تحركات روسية متزايدة على الأرض السورية، تثير التساؤلات حول معانيها ومغزاها في مثل هذا الوقت، فمن مناورات عسكرية في السويداء، إلى اجتماعات أمنية في الرقة، ومنها إلى سعي لتجنيد مقاتلين جدد يتبعون الرؤية الروسية في كل من تدمر وريف حمص الشرقي. 

قد يكون التقارب الروسي الإسرائيلي وفتح المجال أمام الصواريخ الإسرائيلية لضرب إيران في سوريا، هو أيضا من أحد أشكال التحركات الروسية التي قد تندرج ضمن مواجهة النفوذ الإيراني، أو حتى أنه قد يندرج ضمن إطار تكريس النفوذ الروسي وتوسيعه في سوريا. 

مكاتب تجنيد لصالح موسكو

في إطار عدم توفير موسكو لأي خطوات من شأنها إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، افتتحت مؤخرا مكاتب في مناطق عدة، لا سيما في تدمر والمناطق الوسطى، بهدف استقطاب أبناء تدمر والمناطق المحيطة بها وعموم بادية حمص الشرقية إلى اللواء الثامن المقرب من القوات الروسية.

وبحسب مصادر محلية فإن القوات الروسية كلفت أشخاصا بمهمة التواصل مع أهالي تدمر القاطنين في مناطق النفوذ التركي شمالي سوريا، وتقديم ضمانات ومغريات لهم للعودة إليها والانتساب للواء.

للقراءة أو الاستماع: عناصر “داعش” السابقين ضمن عمليات التسوية الجديدة في دير الزور

استقطاب عناصر الميليشيات الإيرانية

ويرى الكاتب والباحث في الشأن الروسي سامر إلياس، أن التنافس بين روسيا وإيران بدأ يأخذ طابعا مختلفا في سوريا مؤخرا، حيث أن “العلاقة بين روسيا وإيران في سوريا علاقة معقدة، الطرفان ساهما بشكل أساسي في إنقاذ النظام، وساعدا بعضهما الآخر، ولكن بدا واضحا أن هناك تنافسا بينهما، في عدة مجالات”.

ويقول إلياس في حديثه لـ“الحل نت“: “الجانب الروسي معني بتخفيف الوجود العسكري الإيراني بشكل كبير في مناطق الجنوب وهو ما يتمثل في العملية العسكرية في الجنوب، في محافظة السويداء تحديدا، بكونها في المنطقة  الجنوبية وبوابة للبادية السورية، لقطع أي إمكانية لنقل الأسلحة عبر المناطق الجنوبية من العراق إلى سوريا”.

ويعلق الباحث في الشأن الروسي على افتتاح روسيا لمكاتب تجنيد قرب حمص وتدمر بالقول: “فيما يخص مناطق شرقي حمص وتدمر، هناك تنافس بين الإيرانيين والروس أيضا للسيطرة على هذه المنطقة، هي منطقة مفتاحية بالنسبة لوسط سوريا هي أيضا يمكن أن تشكل جزء من الطريق إلى العراق ولبنان عبر الأراضي السورية”.

ويضيف: “من ناحية أخرى هناك تنافس على الموارد البشرية وتجنيد السوريين في هذه المناطق كما هو الحال في دير الزور والبوكمال، الجانب الروسي يريد أن تكون له الغلبة في هذا الموضوع، ويكون مسيطر على الميليشيات المكونة السوريين، الروس بحاجة إلى دعم من المقاتلين نظرا لاستمرار نشاط داعش، وعدم رغبة روسيا بمشاركة الميليشيات الإيرانية في هذا الموضوع”.

الجيش الروسي كان قد أعلن يوم أمس الاثنين، أن وحداته أشرفت على “مناورة تكتيكية شاملة” أجراها الجيش السوري في محافظة السويداء جنوب غربي سوريا.

وقال ممثل القوات الروسية في سوريا، أليكسي زخاروف، “استخدمنا وحدات من مجموعة تكتيكية، ومجموعة تكتيكية مختلطة من القوات السورية ومجموعة مدفعية مختلطة، تتكون من أنظمة إطلاق صواريخ متعددة، بالإضافة إلى وحدات فرعية للدبابات”.

وأضاف زخاروف أن القوات الحكومية “أدت المناورة بفعالية”، مشيرا إلى أنه “تم تقييم الرفاق السوريين على أنهم جيدون وممتازون”، وفق ما نقلت وكالة “نوفوستي” الروسية.

وبرزت مؤخرا مساعي روسيا لإبعاد إيران من الساحة السورية، لا سيما عندما تحدثت مصادر عن منع روسيا تفعيل المضادات الجوية، عندما قصفت إسرائيل مواقع ومعدات للميليشيات الإيرانية في ميناء اللاذقية.

من صحراء العراق إلى البادية السورية

ويبدو أن الروس باتوا منزعجين من المنهجية الإيرانية في سوريا. إذ تشير التقارير الصحفية إلى أن القوات التي تدعمها إيران استغلت سيطرتها على المنافذ الحدودية بين العراق وسوريا في جلب الدعم البشري واللوجستي لقواتها. واستغلال البقع الصحراوية لبناء مقرات فيها كما يحصل في العراق.

فمنذ مطلع عام 2011، وجدت إيران مقاربات مختلفة لزيادة نفوذها العسكري والأمني ​​في سوريا. كان النهج الأول من خلال العمل المباشر عبر استجلاب القوات الأجنبية الموالية لها وتجنيد عناصر محلية. وكان هدفها الأساسي دمج قواتها في الجيش السوري وفروعه الأمنية لمنحهم مكانة قانونية في سوريا. ومظلة حماية من الضربات الجوية الإسرائيلية أو الأمريكية المحتملة.

وعليه، ووفقا لحديث محللين فإن انتشار النفوذ الإيراني في سوريا، بات لا يتماشى مع القوات الروسية. وإن لم يكن بطريقة سريعة أو واضحة.

للقراؤة أو الاستماع: دير الزور: “ربع الله” فصيل إيراني يثير هلع الأهالي في الميادين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة