقاعد، مما جعل الإصلاح الدستوري أكثر صعوبة. ومع ذلك، كان نهج الولايات المتحدة تجاه المكسيك أكثر عدوانية من توقعات “ستراتفور”، ويرجع ذلك على الأرجح إلى تراجع الجمهوريين في الكونجرس الأمريكي وسط موجة غير متوقعة من المهاجرين الهايتيين في أعقاب الاضطرابات السياسية في الجزيرة.

وعاد تهديد موجة جديدة من المهاجرين إلى الواجهة في أيلول، عندما تجمع الآلاف من الهايتيين الذين يطلبون اللجوء في الولايات المتحدة بالقرب من جسر في ديل ريو، تكساس.

النمو الاقتصادي المرتفع سيخفي القضايا الأساسية في الهند

نما الاقتصاد الهندي بسرعة في عام 2021، رغم أنه وصل إلى مستويات ما قبل الجائحة من الناتج الاقتصادي قبل نهاية العام. وكما كان متوقعا، حاول رئيس الوزراء ناريندرا مودي أيضا تمرير إصلاحات تنظيمية، لكنه واجه حواجز في شكل مقاومة سياسية وشعبية، حيث قوبل التعاون بين الأحزاب المتنافسة على مستوى الدولة برد فعل شعبي عنيف، مما أضعف فعاليتها. وفي أوائل عام 2021، أصبح احتجاج المزارعين عنيفا بشكل متزايد واستمر على مدار العام.

تخفيف التوترات على الحدود الصينية الهندية

خفت التوترات على طول الحدود الصينية الهندية بشكل مؤقت، لكن فشلت عدة اجتماعات بين المسؤولين العسكريين الهنود والصينيين في عام 2021 في التوصل إلى أي حلول بناءة. وركزت الصين والهند على مواصلة تطوير البنية التحتية وتوسيع القوات على كلا الجانبين، كما هو متوقع، مما يشير إلى تهدئة العنف، ولكن ليس إنهاء الصراع.

جنوب الصحراء الكبرى الافريقية

شهد عام 2021 زيادة في العنف في إثيوبيا، بعد أن شن رئيس الوزراء أبي أحمد هجوما على منطقة تيغراي الشمالية في تشرين الثاني 2020. ومع ذلك، لم يكن من المتوقع أن يتحول هذا الهجوم إلى حرب أهلية شاملة. وحجب التعتيم الإعلامي في إثيوبيا مستوى التدريب والتنسيق الذي كانت تقوم به جبهة تحرير تيغراي الشعبية خلف الكواليس، مما ساعدهم على استعادة مكيلي عاصمة تيغراي الإقليمية بنجاح في وقت سابق من هذا العام، والدفع جنوبا أكثر ليصبح تمرد واسع. وواجه رئيس الوزراء آبي انتكاسة شديدة. ومع ذلك، استمر حلفاؤه في دعمه في مواجهة المصداقية والشرعية التي تضررت.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة