بالتزامن مع الجولة الثامنة من محادثات فيينا بخصوص البرنامج النووي الإيراني، وبروز الإختلافات بين الأولويات الإيرانية والأمريكية، تصاعدت عدة هجمات لقوات إيرانية وعراقية ضد القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة.

إذ استهدفت ثلاث هجمات صاروخية على عدة مراكز وقواعد عسكرية أمريكية، إحداها في عين الأسد في العراق، و بعد ساعات من تلك الهجمة، تم توجيه 8 قذائف صاروخية على قاعدة أمريكية في شمال شرق سوريا.

فما الذي تسعى إليه إيران من هذه الهجمات؟ وما هي التطورات حول النفوذ الإيراني في المنطقة؟

اقرأ أيضاً: مع استمرار مفاوضات فيينا: هل التوافق الأميركي-الإيراني يعرقل المخططات الروسية في سوريا؟

ورقة تفاوض من أجل الضغط على أمريكا في المفاوضات

الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام، رشيد حوراني، قال لـ “الحل نت”، إن إيران منذ تدخلها في سورية عملت على تعزيز نفوذها في نقطتين استراتيجيتين جنوب سوريا وشرق سورية وبالتحديد في دير الزور، لتستثمر هذا التعزيز العسكري بالتصعيد ضد غيرها من الأطراف “أمريكا وإسرائيل” والضغط عليهم عند الحاجة.

 وبالتالي تحويل هذا النفوذ وضبطه إلى ورقة تفاوض، مستفيدة من كل ذلك من تحالفها مع روسيا وإن كان هذا التحالف يندرج تحت صنف تحالف الضرورة، لأن روسيا بحاجة الميليشيات الإيرانية في وقت لا تزال خطوط التماس بين القوى غير ثابتة وقابلة للتغيير، وحاجة إيران لروسيا بتأمين الغطاء السياسي لها حول تواجدها في سورية إلى حد ما، وفق ما قاله حوراني.

وأضاف الباحث، أن ما تسعى إليه طهران بات واضحا للمتابع لسياستها خلال منذ سقوط النظام العراقي وحتى اليوم، وأنها تعتمد سياسة حافة الهاوية مع خصومها، وتجيد المناورة العسكرية والسياسية في آن معا، وتحقيق أهدافها بشكل مرحلي وليس دفعة واحدة.

وأشار إلى أن، موقف اليوم الذي يتزامن فيه التفاوض معها على ملف برنامجها النووي تريد إيصال رسالة لأمريكا القبول ببرنامجها النووي إلى الدرجة الذي وصل إليه مقابل تحديد نفوذها ووقف التصعيد الميداني في المنطقة.

تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة

ومن وجهة نظر حوراني، فإن تأثير ذلك هو تنامي الدور الإيراني المزعزع للمنطقة في ظل تراخي أمريكي في التعامل معه بشكل مباشر.

وهذا التنامي أصبح بمثابة فزاعة للدول العربية يدفعها للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي؛ من جهة. وعدم السماح لدول المنطقة، أو بالأحرى عدم وجود مشروع واضح لتلك الدول، وعلى رأسها السعودية للحد من نفوذ إيران ولجم أذرعها، فمثلا تمتلك السعودية اليوم أبوابا متعددة لضرب المشروع الإيراني في سورية واليمن ولبنان وفي إيران نفسها إن دعمت الحراك في الأحواز ضد نظام الملالي، وفق حوراني.

وفيما يتعلق بالمتوقع من التطورات في ملف مواجهة النفوذ الإيراني بالمنطقة، رأى حوراني أنه لا يمكن التعويل على أمريكا في هذا الشأن، ولا بد من إجراءات لدول المنطقة المتضررة أو المتخوفة من النفوذ الإيراني ومشروعه من بناء استراتيجية واضحة تعتمد استخدام نوعي القوة.

وهما القوة الناعمة وبناء دولة المواطنة وإشعار الشيعة العرب أنهم مواطنون في مجتمعاتهم وليسوا جزء من ولاية الفقيه، وتوجيه الخطاب للداخل الإيراني وتوعيته من مخاطر مشروع نظام الملالي ولهذا أرض خصبة في المجتمع الإيراني الذي يتململ بالأساس.

والقوة الخشنة بدعم الثوار السوريين لضرب الميليشيات الإيرانية خاصة أن تلك الميليشيات لها تجربة قاسية معهم، وتلك التجربة أجبرت قائد الحرس الثوري الإيراني القتيل قاسم سليماني أن يقود المعارك بنفسه في درعا 2016م بسبب الخسائر الفادحة التي لحقت بتلك الميليشيات، وغيرها من المواقع، حسب ما قاله حوراني.

اقرأ أيضاً: محادثات فيينا حول الملف النووي الإيراني: هل ستتنازل واشنطن وطهران عن شروطهما الأساسية للتوصل لاتفاق؟

الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا

وتستمر في فيينا محادثات الجولة الثامنة من المفاوضات المتعلقة بالاتفاق النووي الإيراني، وسط خلافات وعقبات، وتأكيدات ألمانية بأنها دخلت مرحلة حاسمة.

ونقلت الجزيرة عن مصادر مقربة من المفاوضات إن اختلاف الأولويات بين إيران والقوى الغربية يشكل واحدة من أهم العقبات التي تواجهها المباحثات، حيث تركز إيران على رفع العقوبات وتطالب بضمانات، بينما تركز القوى الغربية على ضرورة الالتزامات النووية الإيرانية أولا.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إن المحادثات مع إيران دخلت مرحلة حاسمة، مشيرة إلى  أن إيران بددت الكثير من الثقة، وأنه لا يوجد الكثير من الوقت لإحياء الاتفاق النووي، وذلك خلال مؤتمر صحفي مع نظيرها الأميركي أنتوني بلينكن.

وتهدف المفاوضات الجارية إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني بعد تعطله إثر انسحاب الولايات المتحدة منه في فترة رئاسة دونالد ترامب في 2018 بعد عام من توليه منصبه، في حين ردت طهران بالتنصل من التزاماتها المترتبة على الاتفاق.

وتجري هذه المفاوضات بين إيران ومجموعة “4+1” (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين)، وحضور مندوب الاتحاد الأوروبي، وتشارك الولايات المتحدة ولكنها لم تلق بالوفد الإيراني وجها لوجه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.