لا يزال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، السياسي المهيمن في تركيا، بعد المنصب الذي تولاه لعقد أو أكثر. ولكن السياسة التي اتبعها خلال جلوسه على كرسي الحكم أظهرت أن 42 بالمئة من الشعب التركي باتوا غير راضيين عن هذه المنهجية.

تلونت تركيا خلال حكم أردوغان بعدة مواقف ولا سيما بالملف السوري، إذ ما زال أردوغان يصر على تنحي  الرئيس السوري بشار الأسد، في حين أنه دخل في حلف مع موسكو وطهران، ما أدى إلى تسوية جزئية أعادت نسبة كبيرة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية إلى سيطرة حكومة دمشق. 

بناء على ما سبق، يبرز سؤال جوهري، حول إذا ما أسقطت سياسة أردوغان، الديمقراطية التي كانت تعرف بها تركيا، فبات الأخير لا يختلف عن رؤساء بعض الدول المستبدة والمتخبطة سياسيا مثل روسيا، وفق تقديرات محللين سياسيين.

لا مزيد من التدخل التركي في سوريا

في دراسة استقصائية أجرتها شركة “ميتر بول” مؤخرا، أظهرت أن الشعب التركي بات يرى تراجعا في نسبة مواقف أردوغان الوطنية بنسبة 49.8 بالمئة. مرجحين خسارة الرئيس التركي وحزبه الحاكم “حزب العدالة والتنمية”، الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلتين.

ويعتقد المحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، في حديثه مع “الحل نت”، أن تقلبات أردوغان ليست متناقضة، إنما هي توجه نحو ما يسير عليه المجتمع الدولي. ولكن الضرر الذي حصل مع تركيا أن رئيس البلاد أردوغان بدأ تدخله في الملف السوري بسقف عالي ثم وجدت نفسها لوحدها.

وأضاف أوغلو، أن التدخل التركي في الملف السوري وصل منتهاه، قائلا: “هذا أقصى ما يمكن أن تفعله تركيا، فهي ليست قادرة على أكثر من ذلك”.

للقراءة أو الاستماع: هل تتجهز تركيا للتطبيع مع دمشق؟

الملف السوري وتأثيره على أردوغان

ويشير أحد المحللين السياسين، والذي يقطن في أنقرة، لـ”الحل نت”، إلى أنه لم يعد المجتمع الدولي يهتم بعلاقته مع تركيا، لا سيما فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبشكل أكبر أميركا. وباتوا يرون في أردوغان صديقا وحليفا موثوقا به في أنقرة. 

وأوضح المحلل، الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، وخوفا من اتخاذ قرار بترحيله من قبل السلطات التركية، أن قادة هذه الدول يرون في أردوغان شخصية استبدادية تستخدم المشاعر القومية والإسلامية الجديدة. وكراهية الأجانب ورهاب أوروبا، والشعور بعدم الثقة الاجتماعي الذي أحدثته الأزمة السورية. لتبرير الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي أحدثتها قواته داخل سوريا وحتى خارجها. بالإضافة لسياساته المناهضة للاتحاد الأوروبي.

وذكر المحلل، أن تركيا وتحت قيادة أردوغان، رغم أنها لا تزال عضوا في الناتو، لكنها حليف وثيق لروسيا. وفي سوريا، أكد أردوغان على تنحي الرئيس السوري، لكنه دعم موسكو وطهران في تمكين الحكومة السورية وحربها ضد الشعب السوري.

للقراءة أو الاستماع: هل بات التحدث إلى الأسد هو الخيار الوحيد لتركيا في سوريا؟

خيارات تركيا غير المستساغة في سوريا

ويرى الباحث في مركز “كارنيغي” للدراسات، فرانشيسكو سيكاردي، أنه بين آب/أغسطس 2016 و بين الفترة الحالية، شنت تركيا أربع عمليات عسكرية في شمال سوريا. خدمت كل عملية أهدافا محددة وتم تصميمها للاستجابة للسيناريوهات المتغيرة بسرعة على الأرض.

ومن الممكن تحديد الأولويات الرئيسية التي شكلت سياسة تركيا تجاه سوريا على مر السنين. حيث يتلخص نشاط الحكومة التركية في سوريا في جوهره، بحسب سيكاردي، بأنه مدفوعا بالسياسات الداخلية. وساعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحزبه في الحفاظ على السلطة.

وبشكل عام، يعتقد سيكاردي، أنه لم يكن تدخل أنقرة في سوريا مصدرا للصراع -أو للتقارب- مع شركائها التقليديين وجيرانها في جميع أنحاء المنطقة. إلا أن التدخل زود تركيا بأدوات جديدة لإدارة سياسة خارجية “أكثر عدوانية”. بحسب وصفه.

وكانت تركيا وطأت أولى أقدام قواتها في سوريا في الـ24 من أغسطس/آب 2016، عندما أطلقت عملية “درع الفرات”، في شمال شرق حلب (مناطق جرابلس والباب) ثم أتبعتها في يناير/كانون الثاني 2018، بعملية عسكرية تحت مسمى “غصن الزيتون” سييطرت فيها والفصائل السورية التابعة لها منطقة عفرين بريف حلب. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019 أطلقت أنقرة معركة على الحدود الشمالية لسوريا بين بلدتي تل أبيض ورأس العين. تحت مسمى “نبع السلام” لتسيطر عليهما أيضا آنذاك. برضى روسي في العمليات العسكرية التي أدت إلى عمليات تهجير ونزوح وساهمت بزيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة.

للقراءة أو الاستماع: “التواجد العسكري في سوريا”.. أبرز أسباب التوتر الجديد بين روسيا وتركيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة